استنى اللمبة النيون

696

 

بقلم/ آلاء عبد الرحمن

كم مرة كنت مكتئب وقلت أنا زعلان وفضفضت؟ نداء الاستغاثة الأخير اللي بنبعته لأي حد إحنا بنقدره ومهم عندنا عشان يحسسنا بقيمتنا ويقولنا إن مفيش حاجه تستاهل. والنفس اللي بتاخده عنده بالدنيا واللي فيها.

 

طول عمري زعلانة إن أمور حياتي العادية مبتمشيش بالساهل، غالبًا بشيل همها ولازم أتحط في مواقف تخليني أفكر وأقلق وآخد قرار.. مع إنها عند الناس بتخلص توماتيكي، زعلانة دايمًا إن المواقف دي كتير وغالبًا تضايق أو محرجة.. وبتفضل دايمًا تاكل ف دماغي وتخبط فيها زي نقّار الخشب، لحد ما الأمور تتم وأرتاح، وبعدين ييجي موضوع تاني أبتدي أفكر فيه. وهكذا سلسلة كبيرة مبتخلصش.

 

أكتر الناس اللي بتحس بكده همّ اللي دماغهم شغالة 24 ساعة مبتفصلش، فيه شخصيات ربنا ادّالهم ميزة يوقفوا دماغهم بجد، يسيبوها على الله واللي يحصل يحصل، اللي هو تصرفي هيغيّر إيه! عملت اللي عليّ وخلصنا.

 

مبقولكش اعزف ع الكمان والسفينة بتغرق زي عازفين التايتينك، بس ع الأقل خلّي النوتة ف دماغك، أهو حتى تغرق وإنت مبسوط.

 

في لحظات التفاؤل والتفكير المنطقي الحلوة اللي بتيجي تزور دماغي فجأة وبعدين تختفي وتتسرب، بقول طيب الحمد لله، ع الاقل دي لحظات انتظار لمواقف تعتبر تافهة مقارنة بمواقف تانية. فيه ألف حد حالاً بينتظر مواقف أصعب: نتيجة عينة الكبد، معاد جرعة الكيماوي، وقت غسلة الكلى الجديدة. الأبطال دول بيروحوا المواقف وبيستنوها وهمّ مبتسمين مبيندبوش حظهم، ولو عملوا كده ع الأقل على حاجة تستاهل مش على مواقف غبية وتافهة. اﻷبطال دول همّ اللي لما يموتوا هيموتوا مرضيين جدًا وفوق وشهم هتكون فيه لمبات نيون تديهم القدر اللي يستاهلوه من النور اللي مخدوهوش وهمّ عايشين، بعد ما اختبروا كل حاجة في الحياة ومخافوش.

 

يمكن المأساة ف حياتنا في الحاجات اللي مخبيينها، “الناس مستخبية ف هدومها” مقولة صح 100%. تعرف إيه عني؟ دراستي، وضعي الاجتماعي، حتى مظهري اللي مخبّي كتير، كل ده ولا حاجة.

متعرفش قلبي اتكسر كام مرة.. ضعفت، اتهنت، اخترت غلط وعاملة نفسي أم العريف وأنا بنصح الكل كام مرة؟! زي ما إنت ماسك قلبك وخايف يقع منك ف أي حتة ومداري وجعه بضحكة سخيفة.

هو ده قلبي برضو اللي أنا شايلاه ف قبضتي المقفولة.

 

دلوقتي كل ما تشوف لمبة نيون افتكر إن كل مشاويرك الصعبة، مواقفك اللي خايف منها، قرارتك اللي بتخليك متنامش، حتى مصيبتك اللي ف الجامعة هتخليك حتى تقابل العميد، أو المشكلة اللي هتدخلك القسم، معاد ميتينج مع المدير واحتمال تتهزأ فيه، الحد اللي عليك له فلوس وبتفضل شايل همّ الدين لما تقابله.. متجيش ثانية وجع ف مواقف تانية.

 

قولّي عدى عليك كام مصيبة، ودّعت كام حد بتحبه قدام عينك؟ اتحرجت واتخوّنت ونمت نِفسك متصحاش؟ كمّل.. واجه بشجاعة.. قاوم الخوف والجبن.. اضحك للي جنبك ف المترو وشد على قبضة إيده المقفولة.

 

مفيش مكافأة كبيرة من غير تضحية. يمكن ف يوم تستاهل بسببهم لمبة نيون. تنوّرلك جزء من حياتك اللي راحت فتعرف سبب كل حاجة كانت قدامك ومتقسمتلكش.. معرفتهاش.. وقتها هتقدر تعيش ف الحياة اﻷبدية بروح طايرة متطمنة.. منورة.. بيشوفوها الناس شهب ف السما ويتمنوا أمنية.

 

 

 

 

 

المقالة السابقةالذنب الذي ينهش قلوب الأمهات
المقالة القادمةالمسافات المُقدسة
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا