4 خطوات لإصلاح ما أفسده الختان

4416

“اللي حصل حصل” مقولة مستفزة جدًا بالنسبة لي، تتكرر فقط في أوقات الكوارث، والنكبات، قدر كراهيتي لها، كان احترامي لها، فهي تشخيص ناجح لكثير من البلاوي، تضعنا وجهًا لوجه مع الحقيقة المرة، أنه لا سبيل لرجوع الزمن، ولا محو أخطاء الآخرين بحقنا.

تأتي من بعدها عادة المرحلة الأهم، وهي بداية التفكير في طريقة ما للتعافي، بقدر ما يسعف العقل وتسمح به الحالة النفسية من أجل الخروج من المأزق.

 إن كنتِ قد تعرضتِ للختان فأنتِ واحدة من 200 مليون ناجية من الختان حول العالم، بحسب تقديرات الأمم المتحدة

صحيح أنه تختلف الطريقة، والطقوس، ونسبة التضرر، لكن يبقى الشعور واحدًا، عميقًا وموجعًا، أنتِ مع 200 مليون مثلك حول العالم تتشاركن ذات المشاعر الغاضبة التي تُبقي التجربة في الذاكرة ملفًا مفتوحًا، يأبى الوصول إلى صفحة النهاية فيه، لكن يبدو أن هناك طرقًا يمكن من خلالها إغلاق الملف الموجع بشكل أو بآخر.

كيف يمكن تجاوز ألم الختان

القيام بالكتابة لتفريغ المشاعر السيئة

الكتابة دائمًا هي الخطوة الأولى للخروج من التجارب المؤلمة، أن تنقلي مشاعرك بالكامل إلى الورق، أن تروي ما لديكِ بصراحة تامة، دون قيود، ودون أي اعتبارات لأي شيء

الكتابة عن مشاعرك، مخاوفك، رغباتك، ما يزعجك حقًا وما تريدينه، أفكارك عن الطرق المتاحة لكِ من أجل التعافي من التجربة

يقول رالف والدو إمرسون “تكمن الشجاعة في القدرة على التعافي” ولا بأس أيضًا من البكاء، إن كنا نبتهج حين نفرح فلا بأس أن نبكي حين نحزن ونشعر بالانكسار، الدموع في رأي الكاتبة “بثينة العبسي” هي الآلية الدفاعية الفطرية التي يستثمرها القلب البشري لاستجلاب التعافي.

الكتابة تساعد على فهم الذات بشكل أكبر، ومن ثم تطوير مناعة نفسية يمكن من خلالها التعافي بشكل أسرع.

الكتابة التعبيرية عن الآلام والمشاعر المكنونة في النفوس لها آثار ملحوظة، بدنيًا ونفسيًا، فهي لا تساهم في التنفيس عن شحنات الغضب والحزن فقط

لكنها تساعد أيضًا على الوصول إلى قرارات وتشخيص أفضل للمشكلات، لكن يبدو أن الامر يذهب لأبعد من ذلك بحسب دراسة لأستاذ علم النفس جيمس بينبيكر عام 1986

والذي اكتشف عبر دراسته التي أجراها على طلابه أن الكتابة التعبيرية عن اللحظات القاسية في حياتهم قد ساعدتهم على تقوية الجهاز المناعي، وأسرعت من التئام الجروح، فضلاً عن كونه وسيلة مجانية خفضت عدد زياراتهم للأطباء في الأسابيع اللاحقة.

اقرئي أيضًا: لؤلؤة.. هناك أمل من التعافي من الإساءات الجنسية

تفهمي حجم الضرر الذي لحق بكِ

أنواع الضرر الناتجة عن عمليات الختان مختلفة بحسب نوعية الختان، عليكِ أن تفهمي حجم الضرر الذي لحق بكِ كي تتمكنين من التعامل مع آثاره حيث يتم الختان للإناث بأربعة أشكال

أشكال عملية ختان الإناث

  • النوع الأول: هناك شكل يتضمن استئصال البظر جزئيًا أو كليًا
  • النوع الثاني: هناك شكل يتضمن إزالة البظر والشفرين الصغيرين
  • النوع الثالث: يسمى الختان الإفريقي، يتضمن إزالة البظر والشفرين الصغيرين وإغلاق الفرج كاملاً عبر خياطة الشفرين الكبيرين، مع ترك فتحة صغيرة لخروج البول والطمث
  • النوع الرابع: يتضمن وخز أو خرق أو قطع أو شد البظر أو الشفرين الصغيرين أو كليهما، أو كيِّ وحرق البظر والأنسجة المجاورة، وأحيانًا إحداث قطع بفتحة المهبل.

تعرفي على: ما هي أضرار ختان البنات؟

تعرفي على: زوجتي مختونه ماذا أفعل ؟ هل الختان ضروري للمرأة؟

تحديد حجم الضرر يعني تحديد حجم المشكلة، ومن ثم وجود فكرة واضحة حول طريقة علاجها، لذا فالبداية دائمًا أن تعلمي جيدًا “إيه اللي حصل؟”.

المشكلة لا تكون نفسية فقط، أحيانًا تكون بدنية، تتدرج من الالتهابات إلى الألم المستمر، والدورة الشهرية المؤلمة والمشكلات اللاحقة عند ممارسة الجنس

فضلاً عن مشكلات التبول والولادة وأحيانًا العقم، تلك الأخيرة جرى إثباتها عبر دراسة سريرية أجراها طبيب الأطفال السويدي لارس ألمروت في السودان، حيث أوجد عبر الفحص علاقة بين الختان والعقم في اثنين من مستشفيات العاصمة السودانية الخرطوم.

المشكلات النفسية والجسدية الناتجة عن الختان ليست “دلع”، البعض يدفع حياته أحيانًا ثمنًا للختان، وأحيانًا يكون الثمن مستقبل العلاقة الجنسية بالكامل، وسط قوانين تنصف حينًا وتخذل أحيانًا.

لقد نجوتِ من احتمالات الصدمة العصبية العنيفة، ومن تسمم الدم، ومن النزيف الحاد، ومن التهابات الجهازين التناسلي والبولي، ومن انسداد قناة فالوب، وغيرها من الاحتمالات المرعبة التي يمكنك التعرف عليها عبر كتاب “الختان” لـ حازم خالد

في هذه الحالة يبدو خيار التعافي حتميًا للناجيات من التجربة نفسيًا وبدينًا أيضًا.

محاولة التعافي نفسيًا

من الصعب الحديث عن تجربة الختان، خصوصًا أمام آخرين، لكن الحديث إلى طبيب نفسي أو الانضمام إلى واحدة من مجموعات الدعم النفسي

والتأهيل من أجل التعبير عن مشاعرك وخبراتك الحياتية التي مررتِ بيها سيساعدك كثيرًا، الحديث عن الألم والصدمة، كذلك عن الاحتياجات الجنسية أو أي قضايا تهمك في هذا الإطار

يعد واحدًا من أشكال التعافي الهامة، ليست رفاهية وليست أمرًا اختياريًا، إن كنتِ تريدين الخروج بحق من التجربة.

البعض يتعامل مع مسألة البوح عن أمور حساسة بهذا الشكل، أمر من قبيل المستحيلات، بل إن بعض الفتيات والسيدات لا يذكرن من الأساس أنهن تعرضن للتجربة

لذا إن كان الأمر يبدو مستحيلاً فمن الممكن اللجوء إلى بعض المواقع الإلكترونية التي توفر الاستشارات والعلاج النفسي أون لاين تجنبًا للحرج

المشاعر السلبية الباقية رغم مرور سنوات طويلة على الحدث ليست أمرًا هينًا، المسألة تستحق تدخل حقيقي، هذه اقتراحات منظمة الصحة العالمية والتي أوصت بضرورة توفير المشورة والمساعدة النفسية، بغية التخفيف من الآلام عبر الطواقم الطبية، في المناطق الأكثر تأثُّرًا بهذه المشكلة، حتى لو كان الاختصاصيون يعلمون أن الختان سينفذ من دونهم على أي حالة

صحيح أن الدولة لا توفر موقعًا واضحًا يمكن لضحايا الختان التوجه إليه، من أجل تلقي مشورة متخصصة، لكن مسؤولية صاحبة التجربة عن نفسها تحتم عليها ذلك.. إن لم يتحرك أحد لأجلك تحركي لأجل نفسك.

 محاولة التعافي بدنيًا

“داوني بالتي كانت هي الداء”، ينطبق هذا المثل على معضلة الختان، فإن كان الفعل يتم بعملية جراحية، فالعلاج أيضًا أحيانًا يستلزم عمليات جراحية لإعادة الامور إلى نصابها.

بدأت فكرة التعافي البدني من الختان في الانتشار حول العالم، خلال السنوات الأخيرة عبر مجموعة من المراكز والوحدات المتخصصة في هذا الشأن،

فعلى سبيل المثال توفر رابطة تنظيم الأسرة الآيرلندية خدمة “علاج تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية” عبر مستشارين وأطباء للمساعدة في التعافي من الألم والعدوى، وحتى إجراء جراحات التصحيح إن استلزم الأمر، مجانًا

الفكرة ذاتها كانت السبب في افتتاح مركز “زهرة الصحراء” في مستشفى فالدفريده في برلين، والمكون من جراحين وأخصائيين ونفسيين لمساعدة المتضررات على التعافي.

مدير قسم الجراحة والتجميل الدكتور دان مون أوديي، شرح الفكرة باختصار “تقنيات جراحة جديدة، تعتمد -إلى جانب ترقيع البظر- على إعادة تركيب شفاه الفرج، قادرة على إعادة الثقة إلى النساء ومنحهن شعورًا بحياة طبيعية”.

منظمة الصحافة الإفريقية أسست مركزًا مشابهًا في بوركينا فاسو لمساعدة ضحايا ختان الإناث على استرجاع قدرتهن على الممارسة الجنسية الطبيعية بمدينة بوبوديولاسو.

صحيح أن مصر لم تتخذ خطوة رسمية واضحة للمساعدة على علاج الآثار، لكن بعض المراكز الخاصة في مصر بدأت المشوار، من بينها مركز سيف الدين الذي يتخصص في ترميم البظر وإصلاح تشوهات الختان لـ”إعادة الشكل والوظيفة الطبيعة”

“ما حك جلدك مثل ظفرك” مثل أعتز به كثيرًا، فمهما أبدى الآخرون اهتمامهم بكِ وبمصلحتك، في النهاية تبقى قناعاتهم ورؤيتهم هي المحرك لهم، أما أنتِ فلكِ مستقبل ورؤية وحياة، لم ولن تخلو من الإساءة والإيذاء،

إن لم تملكي يومًا ردها، على الأقل في يديك إصلاحها، نفسيًا وبدنيًا، و إن لم يبدأ تقديرك من ذاتك فلا تنتظري من الآخرين تقديرًا يُذكَر.. القرار صعب بالتأكيد لكنه ليس مستحيلاً، والتعافي من الألمين، البدني والنفسي، يستحق منك المحاولة.

المقالة السابقةبالرغم من عدم ختاني أصابني الألم
المقالة القادمةإزاي تتعافي من ألم الختان؟
رحاب لؤي
كاتبة وصحفية مصرية

1 تعليق

  1. ممكن لو تعرفى فين مكان المركز اللى بيصلح الختان ده عنوانه فين لان اللينك مش بيفتح

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا