بقلم: روكسان رأفت
في مجتمعنا بنعتبر أن الولاد أكثر حظًا من البنات! للدرجة اللي بتخلّينا نشيل الهم لمّا نخلّف بنات؛ لأننا كثير بنقلق عليهم أكثر، وبنبقى عايزين نحميهم بأي شكل.
في منشورات هزلية كوميدية من اللي بنقراها على “السوشيال ميديا”، بنلاقي أسئلة كثيرة من نوعية: هتعملي إيه لو بقيتِ ولد ليوم واحد؟ كان نفسك تكوني ولد؟ أو إيه الحاجات اللي بتكرهيها في كونك ست أو بنت؟
والحقيقة أنا مش مختلفة مع الأسئلة؛ لأنها -مرّات كثيرة- بتبقى طالعة من ظلم وحرمان وقلة فرص. لكن تقريبًا عُمري ما عرفت أجاوب عليها! عمري ما تمنيت ولا قدرت أتخيل نفسي غير أني بنت.
رغم أني عايشة نفس المعاناة في نفس المجتمع وتحت نفس الظروف. لكني بصراحة قابلة نفسي كبنت وبحبها.
لكني اكتشفت حاجة لذيذة قوي، لمّا بقبل أني بنت بتفق مع الخالق -سبحانه- في خلقه ليَ. طبعًا ماحدش بيختار نوع جنسه، وكثير بيتخانق معاه! واحنا الستات مرات بنتضايق من اليوم اللي اتخلقنا فيه ستات.
لكن النهارده ينفع نبص للموضوع بنظرة ثانية، ينفع نعمل اتفاق مع الخالق، الله تبارك اسمه. ونبتدي نفكر يا ترى إيه تأثير خلقنا كبنات وستات؟ وليه مهم أتفق مع الخالق؟ وأتفق معاه في إيه؟
1- أنا أتفق مع الخالق في وكالتي على شئون القلوب
ومين تاني أكفأ مننا في ده؟ .. رغم أني مبحبش التعميم اللي بيقول إن الرجال أكثر منطقية والستات أكثر عاطفة ومشاعر؛ إلا أني بشوف أن البنات والنساء -عمومًا- الأكثر خبرة وممارسة واهتمامًا بالأمور العاطفية. جزء كبير من الاحتياج العاطفي في البيوت بيتسدد من خلال البنات والستات باختلاف موقعهن في الأسرة: زوجات، جدات، أخوات، أمهات. هن الأكثر معرفة بشئون القلوب ما يكسرها وما يحييها، ما يؤلمها وما يبنيها. فأنا أطلب الله -سبحانه- كل يوم أن أتصرف بأمانة مع هذه الوكالة.
2- أنا أتفق مع الخالق في وكالتي على الأمومة
دور مينفعش يتبدل، سواء كنتِ أم بيولوجية أو لا، جوَّا كل واحدة فينا ميل وغريزة للرعاية والمحبة والاحتضان. ميل لمنح الحياة لأشخاص ثانيين! وكالة ملهاش شرح ولا وصف، بنشوف تفاصيلها وتأثيرها مع كل دعوة حلوة، وطبطبة في وقت صعب، وصرخة في وقت ولادة، وحس ست في بيت بيحس بالتوهة في غيابها.
واحنا صغيرين كنا ندخل البيت ندور ونسأل ماما فين؟ بما فينا بابا!
3- أنا أتفق مع الخالق في وكالتي على منبع ومصدر الجمال في الحياة
دور على تعريف للجمال هتلاقيه في وش بنوتة صغيرة، لابسة فستان، وبتلف بيه وتفرّجه لباباها أو أخوها. في حضن بنت صغيرة بتطبطب على الكل بكفيها الصغيرين اللي مليانين حنان. هتشوف الجمال في مهارة كل بنت وست بتوريك الجمال بلون وطعم مختلف، مش بس في تفاصيل وتقاطيع وملامح؛ لكن صفات ولذاذة وخفة دم وحكمة وحنية وأيام ملونة وسط تفاصيل غامقة في الحياة. لما ربنا حب يورينا الجمال خلق حواء، واحنا زيها بنواصل تزيين الدنيا كل يوم وباستمرار.
أنا أتفق مع الخالق وأقبل وكالته لي على جزء من الحياة باعتباري امرأة.
مرات بحس أن أي حد فينا محتاج كل يوم الصبح يردد دعاء بداية اليوم؛ فما بالك نحن السيدات! نحتاج للدعاء لأننا بنواجه كثير من الإساءات والإهانات، كثير من التمييز، وكثير من القلق والخوف. وأعتقد أن الله -تبارك اسمه- لا يميز، ولا يقلل منا كسيدات! .. دي حاجة متليقش بكرمه ولطفه وخلقه لينا كستات، بالعكس هو يقدرنا أقصى تقدير.
في الشهر الكريم ده اللي بنزود فيه الدعاء والصلوات والابتهالات؛ خلونا نردد الدعاء ده مع بعض:
يا رب ياللي خلقتني بنت؛
خليني أحبني وأشوفني زي ما أنت شايفني، مش زي ما الناس عايزين يشوفوني.
اجعلني سببًا للحياة لكل من يقابلني.
اللهم قوِّني كي أواجه مجتمعي بثبات من غير أن أفقد وداعتي ولطفي.
اللهم أعطِ قلبي دوام المحبة لقلبي، مهما لوثت طبيعته المضايقات والإساءات.
اللهم اجعلني مصدرًا للجمال وليس للقبح.
اللهم زد إيماني بك وتمسكي برأفتك ولطفك وعفوك.
اللهم هب لي أناسًا يقفون معي ولأجلي لأتقوى بهم.
اللهم ثبت دعائي لك؛ إنك أنت السميع البصير الحكيم.
المراجعة اللغوية: عبد المنعم أديب