بنت بـ100 بنت

860

كاميليا

 

قبل مرحلة الجامعة كنت مهووسة بإطلاق الأحكام على الناس، والحقيقة يعني كانت كل الأحكام دي بتطلع غلط 100% وده اللي اكتشفته
مع الوقت.
وكنت بعتبر نفسي زي "كيفين" في فيلم Home alone لمّا كان متخيل جارهم اللي بيشيل التلج بالجاروف، قاتل أو شخص مشبوه لمجرد
مظهره الخارجي وانطوائه، وبعد كده كان هو ده الراجل اللي أنقذه من الحرامية.. ونفس الموقف مع السيدة اللي بتأكل الحمام في الشارع
ومظهرها المتواضع لكن طيبة قلبها وحكمتها علمته حاجات كتير جدًا.

النهارده هحكيلكم حكايات بنات كل بنت فيهم بـ100 بنت، مش هقول بـ100 راجل.. يمكن لأن مجتمعنا أستاذ في إطلاق الأحكام على
البنات وبس، أو بمعنى أدق البنات ليهم نصيب الأسد من أحكام الناس في كل زمان ومكان.

أثناء الجامعة كنت بدأت أشتغل صحافة، المهنة اللي هفضل ممتنة ليها جدًا جدًا لأنها السبب اللي خلاّني فعلاً أشوف كواليس حياة الناس
عن قرب وألتمس الأعذار وأفهم، والأهم أبطل أحكم على أي مخلوق.
خلال الفترة دي قابلت ناس كتير جدًا:

– قابلت البنت المستقلة اللي قررت تعيش لوحدها وتعمل مشروعها الخاص بدون خوف من المجتمع ونظرته وأحكامه، وعرفت فيما بعد
إن البنت دي مختارتش طريقها الصعب ده طواعية، بس هي شجاعة كفاية إنها تكمل فيه وعودها مصلوب وتنجح وتكبر، ونفس المجتمع
يتكسف من نفسه وهو بيحكم عليها إنها "عايشة لوحدها عشان تعمل اللي على كيفها".

– أما صديقة الطفولة فكانت متمردة كفاية إنها تقلع الحجاب اللي لبسته غصب من المرحلة الابتدائية، تقريبًا كل أصحابنا في الجامعة
اتهموها بالضلال، هي بس كانت محتاجة تفهم وترتاح وتقتنع وتعدي فترة الشك والتردد، هي عدت الفترة دي بكل صعوباتها من نظرة
مجتمع وغضب أهل وبُعد أصحاب وبقت واعية كفاية إنها تختار الحجاب تاني بعد سنين بإرادتها، ويمكن علاقتها بربنا تكون أقوى
وأعمق بكتير من الدين الظاهري فقط.

– صديقتي المطلقة بعد 3 شهور من زواجها، قررت متمكلش في جوازة محكوم عليها بالفشل، قررت تصلح الخطأ مش تكمل فيه.. لكن
طبعًا مجتمعنا مرحمهاش أحكام، كانت بتسمع وتشوف كلام الناس عنها على مدار 24 ساعة، ومع ذلك كان قرارها بالعودة لشغلها
وحياتها الاجتماعية وهي بتعافر عشان تكون قوية، بمثابة ألم على وش كل اللي بيتكلموا عليها ليل نهار، وكتير منهم بيتمنى من جواه
يكون شجاع زيّها.

– البنت الجميلة اللي بتشتغل في تنظيف البيوت أيام الأجازات لأنها بتدرس في تجارة إنجليزي وبتساعد نفسها تكمل الجامعة، لأن حرفيًا
أهلها مش موجودين.. البنت دي أصحابها بيشوفوها دون المستوى بتاعهم، وهي مصممة تثبت نجاحها كل يوم بدون ما تيأس أو تُحبط.

– المسترجلة من وجهة نظر المجتمع وزمايل الشغل، بس عشان إحنا في مجتمع مبيرحمش فهي قررت تحتفظ بالأنثى جواها لأجل غير
مسمى، والغريبة إنها كانت أجدع من ذكور كتير في الحياة.. معرفوش يكتسبوا صفة الرجولة.

الخلاصة:
الناس ممكن تحكم عليك وعلى حالتك وتبني افتراضات من صورة أو ستاتيس على الفيسبوك.. الناس دي ميستاهلوش تاخدهم على محمل
الجد.
الناس بتحكم ع السمرا والبيضا والطويلة والرفيعة والمحجبة وغير المحجبة.. الناس دي فاضية جدًا عقل وقلب وروح.

أي بنت بتنزل من بيتها كل يوم في اتجاه المدرسة/ الجامعة/ الشغل/ الشارع عمومًا.. بترجع بـ3 أو 4 أحكام ع الماشي على شكلها
وشخصيتها.. وبتكمل تاني يوم عادي جدًا بكل شجاعة.

في النهاية هتكتشفي إن:
اللي بتحاول تظهر قوية دايمًا وغير قابلة للكسر، هي أكثر واحدة متفتفتة مليون حتة من جواها.
اللي على طول مبتسمة وبتضحك وبتشع تفاؤل للي حواليها، جربت بجد يعني إيه حزن وإحباط وفشل، بس نفسها غيرها ميجربهومش.
اللي عينيها بتدمع جامد وهي بتضحك، أكتر حد محتاج طبطبة تطمن من القلب.
الحادة والعنيفة في ردود أفعالها، كانت لطيفة جدًا لدرجة السذاجة في الماضي.
اللي بتحاول تطمن اللي حواليها دايمًا إن كله هيبقى تمام، في الحقيقة عمر الدنيا ما مشيت معاها تمام.
فإن كان ولا بد نحكم وننظر على حد، خلينا نحكم على نفسنا أولى.

المقالة السابقةطرق جديدة للتزيين باستخدام القواقع
المقالة القادمةمركب نجاة
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا