كيف أدمنت النساء التسوق الإلكتروني: الأسباب والعلاج

2238

هل سبق لكِ أن وجدتِ نفسك تشترين أشياءً لا تحتاجين إليها فقط لجعل نفسك سعيدة؟ هل لاحظتِ سلوكك الشرائي طوال الفترة السابقة، تحديدًا مع بداية انتشار كوفيد-19 والعزل المنزلي؟ هل دفع بكِ الحظر إلى زيادة معدل التسوق الإلكتروني ؟ هل تشعرين بسعادة بالغة كلما اقتنيتِ أشياءً أكثر؟ هل تتسارع دقات قلبك كلما حان موعد تسلم ما طلبتِه، حتى وإن كان أدوات تزلج على الجليد ونحن فى دولة إفريقية حارة في منتصف شهر يوليو؟

إذا كانت الإجابة على معظم الأسئلة السابقة بنعم، فأنتِ إما امرأة تمارس بقصد أو دون قصد ما يعرف باسم الـRetail Therapy – العلاج بالتسوق، وإما للأسف وقعتِ في فخ الـoniomania – إدمان التسوق.

هل يشتري المال السعادة؟

حالة التوتر والضغط العصبي التي خلقها الخوف من الوباء والعزلة الاجتماعية، دفعت الكثير من النساء إلى البحث عن بدائل توفر لهن الشعور بالسعادة والرضا، فاتجه الكثير منهن إلى التسوق الإلكتروني خصوصًا أن الأمر لا يكلف سوى نقرات بسيطة على شاشة الهاتف المحمول، ليشعرن بعدها أنهن أقل توترًا وأكثر سعادة، وحصلن على ما يتمنين دون أدنى مجهود.

يطلق على تلك العملية اسم العلاج بالتسوق “RetailTherapy”، أي التسوق مقابل تحسين حالتك النفسية، وبالرغم من أن المصطلح ليس جديدًا نسبيًا، حيث ظهر فى ثمانينيات القرن الماضي، فإنه مع تزايد الإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي وزيادة عمليات الشراء، كان لا بد من معرفة الرابط بين ذلك الثالوث: القلق، الشراء، السعادة.

تعرفي على: دليل سوق العتبة والموسكي في مصر

القلق.. الشراء.. السعادة

وفقًا لدراسة منشورة في مجلة “علم نفس المستهلك”، فإن الأشخاص يتجهون إلى الشراء والتسوق كآلية من آليات التكيف، خصوصًا في الأوقات التي يشعرون فيها بعدم قدرتهم على السيطرة والتحكم في الظروف المحيطة بهم. تقول إمى مورين، أخصائية نفسية: “إن التسوق يمكن أن يمنحك نوعًا من الإحساس الزائف بالتحكم في الظروف والأحداث المحيطة بك. الأمر الذي يفسر زيادة التسوق عبر الإنترنت، كشكل من أشكال تخفيف حالة التوتر والقلق التي تسبب فيها انتشار الوباء والعزلة الاجتماعية”.

تعزز الإحصاءات هذه الدراسة، فوفقًا لدراسة أخرى منشورة في مجلة “علم النفس والتسوق” تناقش الحالة المزاجية وعلاقتها بالتسوق، فإن  28٪ من المتسوقين اتجهوا للشراء بدافع الاحتفال بمناسبة ما، أو لتلبية احتياج ما. في حين أن 62٪ من المتسوقين أجروا عمليات شرائية لتحسين حالتهم المزاجية فقط، وليصبحوا أقل توترًا وأكثر سعادة.

لماذا يحسن التسوق مزاجك؟

تشير الدكتورة إليزابيث يوكو، أستاذ مساعد في جامعة فوردهام، وكاتبة متخصصة في الصحة النفسية، في تقرير لها منشور على موقع Thrive global إلى أن التسوق عبر الإنترنت يمنحك حالة من التحرر من مشاعرك السلبية، كالقلق والتوتر. وتُرجع السبب في ذلك لرأي الطبيب النفسي ديون ميتزعر، بأن العلاج بالتسوق هو وسيلة للإلهاء عن المشكلة أو الحالة التي تسبب لك التوتر والضغط، فطوال فترة تصفحك للمواقع الإلكترونية فأنت أقل تركيزًا على الضغوط التي تواجهك.

1. الشعور الفوري بالإشباع

بالإضافة إلى أن التسوق الإلكتروني يعطي حالة من الإشباع الفوري للمتسوق، فتأثيره يشبه تأثير تناول وجبتك أو مشروبك المفضل، عندما تكوني حزينة. الأمر الذي يخلق لكِ حالة من السعادة والنشوة المؤقتة، حيث يغمر التسوق الدماغ بالدوبامين، نفس المادة الكيميائية التي يتم إطلاقها من خلال بعض الأدوية التي تزيد من المتعة، وتعطينا إحساسًا عامًا بالسعادة والراحة.

2. الحصول على ضالتك

فكرة البحث عن شيء معين والعثور عليه أمر مُرضي نفسيًا جدًا، لأنه يبعث فيك آمالاً جديدة لشراء أشياء أخرى تشعرك بالرضا.

3. الشعور بالمكافأة

الضغوط النفسية التي يعيشها بعض الأشخاص، وسيطرة مشاعر كالتوتر عليهم، تعطيهم الضوء الأخضر للمضي قدمًا في عملية الشراء، كنوع من أنواع مكافأة الذات على ما قد مروا به من مشاعر أو مواقف سلبية، فمن السهل التفكير بصوت عالِ وقول “لقد مررت بمواقف عصيبة لذا أنا أستحق أن أحصل على مكافأة”.

الجانب المظلم من القصة الـoniomania

على الرغم من أن الأمر يبدو مطَمئنًا ومريحًا فإن لكل شيء جانبين، جانب مشرق وجانب مظلم، فالوجه الآخر للعلاج بالتسوق هو الـ Oniomania، أو ما يعرف باسم إدمان التسوق. تلك الرغبة غير المحددة للشراء التي تحول إحساسك بالسعادة بعد كل عملية شراء إلى إحساس بالتسكين للتوتر والقلق لا يتنهي، رغم استمرارك في الشراء.

كيف ينقلب السحر على الساحر؟

تقوم فكرة العلاج بالتسوق في الأساس على فكرة الشعور بالرضا، نتيجة الحصول على منتج معين، إلا أن ما يحدث عكس ذلك، فأنتِ ترغبين في شراء منتج معين، لكن تكتشفين أن سعادتك تزول بمجرد الحصول عليه، مما يدفعك إلى شراء منتج آخر، ربما تجدين ضالتك فيه، وهكذا في عملية بحث مستمرة عن غاية لا تصلين إليها.

تراجع الإحساس بالمتعة

نشرت جامعة إكسفورد دراسة تفسر ذلك الشعور بأن السعادة تكمن في الرغبة في الحصول على المنتج. إلا أن مع الحصول على المنتج واقتنائه يحدث ما يعرف باسم “تراجع المتعة”، والتي تعمل كمحرك جديد للبحث عن متعة جديدة، تتمثل في إجراء عملية شراء أخرى.. وهكذا، إلى أن يتحول الأمر إلى سلوك متكرر.

هل الأمر يتطلب العلاج؟

تشير الدراسات إلى أن على الرغم من أن هناك بعض الآراء التي تصنف إدمان التسوق الإلكتروني كشكل من أشكال اضطراب الوسواس القهري، إلا أنه لم يتم تضمينه وبعض الأنشطة الأخرى القائمة على الكمبيوتر التي تحتوي على مكون إدماني، بما في ذلك الإباحية والمقامرة  عبر الإنترنت، ولعب ألعاب الفيديو، كاضطرابات إدمان قائمة بذاتها حتى الآن.


وسواء تم الاعتراف بالتسوق عبر الانترنت كإدمان قائم بذاته أم لا، فالأمر يتطلب منكِ الاعتدال. وحتى لا تخرج الأمور عن السيطرة، إليكِ بعض الاقتراحات التي تساعدك على ضبط رغباتك الشرائية:

1. إيجاد بدائل

بما أن الدافع الرئيسي وراء التسوق هو الرغبة في تقليل الضغوط، فمن الأفضل لكِ أن تطرحي بدائل أخرى لتخفيف هذا الشعور، كتناول وجبة خفيفة، أو ربما مشاهدة فيلم في المنزل، أو إجراء مكالمة هاتفية مع شخص تحبه. كلها بدائل بسيطة غير مكلفة، وقد تعطيك النتيجة نفسها في التحرر من التوتر والقلق.

2. لا تضغطي على خيار “اشترِ الآن”

لا تتسرعي فى إتمام عمليه الشراء. اختاري ما شئتِ من منتجات، ولكن اترُكيها في عربة التسوق الإلكترونية، وأجلي خيار الشراء إلى وقت آخر، ربما تكوني قد هدأتِ أو راجعتِ نفسك بعدم ضرورة شراء كل تلك المنتجات.

3. بلوك بلوك بلوك

يمكنك التقليل من عمليات الشراء بعمل حظر لصفحات التسوق، خصوصًا في الأوقات التي تشعرين فيها بالتوتر والقلق، لتجنب شراء منتجات جديدة تزيد من إحساسك بالضغط والإحباط، خصوصًا إن لم تكن ميزانيتك تسمح.

4. لا تندفعي

لا تنساقى وراء العروض وتندفعي للشراء. حاولي أن تؤجلي قرار الشراء بعد مقارنة الأسعار والجودة، فليست كل العروض ذات قيمة حقيقية.

ويبقى في النهاية أن نخبرك أن مشاعر كالقلق والتوتر، ما هي إلا مشاعر طبيعية يجب عليكِ ألا تتجاهلينها وتُسكنينها. الأفضل لكِ أن تبحثي عن حلول تكون مريحة لكِ ولا تشكل أعباء جديدة عليكِ، حتى وإن تطلب الأمر اللجوء إلى متخصصين لمساعدتك.

اقرأ أيضًا: اسمي مي وأعاني إدمان التسوق

لكل مُدمن على الشراء: 10 أسئلة و5 قواعد

المقالة السابقةميس سعاد التي بداخلي
المقالة القادمةالأمومة مضطربة جدًا: من أين نبدأ تطوير الأطفال؟
صحفية وكاتبة مصرية

1 تعليق

  1. حبيبتي أمل وحشاني جدا ومبسوطه بكتاباتك وعمرك ما غيبتي عن بالي أتمنالك التوفيق❤️

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا