8 طقوس من الروحانيات تشحن روحك فيما تبقى من رمضان

2009

“النفس تشعر بالكلل كذلك”.. هذه المقولة من أصدق ما يكتشف المرء، فليس الجسد فقط هو من يسأم ويمرض، ولكن مرض وسأم النفس أشد وطأة، لذا فكما يحتاج الجسد الدواء، للنفس دواؤها أيضًا، وهي الروحانيات التي تغسلها وتصفيها من الشوائب، فتجعلها تبرق وتلمع مرة أخرى. ونحن في القلب من شهر رمضان وما تبقى منه، يمكننا الاستفادة من عبق الروحانيات الذي يغلف هذا الشهر لشحن النفس واكتساب طاقة تعيننا على المضي قدمًا لفترة من الوقت.

ولكن دعونا نتفق على نقطتين أوليتين:

  • هناك فرق بين كلل وسأم النفس، وبين المرض النفسي الذي يحتاج من يشعر ببوادره أن يتلقى علاجًا متخصصًا لدى طبيب نفسي ليحصل على المساعدة والدواء.
  • وهناك فرق بين الدين وممارسة الشعائر الدينية كعقيدة إيمانية، وطقوسها اليومية المفروضة دينيًا، وبين تلمس حلاوة بعض أو كل هذه الممارسات وغيرها للوصول لحالة روحانية ونفسية مهدئة ومريحة، لذا لن نتكلم في أمور العقيدة بل أمور النفس.

1. اقتنصي الجو العام من الروحانيات

في الأيام العادية من العام يكون الاتجاه لجو من الروحانية أكثر صعوبة، فكل ما حولنا أكثر مادية وعملية، ويحتاج الأمر لتخصيص وقت وسط الانشغال، بل ربما التغلب على اندهاش الآخرين من هذا الاهتمام غير المعتاد. أما في شهر رمضان فإن الجو العام يميل إلى الروحانيات، مما يجعل الأمور أكثر سهولة ويسر في أن تنغمسي بها بلا عناء، مستغلة كل ما حولك لتحصلي على ما تحتاجين.

لذا اليوم سننطلق معًا في رحلة لمعرفة كيف تقسمين وقتك في رمضان لتستغليه في شحن الجانب الروحاني في حياتك، بأفعال بسيطة جدًا تستغرق منك عدة دقائق ولكن سيكون لها أثر كبير على نفسيتك وروحك.

2. قللي من وقت المطبخ

المطبخ جزء هام من الطقوس الرمضانية، ولكن كل سيدة تعلم أن الأيام العشرة الأولى هي ذروة التفانين في المطبخ، لذا فإنك الآن في التوقيت المناسب لتقليل الاهتمام بالمطبخ وتوفير وقته لأمور أكثر أهمية لروحك. اصنعي جدولاً للوجبات الخفيفة والعملية البسيطة التي يمكن إنجازها خلال ساعتين يوميًا، ووفري باقي وقت المطبخ لتشحني روحك.

3. اختاري كتابًا جميلاً ومحفزًا

القراءة عامل مؤثر للغاية بالنفس، ولكن أغلبنا في رمضان يكتفي فقط بقراءة القرآن وهو أمر مميز وعظيم، ولكن إضافة كتاب آخر عن السير أو الحكايات الإسلامية المحفزة، أو قصص القرآن المبسطة، سيأخذك لعالم جميل آخر. ستشعرين بأنك لم تغادري عالم رمضان الروحاني ولكن في نفس الوقت مارست تنوعًا في القراءات سيجعلك أكثر حماسًا.

لا تحتاجين الكثير من الوقت ربما ربع ساعة أو نصف ساعة فقط بعد السحور أو صلاة الفجر وأنت في الفراش يمكنك أن تغوصي في عالم من الكلمات يهدئك. لا تختاري الكتب الصعبة أو الموضوعات الشائكة، بل اختاري الكتابات التي تخاطب الروح، أرشح لك مجموعة عبد الرحمن الشرقاوي مثلاً التي تتحدث عن الرسول والصحابة بلغة بسيطة ومواقف جميلة ومبهجة جدًا، ستعطيك دفعة نفسية جميلة.

4. تأملي في الثلث الأخير وتشممي عبق الهواء

الكل في الثلث الأخير يتوجه لصلاة التهجد وقراءة القرآن استعدادًا للفجر، ولكن هناك فعل آخر سيفرق معكِ كثيرًا، افتحي شباكك أو شرفتك، ضعي مقعدًا وتشممي الهواء النقي حتى تشعري أن نفسك هادئة وأنت تنظرين للسماء. فكري في كل إيجابيات يومك وابتعدي عن السلبيات، ركزي على أكثر الأمور إيجابية، امتنانك أنك أنجزت وجبة جميلة أعجبت أسرتك، سعادتك بقدرتك على إنهاء جزء من القرآن كنت تريدين إنجازه، أو حتى كلمة جميلة قيلت لك أو قلتِها لشخص أسعدت روحك. مارسي ربع ساعة من الامتنان الهادئ للأشياء البسيطة الصغيرة التي تتراكم لتصنع يومك عندما تتذكريها. يمكنك أن تزيدي الفترة فتدعي قليلاً إن أردتِ بما تتمنين وأنت تشعرين أنه ليس بينك وبين السماء حائل.

اقرأ أيضًا: الامتنان لله: شعور جديد يصف علاقتي بالحياة

5. مارسي القليل جدًا من الرياضة والتأمل

قبل أذان المغرب بساعة تقريبًا تستعدين لتسخين الطعام، تقطيع السلطة تحضير المائدة، لذا زيدي هذه الفترة إلى ساعة وعشر دقائق فقط. عشر دقائق قبل بدء تجهيزات الإفطار، هناك نوع من التمرينات التي تدعى التأمل الواعي، والتي تهدئ من نفسك وتلقي بأثر روحاني ونفسي إيجابي عليك من فوائدها:

  • تقليل الشعور بالإجهاد.
  • التخلص والحد من القلق.
  • التغلب على الشعور بالألم.
  • تقليل حدة نوبات الاكتئاب.
  • التغلب على الأرق.
  • ارتفاع ضغط الدم (فرط ضغط الدم).
  • تحسين الانتباه والتركيز.
  • تحسين جودة النوم والدفع للوصول للنوم العميق.

طريقة التأمل الواعي

هناك عدة طرق للتأمل الواعي ويمكنك حتى نهاية رمضان أن تمارسي إحدى هذه الطرق في العشر دقائق السابقة لتجهيزات الإفطار:

– تمرينات النفس

استلقي فوق الأرض أو على الفراش أو اجلسي على مقعد وثير، أغمضي عينيك وتنفسي بعمق، ركزي في تنفسك لتراقبي كل شهيق وزفير وأنت تدفعين جسدك للاسترخاء، كرري العملية من دقيقة لـ10 دقائق وفق ما يسمح به جدولك الزمني.

– تأمل الجسد

مددي جسدك وافردي ساقيكِ مع فرد ذراعيك بجانبك، واجعلي كفيكِ لأعلى، ابدئي في التركيز بهدوء وبطء على كل جزء في جسدك، ابدئي من أصابع قدميك لتصعدي لساقك فخصرك ويديك لذراعيك فمنطقة الصدر والرقبة، تأمليه بهدوء واشعري بكل عضو على حدة وأنت تفكري في أمر ما يسعدك.

– تأملي أثناء الجلوس

اختاري مقعدًا وثيرًا، اجلسي عليه براحة، وتنفسي بعمق وأنت تحملين ورقة وقلمًا، أغمضي عينيك وركزي على تنفسك واتركي عقلك يخرج أفكاره، كلما خطرت لك فكرة اكتبي عنها نبذة تذكرة في ورقتك وأخرجيها من نفسك، مارسي هذا التأمل الصاخب قليلاً لمدة من 10 دقائق لربع ساعة لإخراج ما في نفسك على الورق.

6. جهزي ركنًا صغيرًا في منزلك

إن كنت لم تفعلي ذلك بعد فالوقت لم يمر، إن تجهيز ركن صغير بشكل مغاير في المنزل في رمضان يجدد الطاقة النفسية ويكسر الملل، فلن تتخيلي مدى البهجة والطاقة التي يشعها فرع إضاءة مبهج ومفرش ملون وفانوس مزخرف، ليصبح هذا الركن وهو ركنك الخاص، اقرئي قرآنك به أو ادعي أو ضعي به سجادة صلاة لتصلي التراويح أو الفروض، لن تجعلي العبادات مجرد واجب، بل اشعري أنها بهجة حتى في مكان ممارستها، مما يغذي روحك بسعادة لأدائها ويخفف من الشعور بالضغط أو الرغبة في سرعة الإنجاز للعبادات.

7. الابتهالات والتواشيح

الفن والموسيقى من أكثر ما يصقل النفس ويرقى بها، لذا في رمضان اختاري عددًا من الابتهالات والتواشيح الجميلة، واعطي لذاتك أيضًا فقط عشر دقائق في ركنك المفضل لتستمعي إليها، اتركي لجسدك العنان، أغمضي عينيك وتمايلي مع الذكر واشعري بالكلمات. يكفي أن تستمعي لواحد من الابتهالات أو التواشيح يوميًا وأنت في هذه الحالة الروحية لتشعري بإفراغ الطاقة السلبية حولك.

8. اجمعي الأسرة لوقت الابتهال

إخوتك، أو وزوجك أو والدك أو والدتك أو أبناؤك، أيًا من أفراد أسرتك تجمعوا معًا لمدة ربع ساعة فقط، ومارسوا طقسًا من طقوس التعبد بشكل جماعي، يمكنك القيام بمقرأة ليقرأ كل شخص منكم عدة آيات من القرآن بصوت مسموع ويكمل الآخر. أو يمكنك إحضار السبح والتسبيح معًا بصوت جماعي مسموع مبهج. أو قراءة أسماء الله الحسني والشدو بابتهالاتها، سيخلق هذا جوًا روحانيًا جماعيًا وترابطًا أسريًا، وشعورًا مميزًا بالعبادة الجماعية سيغير من شعورك ونفسيتك كثيرًا.

أخيرًا فإن كل الروحانيات المذكورة لن تستغرق سوى دقائق معدودة لتمارسينها، لا تضغطي على ذاتك إن كان وقتك شديد الانشغال يمكنك الاكتفاء بممارسة عادة واحدة يوميًا، فقط لا تتركي شهر الروحانيات يغادر دون أن تنهلي منه ولو أمرًا بسيطًا يعيد صقل روحك ونفسك بالسعادة.

اقرأ أيضًا: الروحانية الحقيقية: ما الفرق بينها وبين التدين؟

المقالة السابقةاصنع لنفسك قائمة امتنان خاصة بك
المقالة القادمةكيف يساعدنا التجرد على الامتنان

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا