ما فعلته بنا الخلفة

655

يعيش المتزوجون في حياة خفيفة وسهلة نسبيًا قبل وجود الأطفال، فبالرغم من أنهم يتحملون مسؤولية فتح بيت والاعتياد على شريك السكن، لكن أغلب العادات الشخصية والتفضيلات تظل كما هي مثل حياة ما قبل الزواج، مثلاً البرنامج المفضّل، درجة سخونة الأكل ونوعيته، مع القليل من التهور والاستهتار في بعض التصرفات فهو لن يضر أحد. وهي نفسها الأمور التي ستنقلب 180 درجة ، فيصبح لنفس الأشخاص اهتمامات مختلفة تمامًا.

 

1- “ضيف؟ أي ضيف؟ الضيف الذي سيزورنا”

وجود طفل صغير يتابع التليفزيون بشغف، يغيّر من قائمة القنوات التليفزيونية المفضّلة، فتصبح براعم وسبيس تون بديلاً عن mbc2  وfoxmovies. لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبعد مشاهدة نفس البرنامج مرتين يوميًا لمدة أسابيع متتالية، أصبحنا نعرف الكارتون اللطيف من الكارتون السخيف، نفضّل مشاهدة “ماني الحرفاني” عن “نظيف نظيف”.

كنا نعتقد أن هذه هي النهاية حتى وجدت نفسي أردد جملة تيلا وتولا المميزة “ضيف؟ أي ضيف؟ الضيف الذي سيزورنا”، ثم أصبحت أضحك عليها، ثم بدأت أركز مع نكاتهم التي كانت تبدو سخيفة، وأضحك عندما تتبادل جيهان الدور مع تيلا، ويخبرني زوجي أن “تولا” في حلقة اليوم كان يتحدث الإنجليزية في وسط الكلام فكان رده على تساؤل “تيلا” بأنه “الـguest الذي سيزورنا”. فنضحك كثيرًا على الدعابة السخيفة، نضحك بالفعل من قلوبنا.

 

2- بيقولوا موجة برد جديدة يوم 11

لم أهتم في يوم بمتابعة أحوال الطقس، لو كانت الدنيا بردًا فسأثقل من الملابس التي ارتديتها، لو كانت درجات الحرارة مرتفعة فسألبس صيفيًا، كانت الأمور بسيطة وسهلة وسلسة، حتى كانت الخلفة، فأصبحت أهتم ليس فقط بدرجات الحرارة، ولكن أيضًا بتوقعات الطقس للأسبوع المقبل، أقول لزوجي: “بيقولوا موجة برد جديدة يوم 11” ثم أسكت وأستغرب نفسي ومن اهتمامي الجديد، وأتذكر أمي واهتمامها الشديد غير المبرر بمتابعة درجات الحرارة لليوم التالي، أقول ربما بعد 20 سنة من المتابعة اليومية لأخبار الطقس، ستكون بيننا عشرة وعيش وملح وسأظل أتابعها بدون أي سبب.

 

3- حوّل يا ابني على قنوات الكلاسيك

دائمًا ما كنت أتابع mbc2، حتى بعد الخلفة كنت أسرق ساعتين لمشاهدة فيلم، لم أكن مهتمة بمعرفة تقييم الفيلم ومناسبته لأي مرحلة عمرية، وما إذا كان يتضمن مشاهد عنيفة أو دموية، ويا حبذا لو كنا يوم الإثنين فهي ليلة العرض الأول والفيلم الجديد بدون الاهتمام بنوعيته. مؤخرًا كنت أشاهد فيلمًا أجنبيًا، لأجدها منتبهة جدًا لسيف الساموراي وهو في يد عروس “Kill Bill” وتقول بمنتهى الاندماج “أي، اتعور”، لأودع ليلتها كل أفلام الأكشن والرعب، وأحوّل توجهاتي إلى ميلودي وروتانا كلاسيك.

 

4- ده تتر نور، هي الساعة لحقت تيجي 7؟

كنا فيما سبق، نعلم أن الساعة 8 عندما يبدأ برنامج العروض، أو أنها قد أصبحت 6 مساءً عندما يبدأ برنامج جيمي أوليفر، ولكنني أصبحت أحفظ جدول برامج قنوات الكارتون، فأعلم أن الساعة أصبحت 7 لأن إعادة حلقة “مغامرات نور” بدأت.

 

5- المطعم فيه تشانشينج تابل؟

قبل الخلفة وسنينها، كنا نتساءل قبل الذهاب إلى أي مطعم جديد عن نوع الطعام الذي يقدمه وعن جودته، نتحمس للذهاب ولرؤية مكان ومناظر جديدة. أما بعد الخلفة فإن أول سؤال يخطر ببالي هو مدى وسع المطعم، وهل هو أوبن إير أم مغلق، ثم يأتي السؤال الكبير، هل في المكان تشانشينج تابل؟ يعني طاولة تغيير حفاضات الأطفال. ومن الممكن أحيانًا تغيير الخطة كلها بسبب أن هذا المكان لا يدعم تغيير “البامبرز” للأطفال.

 

6- “السيتال” مش نافع بنديها “كاتافلاي”

كنت فيما سبق طفلة مدللة، كل ما عليّ فعله هو أن أمرض وتتكفل أمي بإعطائي الأدوية، حتى عندما كبرت وأصبح من الطبيعي أن أعتمد على نفسي في الدواء، فأنا أهمله لأني لا أعلم ما الفرق بين “أوجمنتين” و”أبيمول”. ولكن عندما وُلدت مريم، أصبحت أعرف أن “سيتال” هو خافض الحرارة الذي يجب أن نبدأ به، أقرأ النقاشات الدائرة حول لبوس “الدولفين”، وأعلم أن “البرونكوبرو” للكحة الجافة أما “الميوكوفيللين” فللبلغم. أي والله! لقد ذهبت أيام الدلع خلاص.

 

7- باي باي ثبات انفعالي

كانت القاضية بالنسبة لي هو أنني أصبحت مرهفة الحس بشدة، الأفلام القصيرة والمشاهد العاطفية والإعلانات شديدة المباشرة عن أهمية الأهالي وروعة الأطفال، كانت مثل هذه المشاهد تضحكني يومًا ما، أسخر منها بشدة ومن شدة سطحيتها، كنت اتأثر بالطبع عند معرفة حوادث الأطفال ولكن لا آخذها بشكل شخصي. ثم فجأة، بوووم، أصبحت أبكي كلما رأيت طفلاً يبكي، أنهار بالكامل عند سماع حوادث الأطفال المتكررة، أجاهد كي أبقي دموعي داخل عيني عند سماع شهادة والدة أحد الأطفال الضحايا. تدمر ثباتي الانفعالي بالكامل، بسبب تلك الطفلة التي تتراقص مع “مغامرات نور” وتغني مع “توماس والأصدقاء”.

 

ربما كنا نتذمر من بعض هذه الأفعال في البداية، ولكن بمرور الوقت استطعنا أن نرى الجانب المضيء في هذا التغيير، وهو أننا دون أن نشعر نستطيع بالفعل تحمّل مسؤولية تربية طفلة، وأن نندمج في عالمها الطفولي تدريجيًا فنتمكّن من تفهّم تصرفاتها وتطوراتها، وربما يكون هذا بداية صداقة قوية بيننا وبينها. بالتأكيد أحيانًا أشتاق إلى عالم الكبار الذي كنت يومًا أنتمي إليه، فأنتظر حتى تنام لأستطيع دخوله مرة أخرى عن طريق قناة mbc2.

المقالة السابقةشاهد قبل الحذف.. انفراد
المقالة القادمةوشكوت لله أن التراب يحزنني

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا