شاهد قبل الحذف.. انفراد

701

مشهد 1

مكان واسع فيه راقصات هنديات لابسين فساتين ملونة وواسعة، وراقصين هنود لابسين اللبس الهندي التقليدي ومزيكا هندي عالية، في نفس المكان فيه بنات مصريات تقليديات لابسين لبس عادي وإيشاربات ومعلقين شنطهم على دراعاتهم، والكل بيرقص، الهنود بيرقصوا باحتراف رقصاتهم التقليدية، والبنات المصريات بيتحركوا بعشوائية معاهم بس بمنتهى الحماس وكلهم بيضحكوا وبيسقفوا.

 

مشهد 2

الفيسبوك مقلوب، كل الناس مشيّرة الفيديو وبيضحكوا ع البنات، اللي بيعلق على أجسامهم الغير صالحة للرقص، واللي بيعلق على إنهم شوّهوا الرقص الهندي، واللي بيعلق على قلة أدبهم، واللي بيضحك عليهم من غير سبب محدد.

 

مشهد 3

شخص ظريف من اللي بيعملوا فيديوهات ع الفيسبوك تريقة على كل حاجة لابس طرحة وتيشيرت حاطط جواه حاجات على بطنه عشان يبقى عنده كرش، واقف بيقول كلام ملوش معنى قال يعني هندي، وبيقلد البنات اللي كانوا بيرقصوا في الفيديو الأصلي على سبيل إضحاك الناس يعني وكده، وفعلاً ناس كتير دخلت ضحكت ع الفيديو وكملت تريقة ع البنات وكملوا كمان تعليق على أجسامهم وعلى إنهم مش بيرقصوا ولا حاجة دول بيتنططوا وبيتحركوا حركات هبلة وعشوائية.

 

مشهد 4

البنات اللي كانوا في الفيديو بيشوفوا كل ده وكل واحدة فيهم بتفكر إنها غلطانة إنها عاشت دقيقتين حلوين، فيه منهم بنات زعلت على اختراق الخصوصية، وفيه منهم بنات قامت بصت في المراية لجسمها اللي كل الناس اتريقت عليه، وفيه منهم شتموا الجريدة اللي كان ليها السبق إنها تنشر الفيديو على صفحتها وتعلق عليه تعليق مهين للبنات، وفيه منهم بنات مفرقش معاهم حاجة وفضلوا فرحانين إنهم لمدة دقيقتين (مدة الفيديو) رقصوا وضحكوا واستمتعوا رغم كل التريقة اللي حصلتلهم بعدها.

 

التلات مشاهد الأولانيين حقيقيين، المشهد الأخير تخيلي بس أعتقد إنه حصل بشكل أو بآخر، المشكلة مش في التعليقات اللي مغرقة الفيسبوك عن البنات، ولا في الفيديو اللي اتعمل تريقة عليهم، المشكلة إن اللي حصل ده كان معركة حقيقية جوة كل واحد اشترك فيها.

 

كل واحد شتم البنات دول حاسس إنه انتصر في معركته الخاصة، فيه منهم حاول يقلل من البنات عشان يحس إنه أحسن منهم، وبنات كتير اتريقت عليهم عشان مقدروش يعملوا زيهم لأسباب كتير، واللي عمل فيديو التريقة انتصر في معركة الانتشار لأنه ضمن إن الفيديو هيجيب مشاهدات عالية جدًا لأننا شعب متدين بطبعه، والجريدة اللي ساهمت في أكل لحم البنات دول انتصرت في معركة الترافيك الجبارة، كل دول انتصروا في معاركهم الخاصة وناموا مرتاحين.

 

كل الناس فجأة بقوا مدافعين عن الأخلاق، كلهم بقوا شايفين إن الضحك والحركة عيب، مع إن سبحان الله، نفس البنات اللي كانوا بيرقصوا وبيتنططوا في الفيديو ممكن تشوفهم في الشارع بيجروا وبيتنططوا برضو، بس عشان يلحقوا باب المترو قبل ما يقفل، أو تشوفهم بيعملوا حركات بهلوانية عشان يلحقوا مكان ع السلم الكهربائي في محطة العتبة، أو بيجروا ورا الميكروباص، أو تشوف واحدة فيهم بتصرخ برضو زي ما كانت بتصرخ في الفيديو، بس هتلاقيها بتصرخ عشان شنطتها فيه واحد خطفها منها وطار بالموتوسكل.

 

مش عاجبكو إنهم بيعجنوا وبيعملوا أي حركات والسلام؟ طب ما همّ طول اليوم عايشين بنفس الطريقة، طول الوقت بيعملوا حركات غريبة عشان محدش يخبط فيهم وهمّ ماشيين في الشارع، أو عشان يتفادوا إيد واحد طالعة من شباك عربيته بيحاول يلمس أجسامهم وهمّ ماشيين ع الرصيف.

 

أوزانهم تقيلة؟ حضرتك نسيت إنهم بنات عادية مش موديلز ولا ممثلات ولا راقصات محترفات، بنات عاديين راجعين من الشغل أو من الجامعة، بنات عاديين مش مطلوب منهم أبدًا إنهم يرضوا مقاييسك الخاصة عن الجمال لإنهم مش بيحاولوا يبهروك أصلاً، بنات عاديين زي أختك وأمك ومراتك يا اللي اتريقت عليهم وضحكت من قلبك، وزيك إنتي كمان يا اللي شتمتي فيهم واستغربتي من أشكالهم وأحجامهم العادية جدًا والمعتادة في مجتمعنا.

 

التعليقات كلها كانت عنصرية وبايخة، محدش فكر في إن البنات والستات دول ما صدقوا لقوا حاجة يطلعوا فيها كبتهم، إحنا البنات بنحب نهيص في الهيصة، إنت مبيتعرفش تهيص وبتحب تلعب دور غراب البين دي مشكلتك، إنما الفيديو كانت مدته دقيقتين، الدقيقتين دول كانوا تجربة لكل واحدة من البنات اللي في الفيديو، هتفضل تحكي عنها كتير، وتحطها في C.V. حياتها وتقول أنا في يوم من الأيام رقصت مع هنود حقيقيين.

 

إنت مشكلتك إنهم رقصوا ولا إنهم اتصوروا؟ يعني أنا افهم مثلاً إنك تشوف إن “الله حلو أوي بس فيه رجالة” أو “يا بختهم بيرقصوا وبيتنططوا بس لو مكانش الإيفنت متصور وكان في خصوصية أكتر من كده كان يبقى جميل”، إنما أنا شفت تعليقات كلها برة صلب الموضوع، إنت بتعلق على أجسامهم وعلى إنهم بيرقصوا من الأساس، أو بتعلق على إن المصريات مبيعرفوش يرقصوا هندي، ولو إن ده طبيعي يعني، ما هم مصريات حضرتك.

 

يعني إنت بتعذبهم عشان حاولوا يهربوا ولا عشان فشلوا؟

 

إنت ارتحت لما شتمت البنات اللي ظهروا في الفيديو؟ حسيت إن نفسيتك بقت أحسن؟ حسيت إنك أديت واجبك على أكمل وجه؟

 

طيب أحب أقولك إن كلامك مفرقش حاجة مع البنات اللي رقصوا لمدة دقيقتين وصرخوا من الفرحة واتنططوا من الانبساط، عشان ببساطة همّ كانوا في الفيديو وإنت كنت قاعد قدام اللاب توب مبتعملش حاجة.

 

اللي اتريق واللي شتمت واللي عاب واللي حقدت ع البنات اللي رقصوا هندي في الفيديو، أحب أقولكم إن البنات حلوين، وبيعرفوا يفرحوا ويرقصوا لمدة دقيقتين، إنما إنتو كل اللي بتعرفوا تعملوه إنكو تشعّوا طاقة سلبية وبس، مساكين وصعبانين عليّ مفيش في حياتكم حاجة ينفع تحكوا عنها ولا تعرضوها ع الناس، والسوشيال ميديا جننتكم وخلتكم عايزين تظهروا زي الباقيين فمفيش قدامكم حل غير إنكم تعملوا كده، معذورين والله. 

 

المقالة السابقة5 وصفات مدهشة لعمل الـ French toast
المقالة القادمةما فعلته بنا الخلفة
إنجي إبراهيم
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا