زاوية كاميرا

1142
بقلم: روكسان رأفت

وخلص شهر رمضان في لمح البصر كالعادة، وساب لنا ذكريات؛ سواء إن كانت خاصة بأجوائه وطقوسه وما يتبعه من أحداث بالشارع، أو تخص كل ما يقدم على شاشات التليفزيون، وما يتبعها من أجواء حميمية على السوشيال ميديا من إعلانات ومسلسلات وبرامج.
الناس متعودة تسميه السباق الرمضاني؛ نظرًا لكثرة ما يقدم على الشاشات من تنوع في المسلسلات، وتعدد وجوه الممثلين، ووجود فرص لكثير من الوجوه الجديدة.
لكني أسميه “البوفيه المفتوح”، فمش بحس بالمنافسة بين الأعمال المختلفة -وإن كان يتصدر القائمة مسلسلين أو أكثر يحظون بشديد إعجاب الجماهير. لكني بشوفه زي أصناف أكل كثيرة على السفرة، وكل واحد وذوقه.
واحد من أطعمة المائدة الرمضانية التلفزيونية لهذا العام هو مسلسل”الهرشة السابعة”.
شاهدت فيديو قصيرًا تشويقيًّا قبل بداية شهر رمضان لهذا المسلسل، وشعرت أنني في الغالب سوف أتحمس لمتابعته، خصوصًا وأنا مغرمة بكل ما يحكي عن الجواز والعلاقات وتفاصيلهم الكثير.
تابعت المسلسل متأخرة عن موعد إذاعة حلقاته، فوجدتني أقفز لكثير من الأحداث في غير موعدها نظرًا لحرقها على مواقع التواصل الاجتماعي! .. لا أخفيكم سرًّا لم أغضب، لأنني اكتشفت أن ما يهمني ليس فقط ما حدث؟ لكن أيضًا كيف حدث؟ فحتى لما عرفت إيه اللي حصل بين آدم ونادين، لقيتني عايزة أتفرج حصل إزاي؟ إيه الكواليس والتفاصيل وازاي كانت المشاعر بينهم وازاي ظهرت عليهم؟
طبعًا تناولت العديد من الصفحات -متخصصة كانت أم لا- كواليس المسلسل؛ كوسيلة إيضاح لشرح موضوعات بعينها داخل إطار الجواز. زي التواصل، الأنانية، الغضب، النضج، وغيرها من الأعمدة التي تؤثر على صحة هذا الكيان.
كانت الهرشة السابعة تدور حول آدم ونادين، لكن في رأيي المتواضع، وبعد ما خلصت مشاهدة المسلسل أن حلقاته لا بد أن تدور حول “شريف وسلمى”!. بالرغم من تسليط الضوء على آدم ونادين وتفاصيل حياتهم؛ إلا أن ما يستحق أن يدرس ويشرح فعلًا هو جواز شريف وسلمى. فأنا شايفة اللي حصل في حياة شريف وسلمى كان أجدر أن ينهي جوازهم أكثر من نادين وآدم.
في البداية محاولة الهروب من مسئولية الحب بطلب شريف أن يعيشا معًا بدون زواج، مرورًا برفضه الإنجاب، وصولًا للحدث الجلل؛ وهو إسدال الستار على أمر صعب قديم في حياة شريف، وهو إنجابه لفتاة تبلغ من العمر ستة عشر عامًا من سيدة أجنبية بدون زواج.
بالطبع كل المشكلات مؤلمة، وكلها تؤثر في الزواج؛ لكنني أرى أن مشكلات شريف وسلمى أصعب، أكبر، وتأثيرها قاتل. وعلى نقيض ما أحكي يستطيع شريف وسلمى البقاء في علاقة من أكثر العلاقات حبًا لقلبي.
فإذا عقدنا مقارنة بين العلاقتين سنرى عدة نقاط:

1- الحديث عن المشاعر والأفكار بحرية في مقابل اللوم والدفاعية.

كل حوار بين آدم ونادين ينتهي بخناقة، لكن كل حوار بين شريف وسلمى بينتهي باتفاق حتى ولو كان تأجيل الاتفاق! قالتله عايزة أخلف، انفعل وعيطت بس اتفقوا أنه هيأخذ وقته ومستعجلتهوش لكن انتظرته بكل هدوء وحب، وفي المقابل هو مطنش وكان بيطمنها كل شوية ويقولها أنا مش ناسي.

2- أسف حقيقي في مقابل فض المجالس.

آدم طول الحلقات بيعتذر لكن وبعدين؟ ولا حاجة، ولا أي تغيير ورغم انبهار المتابعين على السوشيال ميديا بأن راجل بيعتذر إلا أني مكنتش بصدقه، علشان أسفه مغيرش حاجة في الخناقة اللي بعدها. لكن في المقابل، كل مرة شريف أو سلمى كانوا بيعتذروا كان ده بيبقى بجد، بدون تبرير أو دفاع عن النفس، بصدق وجدية ورغبة في التغيير، كانوا أحيانًا بيسألوا بعض: أعمل إيه علشان أريحك؟

3- طلب حقيقي للمساعدة في مقابل حط التراب تحت السجادة.

آدم ونادين محلوش ولا مشكلة بينهم في رأيي، وحتى لما الحلقات انتهت على أنهم غالبًا هيرجعوا لبعض، ده كان مجرد شوية حنين لمشاعر وعشرة. لكن في رأيي أول ما يرجعوا يعيشوا مع بعض هترجع نفس المشاكل مرة تانية! .. في المقابل شريف وسلمى راحوا لحد متخصص، حكوا وطلعوا وفهموا نفسهم قبل ما يفهموا بعض، اتفقوا على خطوات، جربوا يسمعوا بعض قصاد طرف ثالث يشرح ويفهم ويساعد.

4- إعطاء فرصة جديدة ومختلفة في مقابل التعميم.

نادين على فكرة لسه شايفة آدم زي ما هو، وآدم لسه شايفها زي ما هي، لسه بيدافعوا عن نفسهم قصاد بعض. في المقابل سلمى سمحت لنفسها ولشريف أنها تشوفه بطريقة مختلفة، ومتحكمش عليه وعلى علاقتهم في ضوء غلطة واحدة، حتى وإن كانت كبيرة ومؤلمة. وفي رأيي اللي ساعدها في ده هو اعتذاره الحقيقي، هو مهارته في الموازنة ما بين أنها تأخذ وقتها تتضايق وتستوعب، وما بين أنه مهتم ومركز معاها مش مطنشها. كمان نضوجها هي ومساعدتها لنفسها أنها تقبل البنت وتشوفها من برة دايرة جرحها، تشوفها إنسانة لها الحق في الأبوة.

في رأيي المتواضع المسلسل بيدور حول شريف وسلمى مش آدم ونادين. ببساطة إيه الضمان أن آدم ونادين لو رجعوا لبعض بعد لحظات الدلع والحنين مشاكلهم هتتحل؟ لكن بصراحة اللي عدوا بمشاكل زي شريف وسلمى، وكملوا حياتهم؛ هما بس اللي واقفين على أرض صلبة وإن كان مفيش ضمان للآخر.

وفي النهاية هيفضل نجاح العلاقات مرهون بالرغبة في البقاء ومحاولات فهم الآخر المستمرة.
كل موسم رمضاني وأنتم طيبين.

 

المراجعة اللغوية: عبد المنعم أديب.

المقالة السابقةالانسجام مع الله
المقالة القادمةالموت جزء من الحياة
مساحة حرة لمشاركات القراء

7 تعليقات

  1. Hey! Someone in my Facebook group shared this website with us so I came to look it over. I’m definitely enjoying the information. I’m bookmarking and will be tweeting this to my followers! Great blog and wonderful design.

  2. I do love the manner in which you have presented this specific difficulty plus it does give me a lot of fodder for consideration. On the other hand, from everything that I have observed, I simply hope as other comments stack on that individuals stay on issue and in no way get started on a tirade involving some other news du jour. Yet, thank you for this fantastic piece and although I do not necessarily agree with this in totality, I value your perspective.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا