لست وحدك: كيف نتعامل مع الحزن

1642

بقلم: وفاء فاروق

دعني أخبرك يا صديقى برفق أن الحزن لا ينتهي بنهايه سحرية في وقت معين. حينما يفارقك شخص عزيز عليك، تجد نفسك في مواجهة ألم الفقد مرارًا وتكرارًا.. قد يختلف شعور الحزن ورد فعل الذكرى من شخص إلى آخر. وتختلف طريقة التعبير بعد مرورك بمراحل مختلفة، تبدأ بالإنكار ومرحلة “ماذا لو؟”.

ثم الرغبة في الانسحاب من الحياة، وهي لا تعني بالضرورة أنك مريض نفسي، ولكن هي استجابة تلقائية لخسارة كبيرة كهذه، فتشعر بحزن عميق، يبدو كأنه سيستمر إلى الأبد، فنرى لا جدوى من الإكمال، ومحاولة إقناع المحيطين بك أن هذه المراحل لا تنفي أنك راض بقضاء الله. ولكن أصبح قلبك فارغًا حقًا، فإدراك أن شخصًا عزيزًا عليك لن يعود، لهو أمر محبط، والمرور بذلك خطوة مهمة للتصالح مع الوضع.

التعايش وقبول الحزن

من ثم تأتي مرحلة القبول بحقيقة أن محبوبنا قد رحل فعلًا، والاعتراف بأن هذا الواقع الجديد هو الواقع الدائم. لن نحب هذا الواقع لكننا نستقبله ونتعايش معه، نتقبل الحزن لأن التقبل هو الوسيلة الوحيدة للاستمرار. قد تعيش هذه المراحل في دقائق، شهور أو حتى سنين، وهكذا. وقد تنهار لأمر يحدث للمرة الأولى دون فقيدك أو حتى لكلمة عابرة ذكرتك به، وهذا لا يعني أنك عدت لنقطة الصفر، فهذه التفاصيل ليست سوى محطات، قد تحتاج للمرور بها في رحلاتك لاتصاله مع واقعك الجديد.

وقد تظن مثلاً أنك تخطيت الصدمة، وتنهار باكيًا على أمر سخيف. تذكُر أنك بكيت مرة بعد ليلة سعيدة قضيتها مع أصدقائك، فقط لأنك نظرت إلى تاريخ يذكرك بذكرى مع فقيدك، تختلف طريقة التعبير يا صديقي، ولكن الحزن واحد.

أنت لست وحدك في الحزن

ولكن أنت وحدك فقط من تحدد طريقة تعبيرك عن حزنك بما يريحك وبالمدة التي تناسبك. واعلم أن حزنك واكتئابك أمر طبيعي، وليس في المقابل ممارستك لحياتك الطبيعية تعني أنك لم تحزن، لا تنس أن اختيارك قد لا يناسب غيرك، فعبر عن حزنك بطريقتك، ودع الآخرين يفعلون ذلك أيضًا، لا تعش صراعًا بين أمر التعافي وأمر شعورك بنوع من الخيانة للفقيد، عندما تعيش يومًا طبيعيًا.

تجاوز هذا الصراع يا صديقي، بإدراكك أن الأمرين لا يتعارضان، ولا تضع قالبًا لحزنك، ولا تقس على نفسك، فالحياة تشبه شعورك المتقلب، وستأتي أيام لن تطيق فيها شيئًا، عش حزنك خلالها ولا تكبت شعورك أو تهرب منه، وفي أيام أخرى سترغب في التخطي والتنفيس عن مشاعرك بممارسة حياتك الطبيعية، وعندها لا تصدق الصوت الذي يشعرك بالذنب، ويخبرك بأن متعتك المؤقتة تعني نسيانك لفقيدك.

لا تجعل أحدًا يبخس حقك في الحزن

الجأ إلى قلب صديق، واحكِ له ما تشعر به، استشعر رحمات الله وقت وقوع الابتلاء وبعده، فحاشاه أن يبتليك دون أن يدبر لك الأمر، فالنفحات الربانية التي تغلف القلب برضا وصبر جميل ستجيئك دومًا. تشبث بالدعاء وتحدث عمن فقدت كل يوم، فهناك من جعل من ذكرى من رحل ذكريات تجعلهم خالدين. افعل ما سيجعله سعيدًا لو كان حيًا.. جدد يقينك أن كل شيء يجري بقدر الله، وبتوقيت معلوم لا ندرك حكمته، وأخيرًا طوبى لمن يحب حبًا يجمعهم بأحبائهم في دار غير الدار.

المقالة السابقةكيف ترى نفسك؟
المقالة القادمةكيف أنقذني الامتنان؟
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا