العنف ضد الأطفال في مصر: أسبابه وآليات المؤسسات لمواجهته

2085

العنف ضد الأطفال هو العنف الذي يمارسه الآخرون ضد الاطفال دون السن القانونية، والذي غالبًا ما توجهه له مؤسسات أو أشخاص مسؤولين عن الطفل بشكل أو آخر.

أشكال العنف ضد الأطفال

يتخذ العنف ضد الأطفال أكثر من هيئة، فقد يكون عنفًا جسديًا متمثّلاً في الضرب أو التعذيب الجسدي، كما أن ختان الإناث هو وجه من أوجه العنف الموجه ضد الأطفال والإناث معًا.

وقد يكون العنف جنسيًا سواء كان بالتحرش أو اللمس أو الممارسة الفعلية للجنس، وأخيرًا من الممكن أن يكون لفظيًا مثل إهانة الطفل وسبّه والتحقير منه.

ويعتبر إهمال الأطفال أيضًا نوعًا من أنواع العنف الممارس ضدهم، وهذا لأن إهمالهم سواء نفسيًا وعدم مراعاة مشاعرهم، أو إهمال متطلباتهم الأساسية في المسكن والغذاء والتعليم، يؤدي إلى نفس النتائج التي يؤدي إليها العنف المباشر ضدهم.

تعرفي على: كيف أحمي طفلي من التحرش

إحصائية منظمة اليونيسف عن العنف ضد الأطفال في مصر

ما يزيد عن 60% من الأطفال (محل دراسة اليونسيف والمجلس القومي للمرأة) قد تعرضوا لعنف جسدي، فإن الفتيان هم الأكثر تعرضًا للعنف من الإناث

نشرت منظمة اليونيسف بالشراكة مع المجلس القومي للأمومة والطفولة عام 2015، دراسة عن العنف ضد الأطفال في مصر أجراها مركز خدمات التنمية، واتخذت محافظات القاهرة والإسكندرية وأسيوط مصادر. وبحسب هذه الدراسة فإن ما يزيد عن 60% من الأطفال قد تعرضوا لعنف جسدي، مع التركيز على أن الفئة المستهدفة في الدراسة (وهي من الفئة العمرية بين 13 إلى 17 عامًا) فإن الفتيان هم الأكثر تعرضًا للعنف من الإناث، مع العلم أن الفتيان يتعرضون للضرب في المدرسة من المعلمين ومن أقرانهم، بينما تتعرض الفتيات للضرب في المنزل على يد والديهن أو المسؤولين عنهن.

تعرفي على: حوار حول تأهيل الأطفال لمواجهة الصدمات

يجرّم القانون المصري الضرب في المدارس، إلا أن الكثير من الأطفال قد أقروا بأنهم تعرضوا للضرب من المدرسين، سواء باستخدام اليد أو العصا أو المسطرة الخشبية أو الحديدية، وهذا بالرغم من إنكار أغلب المعلمين الذين شملتهم الدراسة لهذا الأمر، قائلين إن الأمر يتم في أضيق الحدود، ويعتمد على تصرفات طفل معين في موقف معين.

فيما يخص العنف الجنسي وختان الإناث، فإن الإحصائيات الخاصة به لا يعتد بها بشكل مؤكد، لأن الحديث في هذه الأمور موصوم في المجتمع، ولا يجد الجميع الجرأة في التحدث عن هذا الأمر، سواء كان الأطفال المعرضين لهذا النوع من التعنيف، أو أهلهم

كشفت الدراسة كذلك أن ما يزيد عن 70% من الأطفال قد تعرضوا للعنف النفسي، وفي بعض الأحيان تزيد النسبة عن 80%، وربما يرجع هذا الأمر لسهولة الإيذاء النفسي، فهو لا يترك علامات واضحة يستطيع لأحد أن يدينه بها، ولكن رغم أن الإيذاء الجسدي يسبب ألمًا كبيرًا، فإن أغلب الأطفال وخصوصًا الفتيان فضّلوه عن الإيذاء النفسي والإذلال والإهانة، خصوصًا أنه غالبًا ما يتم أمام أقرانهم، وهو أيضًا ما يفضّله بعض الأهل بشكل صريح برفضهم إهانة أبنائهم لفظيًا أو ضربهم على الوجه، ولكنهم لا يمانعون ضربهم على أجزاء جسمهم المختلفة إن كان بغرض التعليم.

أما فيما يخص العنف الجنسي وختان الإناث، فإن الإحصائيات الخاصة به لا يعتد بها بشكل مؤكد، لأن الحديث في هذه الأمور موصوم في المجتمع، ولا يجد الجميع الجرأة في التحدث عن هذا الأمر، سواء كان الأطفال المعرضين لهذا النوع من التعنيف، أو أهلهم الذين يجدون الأمر شائنًا ولا يصح التحدث فيه، حتى لو كان الأطفال هم الضحايا.

تعرفي على: كرب ما بعد الصدمة عند الأطفال: أعراضه وعلاجه

لماذا ينتشر العنف ضد الأطفال في مصر ؟

ينتشر العنف ضد الأطفال في مصر لعدة أسباب، أهمها على الإطلاق هو قبول ذلك الأمر اجتماعيًا حتى لو تم منعه قانونًا، ففي عرف المجتمع المصري من حق الأهل تأديب أبنائهم بالطريقة التي يرونها سليمة، حتى لو كان ذلك بالضرب أو الحرق.

وهناك عدة أساليب متوارثة لضرب الأطفال، لا يجد الأهل غضاضة في التفاخر باستخدامها، أشهرها إلقاء الأطفال بالشبشب، حتى أنه أصبح مادة للسخرية والطرافة في وسائل الإعلام، وتسخين الملعقة أو اللسع بنقاط الشمع الذائب، لمنع الطفل من التبول على نفسه، للدرجة التي أصبحت فيها هذه هي النصيحة المفضلة من الجدات للأمهات الجديدات.

تعرفي على: الخوف عند الأطفال اسبابه وعلاجه، أشهر أنواع مخاوف الأطفال

لا يقتصر الأمر على ذلك، فهناك عدة مقولات شائعة في التراث المصري التي تشجع على العنف، مثل “اكسر للبنت ضلع يطلعلها 24” أو المقولات الموجهة للمعلمين والمتمثلة في “اكسر وأنا أجبس”، وكأنه لا توجد قيمة للطفل، وجعله أرخص من الدمى واللعب سهلة الكسر. 

هذا الأمر لا يجعل العنف ضد الأطفال أمرًا مقبولاً فقط عند ممارسيه أو المتشددين له، بل أحيانًا ما يبرر الأطفال أنفسهم هذا العنف، معتبرينه أمرًا طبيعيًا في دورة حياة الأشخاص، ويعتقدون أن هذا هو التعبير الطبيعي عن ممارسة القوة، وبالتالي قد يطبقونه هم أنفسهم على أقرانهم الأضعف بدنيًا أو نفسيًا.

قد يعتقد بعض الأطفال أيضًا أن ممارسة العنف البدني عليهم هو أمر طبيعي للتأديب والتعلم، وهو أمر مأخوذ كذلك من الأهل والمجتمع المحيط، ولكن ما يثير الغضب أن حتى الأطفال الذين يتعرضون للعنف أو المحيطين بهم والرافضين لهذا الأمر، لا يعلمون إلى من يتجهون للشكوى والإبلاغ عن هذه الانتهاكات.

مسؤولية خط نجدة الطفل في الدفاع عن الأطفال

من أهم الجهات المسؤولة عن حماية الأطفال في مصر، خط نجدة الطفل الذي انشأه المجلس القومي للأمومة والطفولة، والذي يحمل الرقم الساخن (16000)، ويمكن الاتصال به من الهاتف الأرضي أو المحمول، يعني الخط بتلقي كل الشكاوى الخاصة بانتهاكات حقوق الأطفال، بداية من العنف الموجه ضدهم وعمليات ختان الإناث، وصولاً إلى عمل الأطفال دون السن القانونية وزواج القاصرات.

نشر الخط إحصائيات عام 2019، مبيّنًا أنه تلقى 647 ألفًا و956 مكالمة في ذلك العام فقط، وهذا ما يعني أن هذا الخط أصبح أمرًا معروفًا ومتدوالاً بين المواطنين، حتى وإن كانت المكالمات للاستفسار والاستبيان وليس للبلاغات فقط. مع العلم أن عزة العشماوي، (أمين عام المجس القومي للطفولة والأمومة) كشفت أن بلاغات العنف ضد الأطفال التي تلقاها الخط قد بلغت نسبة 37% من إجمالي عدد البلاغات المقدمة للخط، وكان للعنف البدني نصيب الأسد منها بنسبة 54%، واحتل العنف الجنسي نسبة 6% من البلاغات.

آليات المؤسسات المعنية لحماية الطفال من العنف

بينما يسعى خط نجدة الطفل للتحرك على أرض الواقع ومحاولة إنقاذ الأطفال المعرضون لشتى أنواع المخاطر، فإن المجلس القومي للأمومة والطفولة ومنظمة اليونسيف يسعيان بشكل أكبر للتوعية وإنشاء حملات قومية لحماية الأطفال من العنف، والتي توجه بشكل أساسي إلى المسؤولين عن الأطفال من الأهل والمعلمين والمؤسسات الدينية.

تستهدف كل مرحلة من مراحل الحملات إلى التركيز على أمر واحد معين، مثل التنمر، أو الضغط على الأطفال، من أجل تحقيق أحلام الأهل، أو ضرب الأبناء، محاولين إصلاح الوضع الحالي، ونشر هذه الحملات على مختلف الوسائط الإعلامية، مثل البرامج التليفزيونية والإذاعية واللوحات الإعلانية في الشوارع ومحطات المترو، كما أنهما واكبا العصر الجديد بحملات موجهة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة مثل فيسبوك وإنستجرام وتويتر.

المقالة السابقةعندما يخرج الفن من رحم الحزن
المقالة القادمة5 خطوات للخروج من دائرة العنف الأسري

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا