متى تكسر القواعد مع طفلك؟

1005

بقلم/ محمد عيد

 

سنعرف اليوم متى نكسر القواعد مع أطفالنا، فلكسر القواعد قواعد، وقوانين المنزل ليست منهجًا سماويًا مُنزَّلاً، فالاستثناءات تطال كل شيء، وهناك حالات -وهي كثيرة- الصحيح فيها أن نكسر القواعد، كل القواعد، بنفوس راضية، فكسرها يمثل حصنًا وأمانًا للطفل ضد أضرار جانبية أوسع يُحتمل حدوثها.. فما هي هذه الحالات؟

 

1- التدريبات الاستثنائية

كل ما من شأنه أن يسبب اضطرابًا نفسيًا للطفل نتيجة مُتغير يدخل في حياته حديثًا:

تدريب طفلك على استخدام الحمام.

– فطام الطفل.

– الانتقال إلى منزل جديد.

– ميلاد أخ جديد أو حضور فرد جديد للمنزل.

– محاولة إبطال عادة ما سيئة لدى الطفل كوضع الإصبع في الفم.

 

كل هذه أوضاع جديدة تسبب تغيرًا روتينيًا في النمط الثابت عند الطفل، والأطفال أكثر حساسية من الكبار، أي تغير ولو بسيط، سينعكس عليهم بشكل واضح،

بالضبط مثلما يغير الطقس حال أوراق الشجر، يتغير حال طفلك مع تغير المُحيط والمهام والعادات المُحيطة به.

 

لذلك انسَ الآن الألعاب التي عليه أن يعيدها لمكانها، لو رفض إعادتها أثناء تدريبه على النوم منفصلاً، فهذا ليس وقته الآن. انسَ أدوات طعامه التي عليه إعادتها والروتين المطلوب منه حينما تفطمه، هو متأزم نفسيًا بما يكفي وفي حالة متغيرة علينا التغيُّر معها قليلاً حتى تزول، وتعود الأمور لمساراتها القديمة.

 

2- التغيرات الزائلة

قد يغضب الطفل في بعض المرات، ويقوم مثلاً في أحدها بتطويح يده أمام وجهك لترطمك عن غير عمد، هذا عَرَض غير مقصود، لو اتكأت عليه ونهيت الطفل بحسم عن ذلك، كما تقول القواعد ويُتوقع أن نفعل بغرض لفت انتباهه لعدم التكرار والحرص، سيُلفت فعلاً انتباه الطفل لهذا الفعل، لكنه لن يتجنبه، بل قد يسعى إليه في المستقبل من باب البحث عما يضايقك للفت الانتباه والضغط عليك لتلبية ما يريد، وسيُنشئ ذلك خصلة سلبية تحتاج للتقويم، أنت في غنى عنها أصلاً لو لم تلفت انتباهه وتركت الأمر يمر دون تعليق.

 

كذلك في إحدى نوبات غضب الطفل قد يضرب التلفاز بيده مثلاً في مرة محتجًا على شيء، ستتفاجأ وتقف على الفعل وتنهيه بحسم، أنا أقول لك لا تفعل، سيعلم الطفل أن هناك شيئًا يمكن استخدامه في مشوار بحثه عن صلاحيات أوسع ووسائل للضغط عليك لتمرير صلاحياته وطلباته، فالطفل دائم البحث عن ذلك صدقني، ونحن في غِنى عن ذلك في مشوار المفاوضات مع هذا الكائن الذي يتعلم الحياة للمرة الأولى.

 

كذلك إلقاؤه الأشياء على الأرض لو كان عَرَضًا مارًا وليس فعلاً ثابتًا معه، تغاضى كذلك، فلو لفتَّ انتباهه ستضطر للتعامل مع عشرة آلاف مرة سيقوم بإلقاء الأشياء فيها على الأرض.

 

لا تُرسِّخ هذه الأفعال وتحولها لصفات سلبية تكلفنا عبء التقويم، اترك الأمور الزائلة العرَضية تمر بسلام للمرة الأولى والثانية، ولو تكررت للثالثة والرابعة، قف عليها وقتها وابدأ مشوار التقويم بما تملكه من أدوات.

 

3- حدوث الخطأ

أحد الأركان المهمة في التربية والتي يغفل عنها كثيرٌ من الأسر، تدريب الطفل على التعامل مع الخطأ بعد حدوثه، وليس فقط تدريبه على تجنبه قبل وقوعه.

 

من الجيد أن نُدرك أننا بشر كثيرو ارتكاب الأخطاء، بل الأخطاء تمثل روتينًا دوريًا في حياتنا.. لذا من الجيد كما ستدرب طفلك على مسك الكوب الزجاجي بحرص كي لا يسقط، أن تدربه على طريقة التعامل حينما يسقط لينكسر إلى مائة قطعة. والأهم من التدريب قابليتك على قبول الخطأ، لا يجب أن تكون مُتحجِّرًا يملأ الدنيا صراخًا عندما ينكسر الكوب، بل تَفَهَّم أن الوقوع في الخطأ حتمي الحدوث، فلا يمكن لشخص أن يظل ممسكًا بالأكواب الزجاجية طوال حياته دون أن ينكسر منه واحد واثنان وثلاثة.

 

هل تفهمني؟ أنا لا أقصد الكوب الزجاجي فقط، أنا أضرب مثالاً وعليك إسقاطه على كل ما قد يختبره طفلك دوريًا ويتعرض له، علاقاته الاجتماعية، دراسته، وجوده… إلخ، وليس عندما يكون طفلاً فقط، بل مراهقًا وإنسانًا كذلك.

 

لذا فكرة وقوع الخطأ مُهم جدًا تقبلها والاستعداد لها، فنحن لسنا مُنزَّهين ولن نكون، وعلينا تأهيل أطفالنا لما سيحدث حتمًا كي نأمن عليهم أمانين، أمان الحرص قبل وقوع الخطأ، وأمان التعامل الناضج عند وقوعه لجني أقل سلبيات ممكنة.

 

فمن الممكن أن تسوء الأمور أكثر من مجرد كوب مكسور لو لم يتعلم، من الممكن أن يسبب ذلك جرحًا بالغًا نحن في غِنى عنه لو فهمنا ذلك.

 

في النهاية.. التعامل مع كسر القواعد والوقوع في الأخطاء حساس جدًا، علينا تهيئة أطفالنا للمرور فوق الكبوات وتعليمهم كيف يُحصِّلون أكبر كم من الإيجابيات واكتساب الخبرة، وكيف يبتعدون عن أكبر كم من السلبيات، يحتاج المربي في مشواره أن ينظر لما وراء الحدث واللحظة ليدرك الفعل الحقيقي.

 

هكذا يُمكنك أن تُنشئ طفلاً سليمًا ومستقرًا نفسيًا.

 

المقالة السابقةالماراثون الذي لا ينتهي
المقالة القادمة3 وصفات لكارهي السبانخ
كاتبات

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا