بالأمس نامت ابنتي ثم استيقظت باكية عدة مرات، ولم أستطع تهدئتها إلا بعد عناء شديد، وخلال ذلك كان عقلي يدور حول سبب بكائها المفاجئ.
هل هي متأثرة نفسيًا بسبب ذهابها للحضانة؟
هل أهملتها أثناء اليوم فظهرت نتيجة ذلك أثناء النوم؟
هل لأني حرمتها من الألعاب عندما تشاجرت عليها مع صديقتها؟
هل لا ترتدي ملابس كافية وبردت؟ أم قد تكون مريضة؟
والكثير من الأسئلة التي لا تتوجه فيها أصابع الاتهام إلا إليّ وحدي، بعد ساعة من الإحساس بالذنب وقراري ألا تذهب إلى الحضانة اليوم التالي وتقضيه معي، على الرغم من انشغالي الشديد هذا اليوم، اكتشفت أن سبب كل هذا البكاء مجرد “بعوضة ضئيلة” قرصتها عدة مرات وأيقظتها من النوم، ولم تحتج سوى تشغيل جهاز طرد الناموس للتخلص منها.
هذا السيناريو ليس جديدًا عليّ، فالإحساس بالذنب تجاه طفلتي يلازمني مرافقًا لحبي لها منذ كنت حاملاً، دومًا أنا مُقصّرة في الشيء ونقيضه، بلا أي معقولية ولا انتباه لكوني أبذل أقصى ما في جهدي من أجلها.
بعد القليل من البحث وجدت أن هذا ليس شيء أمرّ به وحدي، بل معروف عالميًا باسم“Mom Guilt” والذي لا يتوقف عند مراحل الأمومة الأولى فقط، عندما يكون الطفل ضعيفًا وهشًا وفي حاجة إلينا بالفعل، ولكن يمتد بعد ذلك لباقي عمره وشؤون حياته، فإن اختار الابن أو الابنة طريقًا خطأ أو خيارًا غير صحيح أو الزوج غير المناسب، أول سؤال يتبادر في ذهن والدته “ماذا فعلت خطأ أثناء تربيته؟”.
وكل خطوة وقرار في حياة الطفل يتسبب معه في ندبة جديدة من الشعور بالذنب، سواء اختيار مدرسة أو حضانة أو اللغة الثانية التي سيدرسها، فكرة السيطرة الكلية على حياة كائن آخر بالفعل مرعبة إن فكرنا فيها بطريقة الأمهات.
وبالطبع الأم العاملة هي التي تتصدر قائمة الأمهات الشاعرات بالذنب، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال قلّت نسبة الأمهات اللواتي يعملن بدوام كامل من 32% إلى 21% خلال عشر سنوات.
وعندما اضطررت منذ ستة أشهر لتأجيل دراسة ابنتي ذات العامين والنصف وقتها، عامًا آخر، بالطبع فتح هذا بابًا جديدًا للشعور بالذنب، حتى تحدثت مع والدتي حول الأمر، ووجدت أنها مرت بذات الشيء معي منذ سنوات عديدة، والشعور بالذنب تنازعها لسنوات طويلة، ولكن ها أنا امرأة عاقلة ناجحة في حياتها، والأشياء التي فشلت فيها لم تكن بسبب عدم التحاقي بالحضانة في صغري، بدا شعورها بالذنب في هذه اللحظة غير منطقي بالنسبة إليّ، أي أن شعوري بالتبعية أيضًا غير منطقي.
وعندما بحثت أكثر عن أساليب العلاج من “الذنب لدى الأمهات” وجدت عدة نصائح قد تكون مفيدة لي ولكُنّ:
– كوني واقعية، حيث إن الكمال في الأمومة غير منطقي، وتقبّلي أنك ستقومين بالأخطاء رغمًا عنك من وقت لآخر، والتي ستحاولين تصليحها وتعويض أطفالك عنها قدر الإمكان.
– توقفي عن نصب المحاكم لنفسك، فما تفعلينه جيد بما فيه الكفاية، وتوقفي عن مقارنة نفسك بأمهات أصدقاء أولادك أو جيرانك، واعرفي أن كل عائلة حالة مختلفة.
– انزعي ملابس سوبر ماما، وتأكدي أن الحب هو المطلب الوحيد منك لتصبحي سوبر ماما.
– ركزي على الأمور الإيجابية التي تؤدينها، فبدلاً من التفكير في كل الأشياء التي لا تقومين بها، فكري فيما تفعلينه بطريقة صحيحة.
– اضحكي وتعلمي من أخطائك.
– اعلمي أن القليل من الشعور بالذنب صحي، فهو يعني أنك مهتمة بعائلتك.
– لا تقسي على نفسك، ففي الكثير من الأحيان نكون أصعب نقاد لأنفسنا، تنفسي وفكّري أن الغد يوم آخر ستكونين فيه أمًا أفضل.
– كوّني لنفسك مجتمعًا داعمًا، كمجموعة من الصديقات والأمهات من عمرك ذوات شخصيات داعمة، وليست من النوع الذي يحاكم الآخرين، ويريد أن يظهر نفسه الأم الأفضل فقط.
النصائح السابقة كلها جيدة جدًا، ولكن الأهم منها أن نتذكر كل يوم قبل النوم أننا فعلنا كل ما في وسعنا وقدّمنا لأولادنا أقصى ما في استطاعتنا، وأي تقصير حدث لم يكن بقصد بالتأكيد.
الحياة في حد ذاتها صعبة وقاسية، وأعين الآخرين المُسلّطة نحونا طوال الوقت لتُشيّعنا بالاتهامات كافية للغاية، وليس هناك مجال لنجلد نفسنا يوميًا بسياط الشعور بالذنب، ويكفي أن طفلك أو طفلتك ضحك من قلبه اليوم لتعتبري نفسك أمًا جيدة، وغدًا يوم آخر.
مصدر:
http://www.huffingtonpost.com/mia-redrick/mothers-guilt-tips_b_1118865.html
عدة نصائح تصلح لعلاج الـ Mom Guilt