تُرى هل هناك خطة مضمونة يتبعها الناجحون لوضع أقدامهم على أول سُلُّم النجاح ومن ثَمَّ الارتقاء عاليًا؟ هذا السؤال دار على الأغلب بأذهان العديدين، ممَن يأملون أن تكون هناك وصفة سحرية وسهلة تُؤهلهم للوصول والفوز بكل ما يطمحون إليه. حسنًا، ماذا لو أخبرتكم أن هناك ما يسمى عادات الناجحين وهي بعض السلوكيات التي يلتزم بها الناجحون بالفعل، ويتبعونها لتعزيز النجاح وزيادة الإنتاجية، والأهم الحصول على نمط حياة صحي ومتوازن سواء على مستوى الطموح أو الحياة الاجتماعية والعائلة؟
عادات الناجحين حقيقة أم أسطورة؟
بصرف النظر عن المهارات والذكاء والفرص، غالبًا ما تُعيق العادات السيئة أصحابها من تحقيق أحلامهم، فيما تُقَرِّبهم العادات الجيدة إلى أهدافهم. وبقليل من التدقيق والبحث يمكن القول إن الكثير من رجال الأعمال الذين تَبَنّوا العادات الإيجابية كنهج على طول الطريق، جنبًا إلى جنب مع ما اتَّسموا به من إصرار ومثابرة، تمكنوا من بناء ثرواتهم والارتقاء مهنيًا وماديًا.
وهو ما أكده توم كورلي -المُحاسب والمُخطط المالي- في كتابه الأكثر مبيعًا “غير عاداتك.. غير حياتك” مُوضحًا أن الأثرياء يهيئون أنفسهم للنجاح بعدة طرق وبعض العادات التي اكتشف كونها مشتركة، بعد أن أجرى استقصاءً إحصائيًا على 233 شخصًا من أصحاب الملايين العصاميين وقارن إجاباتهم بـ128 من الأشخاص ذوي الدخل المنخفض.
أهم 10 عادات يومية ينصح الناجحون باتّباعها
1. الاستيقاظ مبكرًا
إحدى أهم العادات التي اتفق عليها الجميع، النوم باكرًا والاستيقاظ باكرًا، فحسب ما ذُكر بأبحاث “كورلي” وُجِد أن ما يقرُب من 50% من أصحاب الملايين العصاميين يستيقظون قبل ثلاث ساعات على الأقل من بدء يومهم الفعلي، وهو ما عللوه بكونه يُتيح لهم الفرصة للسيطرة على حياتهم، ويمنحهم الشعور بالثقة.
كذلك يضمن لهم أخذ كفايتهم من النوم العميق وما يحتاجونه من راحة، مما يجعلهم يستيقظون بقدر كبير من النشاط والحيوية والحالة المزاجية الإيجابية، دون الشعور بالحاجة للكثير من الكافيين، والأهم أنه يسمح لهم بممارسة روتينهم الصباحي والتخطيط ليوم الجديد بأفضل طريقة ممكنة.
وقد أكد البعض أن الالتزام بهذا الروتين قرابة الأسبوعين لن يلبث أن يتحول إلى عادة حتى خلال العطلات، الأمر الذي يجعل المرء يحظى ببعض الوقت الخاص الذي يمكن استغلاله في ممارسة التأمل أو الرياضة أو أي شيء مُريح للأعصاب بعيدًا عن ضجيج العالم من حوله.
اقرأ أيضًا: على مر التاريخ: تأثير القلق على المجتمع وعاداته
2. التخطيط المُسبَق
عادة أخرى إيجابية ومهمة، هي التخطيط وصُنع قائمة بالأهداف اليومية وترتيبها وفقًا لأولوياتها، وقد وُجِد أن 95% من الناجحين يميلون إلى القيام بتلك الخطوة مساءً في الليلة التي تسبق التنفيذ، ليستيقظون على أهُّبة الاستعداد والحماس، وإن كان هناك آخرون يفعلون ذلك أول شيء بالصباح الباكر، مما يجعل الأمر متروكًا للتفضيل الشخصي.
ولعل ما يُميز الناجحين عن غيرهم، هو أنهم لا يضعون فقط خطة لأهدافهم وإنما يميلون لوجود روتين لليوم بأكمله، والأهم أنهم يلتزمون به مهما جرى، لتنظيم حياتهم وجعل وقتهم أكثر كفاءة.
3. المشاريع الصعبة أولاً
بدلاً من الهروب من المهمة الأصعب وتأجيلها لوقت آخر على مدار اليوم، يُفضِّل الناجحون البدء بأصعب مشاريعهم وتحدياتهم صباحًا، فمن جهة يُخفف عنهم ذلك الشعور بالقلق والتوتر على مدار اليوم ما أن ينتهوا من تلك المهمة الشاقة، ومن أخرى يجعلهم أكثر إنتاجية وحماسًا لاستكمال اليوم والالتزام بباقي الخطط المُوضوعة مُسبقًا.
4. الخروج من “الكومفرت-زون”
بدلاً من إلقاء اللوم على الآخرين أو ممارسة العتاب وتضييع الوقت بالندم، لا يجد الناجحون غضاضة في قبول الفشل والبدء من جديد، فهم يؤمنون أن الأخطاء وسيلة مشروعة للتَعَلُّم، ومن ثَمَّ المضي قدمًا، وأن أي مشكلة مهما بدت مستحيلة لا بد أن يكون لها حَل.
لذا ليس غريبًا أن يكون معظم الناجحين مُحبين للتحدّيات والخروج من “الكومفرت-زون”، بجانب تَمَتّعهم بالقدرة على مواجهة المواقف المتوقعة وغير المتوقعة بشجاعة، بل والأكثر دعوة للدهشة أنهم يُفضِّلون المجازفة عن مُلازمة مناطق نجاحهم الآمنة، فذلك يُتيح لهم خَوض تجارب جديدة والوصول إلى ذروة أدائهم، في ظل إصرارهم على تقديم أفضل ما لديهم.
5. ممارسة الرياضة
أظهرت الدراسات أن ممارسة التمارين الرياضية تُنَّقي الذهن وتجعل صاحبها يشعر بالمزيد من التحفيز وتقيه من التوتر، الأمر الذي يدفع غالبية الناجحين للإيمان بأهمية الرياضة، خصوصًا أن الجمعيات النفسية تُشير إلى مَيل البالغين للإصابة بالتوتر، مما يُعيقهم بدوره عن تقديم أفضل ما لديهم.
وقد أفادت الإحصائيات بأن 76% من الناجحين يقتطعون 30 دقيقة يوميًا من وقتهم لممارسة التمارين الرياضية، بين المشي والركض وركوب الدراجات، مؤكدين أن ذلك طالما كان من شأنه مُضاعفة إنتاجيتهم وإبداعهم وتعزيز ذاكرتهم. جدير بالذكر أن ممارسة الرياضة ليست الوسيلة الوحيدة التي يتبعها الناجحون للحفاظ على صحتهم، فالكثيرون منهم يراقبون نظامهم الغذائي ويلتزمون بتناول الطعام الصحي بمعظم الوقت.
6. وقت بلا شاشات
الالتصاق الدائم بالهاتف أمر بغيض، على خلاف ما يبدو، فهو ليس فقط يُشتت المرء ويستنفد وقته ويُلهيه عن الأشياء الأكثر أهمية أو أولوية بيومه، وإنما يؤثر أيضًا على صحته العقلية والإنتاجية، وقد يُضعف كذلك روابطه الاجتماعية والأسرية بمن حوله على أرض الواقع، الشيء نفسه قد ينطبق على العمل الذي إذا ما ترك المرء نفسه له سيستهلكله بالكامل ويبتلعه إلى ما لا نهاية.
لكل الأسباب السابقة، فإن قضاء بعض الوقت من اليوم بدون هاتف وبعيدًا عن الشاشات، خطوة صحية وإيجابية يقوم بها العديد من الناجحين، كونها تُساعدهم أكثر على الاسترخاء والنوم، وتمنحهم الفرصة لممارسة الرياضة أو الاستمتاع ببعض الهدوء والطبيعة، بجانب الوقت اللازم للتخطيط لليوم التالي.
7. الحِرص على القراءة
“اقرأ بقدر ما تستطيع، لن يساعدك شيء مثل القراءة” ج.ك.رولينج
وفقًا لما ذكره “كورلي” في كتابه، فإن 86% من الأغنياء مولعين بالقراءة التي يمنحونها على الأقل 30 دقيقة من يومهم أو بما قد يُعادل كتابًا واحدًا كل أسبوع، وهو ما يُعزز ذكاءهم ويُساعدهم على التفكير بشكل أفضل، والأهم أنه يجلب لهم الإلهام ويَقيهم شر الوقوع في فخ الرتابة.
وفي حين أن البعض يقرؤون بهدف الاستمتاع والتسلية، هناك آخرون يفعلون ذلك لزيادة حصيلتهم المعرفية وتَعَلُّم أشياء جديدة، أو لتوسيع مداركهم بالحياة، بالإضافة لهؤلاء، مَن يُفضِّلون القراءة في ما يخُص مجال عملهم وكل ما له صلة به والاطلاع على الأحداث الجارية، خصوصًا أنها عادةً ما تؤثر على مجالات العمل المختلفة.
8. الكتابة اليومية
بجانب القراءة، يميل الناجحون إلى ممارسة الكتابة اليومية أيضًا، وإن اختلف ما يُدَوِّنون بشأنه، فهناك من يُسَجِّلون يومياتهم لبضع دقائق كل يوم، وتحديدًا أهم الأحدث التي اختبروها، مما يجعلهم يتخلصون من أي مشاعر سلبية لديهم بخصوصها أو يُعيدون قراءة المشهد للاستفادة منه ومعرفة مواطن التقصير، أو يُخططون للمستقبل أفضل بناءً على ما كتبوه. وهناك آخرون ممن يُفضِّلون كتابة الأشياء التي جرت بيومهم ويشعرون بالامتنان تجاهها، وهو النشاط الذي -مع التكرار- لا يلبث أن يزيد من شعورهم بالسعادة ويُحسِّن صحتهم النفسية.
9. الرفيق قبل الطريق
عادة أخرى يُجيدها الناجحون، وهي قضاء وقتهم مع الأشخاص الذين يُلهمونهم، ذلك لأن المرء غالبًا ما يكون على شاكلة رفيقه، فيرتبط نجاح كل منهم بالآخر، إذ يُحَمِّسون بعضهم بعضًا ليبقوا إيجابيين، خصوصًا إذا ما كانوا يتشاركون الاهتمامات أو المهنة نفسها. وبقدر ما يهم قضاء الوقت مع الناجحين للتحفيز، كذلك يُنصَح بالابتعاد عن الأشخاص السلبيين ذوي التأثير السام والمُحبِط لمن حولهم.
10. لا لتضييع الوقت
بالنسبة للناجحين، النجاح هو المال، والمال هو الوقت، لهذا يرفض الناجحون إضاعة وقتهم في ما لا يعود عليهم بفائدة، ليست مادية بالضرورة، فقد يكون العائد نفسي أو صحي أو غير ذلك. ولهذا نادرًا ما يظهر الناجحون على السوشيال ميديا أو يقضون أوقاتهم بينما يُشاهدون نتفليكس وما شابه، إذ يُفضِّلون استغلال يومهم بأشياء تجعلهم أكثر إنتاجية.
اقرأ أيضًا: بالمصادر: 5 طرق تعليمية وترفيهية لقضاء ليالي العزل