10 نصائح حتى لا يتحول ملل كورونا إلى اكتئاب

1922

أدت ظروف جائحة كورونا إلى وجود حالة من الضيق والسأم العام، نتيجة لما نسمعه كل يوم من أخبار مزعجة، والجلوس في المنزل فترات طويلة مع نفس الأشخاص وممارسة نفس الأنشطة، فيأتينا الملل، هذا الضيف الثقيل غير المنظور، يتسلل للكبار والصغار مع اختلاف أعمارهم، ليسرق فرحتهم ويتركهم كسالى حزانى لا يرغبون في عمل شيء، فتصبح الحياة شبه باهتة بلا لون ولا معنى.

ما هو الملل؟

لا يوجد تعريف واضح للمل، أحدهم قال: إنه شعور غامض بقدر ما هو مؤلم. وعرفت د. فيشر في مؤتمر نزع السلاح “إنه حالة عاطفية غير سارة وعابرة”. ويمكن تعريفه أيضًا بأنه “وضع نفسي مزعج وغير سار، نتج عن حالة من عدم الاستقرار الداخلي”. ويضيف العالم جيمس دانكريت: “إن جميع الناس يصيبهم الشعور بالملل، لكن البعض لديه قدرة مدهشة للتعامل معه”. الملل هذا العدو الخفي الذي إن لم نتحرس له قادنا تدريجيًا إلى هوة الاكتئاب، فهو أشبه بحيوان شرس، أشبه بسوس الخشب الذي يأكل الداخل فيصنع فيه خواءً داخليًا. فما هي أسباب ظهور هذا العدو الخفي؟

أسباب الملل

  • تكرار نفس الأشياء والأنشطة اليومية لفترة طويلة، كالعمل في روتين يومي لا يتغير.
  • كره الشخص لعمله، الذي بالتالي يفقده الشغف والدافعية للعمل، خصوصًا لو كان مجبرًا على الاستمرار لأجل الاحتياج المادي.
  • العمل مع أشخاص يتسمون بالملل والسلبية.
  • عدم الفهم. فقد وجدوا أن عدم الفهم عند الإنصات لمحاضرة مثلاً يدعو الأشخاص للملل وعدم المتابعة، وذلك بسبب شرود الذهن. وأثبتت الدراسات أن هناك صلة وثيقة بين شرود الذهن والملل. فنجد الكثير من أولادنا يحدث لهم ملل عند مذاكرة المواد التي لا يفهمونها.
  • الخوف، سواء من ارتكاب الأخطاء، أو الخوف من العدوى والمرض، والذي يسبب أيضًا التوتر والقلق.
  • الانعزال عن العالم ومخالطة نفس الأشخاص يوميًا. ونرى ذلك واضحًا في عزلة كورونا على مستوى العالم.
  • وقت الفراغ غير المستغل أكبر مسبب للملل.
  • الأمراض المزمنة وطول فترات العلاج أو الحجر الصحي. أيضًا الاختلال والاضطرابات في إفراز الهرمونات داخل الجسم.

اقرأ أيضًا: كيفية التخلص من الملل والاكتئاب في الحجر المنزلي

 

أعراض الملل

  • الشعور بالسأم والضيق والحزن وانعدام الرغبة بلا أسباب واضحة ومقنعة.
  • اللا مبالاة وعدم الاكتراث بما يجري في الحياة.
  • عدم الإنجاز في العمل وضعف الإنتاج والتوتر والعصبية.
  • شرود الذهن وعدم التركيز، الكسل والإجهاد وفقدان الدافعية لأي نشاط اجتماعي أو رياضي.

أضرار الملل

للملل أضرار خطيرة تنمو تدريجيًا، وعدم الوعي بها ومقاومتها قد يأتي في النهاية بنتائج كارثية، وقد يدفعنا إلى دائرة الاكتئاب، ويشبه الملل كثيرًا تأثير الحرارة في تجربة “سلق الضفدع”  لهاينزمان (1872)، حيث وجد هذا العالم أنه عند وضع ضفدع عادي في ماء فاتر على النار ورفع درجة حرارة الماء تدريجيًا بنسب بسيطة يظل الضفدع في الماء دون مقاومة أو محاولة للهروب، بل يحاول التكيف مع حرارة الوسط، حتى يصل الماء إلى درجة الغليان يموت دون أي مقاومة منه. وهي استعارة مجازية لتوضيح ما يفعله الملل داخل أرواحنا إذا لم نتحذر له ونقاومه، فيجب أن يكون لنا وعي بأنفسنا وما يدور بها.

ومن أضرار الملل أيضًا أنه كثيرًا ما يدفع الشخص  إلى سلوكيات إدمانية شديدة الخطورة، مثل الافراط في الأكل رغم الشبع.  فكثيرون عندما يشعرون بالملل يلجؤون إلى الأكل، حتى يحصلون على قليل من السعادة واللذه الوقتية، الأمر الذي يصيبهم بالسمنة وزيادة الوزن. ويصبح الأكل وسيلة هروب إدمانية. يصعب على الشخص معها الالتزام بأي نظام أو حمية لفقد الوزن.

وقد يدفع الملل آخرين إلى تجارب خطرة، مثل تعاطي المخدرات أو التدخين أو اللجوء إلى مشاهدة المواقع الإباحية وإدمان الجنس الإلكتروني، أو إقامة علاقات غير مشروعة، أو حتى علاقات على مواقع التواصل الاجتماعي. ويخرج آخرون للتسوق والشراء حتى لو كانوا ليسوا في حاجة لما يشترونه. كلها محاولات بائسة للتخلص من الملل الذي يتسلل لحياتنا. مثل تسلل الحرارة في تجربة الضفدع.

تجربة هاينزمان 1872

اقرأ أيضًا: أنا ضفدع: عن الحدود والحرية وأشياء أخرى


حتى لا يبدأ الاكتئاب: 10 أفكار لمقاومة الملل؟

مع كل أضرار الملل السابقة، إلا أن له الفضل في دفع البعض إلى الإبداع، رغبة في مقاومته، فنجد كثيرين قاموا بأنشطة خلاقة وإبداعية فقط لكسر الملل، وإليك عشر أفكار للتخلص من الملل بطريقة مفيدة حتى لا يتحول إلى اكتئاب:

1. حاربي الملل بتعلم مهارات جديدة، ابحثي عن شغفك واكتشفي مواهبك واهتماماتك، ربما تكتشفين أنك بارعة في أمر ما، اصقلية بالمعرفة والبحث حتى لو هواية بسيطة. ويُعد الإنترنت ومجال البحث الإلكتروني سبب تطور في حياة كثيرين اكتشفوا مؤخرًا أنهم رسامون ومبدعون أو طهاة بارعون، وكتاب ومؤلفون ومصممو أزياء وصناع عطور وغيره. لا بد أن لك مهارة معينة، ابذلي بعض الوقت لاكتشافها وسوف تكون سلاحك ضد الملل.

2. حاولي الابتعاد عن الأشخاص كثيري الشكوى والتذمر، فهم مصدر كبير لجذب الملل والسأم. صادقي الإيجابيين المتفائلين المبتسمين، فستنطبع شخصياتهم عليك.

3. حافظي على الحياة الاجتماعية، اشركي نفسك في أنشطة بسيطة وتعرفي على أناس مختلفين، واكتشفي أفكارًا مختلفة، ناقشي وحاوري، تعرفي على ثقافات جديدة وتعلمي من خبرات الآخرين. يمكنك أيضًا أن تتطوعي في عمل خيري (دار مسنين، ملجأ، أو خدمات تنموية وجمعيات خيرية…)، فالنفس تمتلئ سعادة عندما تسعد الآخرين.

4. يمكنك قتل الملل بالسفر، خططي لزيارة أماكن جديدة، زيارات في حدود إماكنياتك، تعرفي على معالم بلدك، التقطي صورًا واصنعي ألبومًا، اكتشفي أماكن في محيط منطقتك، تحركي واخرجي واستمتعي بالرحلات، اسمحي لعينيك أن ترى صورًا جميلة وجديدة، فيبتهج عقلك وتنتعش ذاكرتك، لتكسري التكرار والروتين اليومي، فيكون (إن ما نبات فيه ليس هو ما نصبح عليه)، فنحن من نصع التغيير بأيدينا ولن يصنعه لنا أحد.

5. ابدئي يومك دائمًا بشيء لطيف تحبينه (مشروبك ومكانك المفضل، موسيقى تحبينها، كتابة خواطرك)، سجلي خطة ليومك واكتبي برنامجًا للمهام التي تريدين إنجازها.

6. ابتعدي عن مصادر الإزعاج كالأخبار، وقللي من متابعة مواقع التواصل الاجتماعي ونشرات الأخبار ومتابعة عدد المصابيين والوفيات من كورونا إذا كنت مما يتأثرون سلبًا بذلك.

7. قسمي الأنشطة الكبيرة والمهام الكبيرة إلى مهام صغيرة، اعملي كل يوم جزءًا ولو بسيطًا من المطلوب منك، لتنجزي أمورك بهدوء ودون توتر، على سبيل المثال نظفي حجرة بحجرة، النظام سوف يساعدك على الإنجاز دون ملل. والإنجاز سيشعرك بالسعادة.

8. جددي في منزلك، وهي فكرة جميلة للتخلص من ملل كورونا وجلوسنا في البيت فترة أطول. غيري وضعية الأثاث، حركي بعض الكراسي من مكانها، أضيفي بوكيه ورد أو مفرشًا جديدًا أو خداديات ملونة، يمكنك صنعها من الملابس القديمة، وتوجد على اليوتيوب فيديوهات كثيرة لإعادة التدوير، يمكنك الاستفادة منها، الزرع أيضًا يبهج المكان ورعايته تكسر الملل، بعض العصافير أو اقتناء حيوان لطيف تحبينه يجعل للمكان بهجة.

9. مارسي الأنشطة الرياضية وتناولي إفطارًا صحيًا، دربي نفسك على النوم وقتًا كافيًا، أو ارقصي على أنغام الموسيقى. تعلمي لغة جديدة أو رياضة إن كنت ترغبين في ذلك.

10. اكتبي مذكراتك وعبري فيها عن مشاعرك، اكتبي رسائل إلى نفسك وشجعيها، وإلى الله واشكي له همك، وعبري عن مخاوفك، واكتبي وعددي الخيرات في كل يوم، واشكري الله من أجلها.

إن الحياة تستحق أن تعاش فلا تسمحي للمل أن يخطفها، أو أن يدفعك إلى الاكتئاب فيسرق فرحك وبهجتك. يمكنك أن تسعدي إن أردت ذلك، ولدينا خياران للتعامل مع الملل، إما أن نقاومه ونروضه ونلاعبه، فيكون مللاً إيجابيًا يدفعنا إلى الإنجاز والإبداع، وإما نستسلم له فيأسرنا ويدخلنا في دوائر مختلفة من الاكتئبات والإخفاقات.

اقرأ أيضًا: كيف أنقذني التعلم من الاكتئاب


مصادر:

bel3arabic

mawdoo3

bbc.com

المقالة السابقةفقه الخلاف: 5 قواعد لخلافات آمنة في العلاقات
المقالة القادمةحلقات السرد

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا