10 مظاهر للثقة بالنفس ونصائح لزيادتها

3119

الثقة بالنفس من أهم العوامل التي تجعل الإنسان يحيا حياة سعيدة وناجحة. وهذه ليست مبالغة. فالشخص الواثق بنفسه يستطيع تجاوز التحديات، وينجح في تكوين علاقات صحية. وهي عوامل تساعد على النجاح المهني والاجتماعي. كما ترتبط ارتباطًا وثيقًا برؤية الإنسان لنفسه. فما معنى الثقة بالنفس؟ وما فوائدها ومظاهرها وأسباب ضعفها؟ وما هو الفرق بينها وبين الغرور؟ وكيف نرفع مقدار الثقة بالنفس في شخصياتنا؟

ما هي الثقة بالنفس؟

الثقة بالنفس هي نظرتك لنفسك. عندما تكون ثقتك بنفسك مرتفعة، تميل للتفكير الإيجابي بشأن نفسك والحياة في العموم، وتثق في قدرتك على التعامل مع التحديات. وعندما تكون ثقتك بنفسك ضعيفة، تميل لرؤية نفسك والحياة بطريقة سلبية وناقدة، وتشك في قدرتك على التعامل مع التحديات.

الفرق بين الثقة بالنفس والغرور

الغرور هو الوجه الآخر لانعدام أو ضعف الثقة بالنفس. وهو ما يدفع بالشخص المغرور إلى بعض الحيل النفسية الدفاعية ضد شعوره بالضعف وانعدام القيمة. الشخص المغرور يرفض الاعتراف بأخطائه، ويرى أنه أفضل من الآخرين. كما أنه يعمد إلى الانتقاص من الآخرين ليشعر بارتفاع قدره.

أما الشخص الواثق بنفسه، فإنه نظرته إلى الذات تتسم بالواقعية والإنصاف. فهو يقدر نفسه ويعرف نقاط قوته. وفي نفس الوقت، يقبل عدم الكمال وعدم التميز في كل شيء. ولذلك لا يرى غضاضة في الاعتراف بأخطائه وبضعفه في بعض المساحات. إنه يحترم الآخرين كما يحترم نفسه، ويقدر نقاط قوتهم كما يقدر نفسه. لذلك لا يحتاج إلى التقليل من الآخرين كي يشعر بالكفاءة.

أسباب ضعف الثقة بالنفس

أثر التربية في ضعف الثقة بالنفس

  • هناك أساليب خاطئة في التربية تبعث للطفل برسائل مفادها أنه غير جيد بما يكفي، عديم القيمة، قليل الأهمية. من هذه الأساليب: النقد المستمر، والمقارنات، والحماية الزائدة، والتسلط، والتدليل الزائد.
  • القبول المشروط: عندما لا يحظى الطفل بالاهتمام إلا عند التفوق الدراسي مثلاً، فإن رسالة تصله مفادها أنه مهم فقط عندما يكون حسن الخلق أو عندما يحقق إنجازًا. والذي يحتاجه الإنسان هو القبول غير المشروط، قبول الإنسان كما هو بمميزاته وعيوبه. والقبول لا يعني الموافقة. فالإنسان قد يراجع نفسه ويصحح تصرفاته لأنه هو الذي يصنعها، كما أنها ليست سوى جزء منه. وفى نفس الوقت تبقى له نفسه التى يحبها ويقبلها.
  • التعرض للإساءات بأنواعها يشوه صورة الطفل أمام نفسه. وتتنوع الإساءات ما بين:
  1. النفسية: كالإهانات، واللوم المستمر، والشجار بين الزوجين أمام الأطفال، والإهمال.
  2. الجسدية: كالضرب المبرح والمهين، والركل، والدفع.
  3. الجنسية: وهي تعرض الطفل دون الثامنة عشرة إلى مثيرات جنسية، سواء تم فرضها عليه بالقوة أو تم السماح له بها.

تلك الرسائل التي توجه إلينا صغارًا نختزنها داخلنا في صورة “الوالد الداخلي”. وهو يمثل الإحساس بالواجب والصحيح، والذي نشعر بتأنيب الضمير عندما لا نطيعه. كما يمثل قدرتنا على رعاية أنفسنا. وقد شارك في تكوين “الوالد الداخلي” كل العلاقات التي مررنا بها، والتي فيها علاقة سلطة ورعاية أو مسؤولية أو تعليم أو تأديب، كالوالدين والأجداد والمدرسين والمدربين.

عندما تكون تلك الرسائل سلبية، فإن هذا “الوالد الداخلي” يشبه مرض السرطان. خطورة السرطان أن خلايا الجسم نفسها تصبح هي مصدر الخطر، وليس بكتيريا أو فيروس خارجًا عن الجسم. وكذلك الناقد الداخلي تصبح الإساءة من أنفسنا إلى أنفسنا، جزء من شخصياتنا، وبالتالي لا ندري بها كي نعالجها.

تأثير الحياة الراشدة في ضعف الثقة بالنفس

هناك ظروف يمر بها الإنسان قد تضعف ثقته بنفسه، مثل:

  • معاناة الوالدين أو أحدهما من اضطرابات نفسية.
  • الضغوط وأحداث الحياة الصعبة كالأمراض الخطيرة والفقد والطلاق والفصل من العمل وخبرات الفشل التي يمر بها الإنسان.
  • التعرض للتنمر أو التحرش أو الوجود في بيئة سلبية خالية من الاحترام.
  • بعض الاضطرابات النفسية كالقلق والاكتئاب.
  • بعض المجتمعات تسود فيها ثقافة الخزي، أي الاعتماد على رأي الناس في تكوين الصورة الذاتية. وهذا يؤدي إلى صورة ذاتية متذبذبة. وبعض المجتمعات تسود فيها ثقافة الضمير، وهي التي تعتمد فيها صورة المرء الذاتية على مبادئ ثابتة. وبالتالي تكون الصورة الذاتية أكثر ثباتًا.

أهمية الثقة بالنفس وفوائدها

عندما يكون الإنسان واثقًا بنفسه، فإن ذلك ينعكس على جوانب متعددة في حياته:

  • يشعر بالرضا عن نفسه، والتصالح مع ذاته، والسلام الداخلي، والبقاء في حالة نفسية جيدة أغلب الوقت.
  • يتمتع بقدرة جيدة على اتخاذ القرارات وحل المشكلات ومواجهة التحديات.
  • يستطيع تكوين علاقات سوية فيها أخذ وعطاء، وحب واحترام وقبول بشكل متبادل.
  • ينجح في حياته المهنية، حيث تكون لديه القدرة على تحفيز ذاته، وتجاوز الإحباطات، والتعلم من تجارب الفشل.

أضرار عدم الثقة بالنفس

على الجانب الآخر، هناك عدة أضرار لضعف الثقة بالنفس، مثل:

  • الانسحاب من المواقف الاجتماعية، والانخراط في علاقات مسيئة.
  • تجنب التحديات وخوض التجارب الجديدة. قد يشعرك ذلك بالأمان على المدى القصير. ولكنه مع الوقت يعزز مخاوفك وشكوكك، ويعلمك أن التجنب هو الطريقة الوحيدة للتكيف.
  • تطوير سلوكيات إدمانية قهرية للهروب من شعوره بالنقص وغيره من المشاعر الصعبة، كإدمان الشراء أو الجنس أو الموبايل أو المخدرات.
  • عدم القدرة على استقبال الحب من الآخرين، والشعور بالرفض وعدم التقدير.
  • صعوبة التعلم من تجاربه وأخطائه.
  • الصورة الذاتية المشوهة والتفكير السلبي، كالاعتقاد بأنه فاشل وغير محبوب، وبأن المصائب ستحدث له دائمًا.
  • فقدان الحماس والرغبة في القيام بأي شيء.

مظاهر الثقة بالنفس

هناك بعض العلامات التي يعد وجودها علامة على شخصية تميل إلى السواء النفسي والثقة بالنفس:

  1. يعرف أهدافه التي يسعى نحوها وقيمه التي تشكل له أهمية.
  2. يستمتع بما يقوم به، ويسعى نحو أهدافه بتركيز وحماس.
  3. يتمتع بالاستقرار العاطفي، وبقدرة جيدة على إدارة مشاعره بدلاً من تركها تقوده.
  4. يفكر بطريقة إيجابية، ويحتفظ بقدرته على البقاء متفائلاً، ورؤية الجانب المشرق من الأمور والأشخاص حتى عند مواجهة المصاعب.
  5. يعرف نقاط قوته، وفي نفس الوقت لا يتوقع من نفسه الكمال.
  6. يتميز بالمرونة، والقدرة على التكيف مع الظروف، ومراعاة وجهات نظر الغير عند اتخاذ القرار. كما يمكنه مراعاة الصورة الكبرى مع الانتباه للتفاصيل في نفس الوقت.
  7. يتمتع بالحماس نحو تطوير نفسه، وينظر إلى كل يوم كخبرة تعلم جديدة.
  8. يتمتع بالصحة والطاقة. يحترم جسده ويتلامس معه، ويتعامل مع الضغوط دون أن يمرض.
  9. لديه الاستعداد لخوض تجارب جديدة، والقدرة على التعامل مع المواقف غير اليقينية، والاستعداد لتعلم المهارات والمعلومات الجيدة التي تتطلبها.
  10. يشعر بوجود معنى وهدف عام لحياته، وإحساس بتماسك أجزائها المختلفة.

نصائح لزيادة الثقة بالنفس

ثقة الإنسان بنفسه قابلة للتعزيز مع بذل المجهود المناسب للوعي بالذات، وتغيير طرق التفكير الخاطئة، واكتساب عادات سلوكية جديدة. فكيف تعزز ثقتك بنفسك؟

1. توقف عن مقارنة نفسك بالآخرين

تعلم منهم. ولكن لا تنتقص من نفسك، أو تجلد ذاتك. طبيعي أن يتميز كل إنسان في شيء. فقد خلق الله كل واحد باستعدادات فطرية وفي بيئة تختلف عن غيره. قارن نفسك بنفسك: أين كنت؟ وأين أصبحت؟ وأين تريد أن تكون؟ فبهذه الطريقة ترى تقدمك، وتحدد المهارات التي تريد اكتسابها لتحقق أهدافك وتحيا حياة أفضل.

2. أحط نفسك بعلاقات صحية داعمة

من خلال مجموعات الدعم، والعلاقات الصحية مع الآخرين. تتميز تلك العلاقات بالاستماع دون إدانة أو نصيحة (إلا عندما تطلب)، والتشجيع، وقبول كل المشاعر وتفهمها.

3. تعرف على إيجابياتك ونقاط قوتك

  • لاحظ نفسك: لاحظ الأنشطة التي تستمتع بها، الأشياء التي يثني عليك الآخرون من أجلها، هواياتك، الأشياء التي تحب التحدث عنها، الأنشطة التي تستنزف طاقتك.
  • اسأل الآخرين: لتحصل على نصيحة سديدة، انتقِ من تطلب رأيهم بعناية. فكيف تختار هؤلاء؟ اطلب النصح من أشخاص تعاملوا معك لفترة طويلة ورأوك في مواقف متنوعة. اطلبه كذلك من أشخاص محبين وأمناء ومنصفين وموضوعيين. تجنب طلب النصح ممن يبالغون في تقدير مميزاتك، أو ممن يعمدون إلى التقليل منك.
  • خض تجارب جديدة: لا يمكنك أن تكتشف نفسك دون ممارسة. جرب أنشطة متنوعة وانظر أيها تستمتع به وتتميز فيه أكثر من غيره. قد تميل إلى عدة أنشطة بدرجات متفاوتة، وهذا طبيعي.
  • اطلع على نظرية الذكاءات المتعددة: وفقًا لعالم النفس “هوارد جاردنر”، هناك ثمانية أنواع من الذكاءات: الذكاء اللغوي، والمنطقي الرياضي، والبصري الفراغي، والجسمي الحركي، والموسيقي، والاجتماعي، والذاتي، والطبيعي. ويظهر  الذكاء الواحد بأشكال مختلفة لدى مختلف الأشخاص. كلنا نملك كل أنواع الذكاءات بنسب مختلفة، ولن يغلب علينا بعضها. بالاطلاع على مظاهر كل ذكاء، يمكنك أن تتعرف على بعض نقاط قوتك.

“لدى كل منا المادة الخام التي يمكننا أن نحقق بها أهدافنا وأحلامنا. ما نفتقده هو الحكمة والبصيرة لاستخدام ما نملك بالفعل” مارك توين

4. نمِّ ذكاءك العاطفي وراجع معتقداتك وأفكارك

الذكاء العاطفي هو القدرة على الوعي بالمشاعر والتعبير عنها والتعامل معها بعد تفكير واعٍ وليس بطريقة مندفعة. تنتج مشاعرنا من تفسيرنا للمواقف التي نتعرض لها. وتفسيراتنا تلك تنبع من أفكارنا ومعتقداتنا. هذه الأفكار نعاملها كأمر واقع، ونقبلها دون أن نتأكد من صحتها ومنطقيتها ومطابقتها للواقع. لذلك نحتاج أن نتدرب على تسمية مشاعرنا في كل موقف نمر به، ونبحث عن الفكرة وراءه، ثم نصححها.

على سبيل المثال، عندما يرتكب أحدهم خطأ فإن هذا قد يدفعه إلى التفكير بأنه فاشل مما يجعله يشعر بالنقص والإحباط. والحقيقة أن ارتكاب الخطأ لا يعني الفشل، بل هو أمر طبيعي في حق البشر. ومن الذكاء أن نتعلم من أخطائنا. هذه الأفكار الجديدة تخفف من مشاعر النقص، وقد تمدنا ببعض الحماس للمحاولة من جديد.

5. ضع حدودًا واضحة وكن حازمًا

الشخص الحازم يحترم احتياجاته ومشاعره ويعبر عنها، ويستطيع أن يقول “لا” دون أن يسيء إلى الغير. وفي نفس الوقت يحترم مشاعر الآخرين واحتياجاتهم وحدودهم ويقبلها. الشخص الحازم يحاول الوصول إلى حلول وسط ترضي الطرفين وتحترم حدودهما.

6. تجنب طرق التفكير الخاطئة

هناك طرق في التفكير تضعف الثقة بالنفس، مثل:

  • شخصنة الأحداث: أي تفسير كل الأحداث بشكل شخصي، في حين أنه قد توجد أسباب أخرى لا علاقة لها بي. مثال: إذا غضب أحد المقربين، فأنا السبب.
  • التفكير بطريقة الأقطاب: حيث لا يوجد وسط أو مساحة للأمور النسبية. مثال: أنا ناجح أو فاشل.
  • التركيز على السلبي. مثال: أتناسى كأم أنني اعتنيت بأبنائي، ولعبت معهم، وأركز فقط على صياحي فيهم.
  • القفز للاستنتاجات: توقع نتائج معينة دون دلائل كافية تدعمها. مثال: الاعتقاد بأن شخصًا ما لا يحبني دون وجود معلومات حقيقية تؤكد هذا الاعتقاد.
  • الإيمان بوجوب بعض الأشياء بشكل مطلق: وغالبًا ما تكون غير منطقية أو غير واقعية، وفيها تضييق على النفس. مثال: يجب أن أفعل كل شيء على أكمل وجه، يجب أن أكون مستعدة لمساعدة الآخرين طوال الوقت.

إن الثقة بالنفس لا تعني غياب الشك بها. فوجود نسبة معينة من الشك أمر طبيعي وصحي يدفعك إلى تطوير ذاتك. المعيار هنا هو ألا يعوقك عن المضي قدمًا، أن تتعايش مع هذا الشك وكأنه رفيقك، لا كأنه سيدك. وكما استغرق الشك بالنفس وقتًا طويلاً ليترسخ بالنفس، فإن التغيير نحو الثقة يتطلب وقتًا. اخطُ خطوات صغيرة مستمرة، متسلحًا بالصبر والقبول والدعم.


المصادر:

الثقة بالنفس: هل يمثل التغيير البسيط فرقًا كبيرًا؟، بول ماكجي، دار الفجر للنشر والتوزيع.

تنمية الذكاء عند الطفل، نيفين عبد الله، نهضة مصر.

الصورة الذاتية، أوسم وصفي، أوفير للطباعة والنشر.

Building self-confidence for dummies, Kate Burton, Brinley Platts.

www.nhs.uk

www.psychologytoday.com

المقالة السابقةعادات الناجحين: 10 خطوات يومية لحياة أفضل
المقالة القادمةصديقة عمري وكنز الرحلة

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا