كيفية التعامل مع الزوج العنيف والعصبي

7036

مشكلة تواجهها المتزوجات حديثًا، بل وبعض المتزوجات منذ فترة، وما زلن يحاولن التغلب عليها، وهي كيفية التعامل مع الزوج العنيف والعصبي، فعندما تبدأ الفتاة حياة جديدة فإنها تخطو خطواتها الأولى بحماس البدايات وانتظار عالم وردي بينها وبين زوجها وشريك حياتها الجديد، وتحلم بحياة أسرية تحوطها بالمحبة والأمان. ولكن في كثير من الأحيان تكتشف الزوجة الجديدة أن زوجها يعاني من مشكلة حقيقية في التعامل مع الغضب، قد تصل للاعتداء عليها جسديًا بشكل يمثل تهديدًا حقيقيًا لحياتها، أو على الأقل قد يؤدي الغضب المنفلت لفتور الحياة الأسرية بينهما.

ما هو الغضب ؟

الغضب هو حالة عاطفية تختلف في شدتها من تهيج خفيف إلى الغضب الشديد، ويمكن أن تتحول إلى هياج وانفلات تام، وفقًا لعالم علم النفس لتشارلز سبيلبيرجر، المتخصص في دراسة الغضب. فإن الغضب مثل المشاعر الأخرى يترافق وجوده مع تغيرات فسيولوجية وبيولوجية أخرى، مثل ارتفاع معدل ضربات القلب وضغط الدم، وكذلك مستويات هرمونات الطاقة والأدرينالين والنورادرينالين.

وتختلف مسببات الغضب، فيمكن أن تكون بسبب مؤثرات خارجية عن طريق أشخاص أو أحداث، أو أن يكون سبب الغضب داخلي وتفاعل نفسي مع مشكلات نفسية، مثل القلق أو الاكتئاب أو اجترار ذكريات مؤلمة.

اقرأ أيضا: العنف ضد المرأة: حكايات ضحايا العنف الجنسي

كيفية التفريق بين العصبية الطبيعة والغضب المرضي

هناك ثلاثة أنواع من الغضب تساعد في تشكيل رد فعلنا تجاه موقف يجعلنا غاضبين، هي: العدوان السلبي، العدوان المفتوح، والغضب الحازم

أثناء معرفة كيفية التعامل مع الزوج العنيف والعصبي، يجب معرفة أن كل شخص مُعرَّض أن يمر بنوبات غضب أو بحالة غضب عندما يثيره أمر ما، وهو تصرف طبيعي وإنساني بل وصحي، فالشخص البارد الذي لا يمكن استثارته نهائيًا يكون في الأغلب يعاني من مشكلات نفسية عميقة. ولذا فقد تم نفسيًا تقسيم الغضب إلى أنواع، معرفتها يمكن أن تلقي الضوء على نوع الغضب الأكثر خطورة.

هناك ثلاثة أنواع من الغضب تساعد في تشكيل رد فعلنا في موقف يجعلنا غاضبين. هذه هي: العدوان السلبي، العدوان المفتوح، والغضب الحازم. إذا كنت غاضبًا ، فإن أفضل طريقة هي الغضب الحازم. كلمات كبيرة، ولكن تحقق مما يعنيه كل نوع حقًا.

1. الغضب السلبي Passive Aggression

الغضب السلبي رغم كونه يبدو جيدًا من الظاهر، ولكنه قنبلة موقوتة، ففيه يفضل الشخص التعامل مع المثيرات الطبيعية واليومية بالكبت بدلاً من التعامل معها، فيظل يضغط ذاته ونفسه وأعصابه دون الإفصاح عن الغضب، وهو ما يؤدي في النهاية إلى الانفجار في نوبة غضب غير محسوبة وفي الاتجاه الخاطئ أو الإصابة بعدد من الأمراض النفسية والعضوية نتيجة للضغط النفسي.

2. الغضب الحازم Assertive Anger

وهو الطريقة الأمثل للغضب، ويسمى بالغضب الصحي، ففيها لا يخرج الغضب عن طوره رغم التعبير عنه، لا يرتفع الصوت عن المقبول ولا يشمل الغضب أي إيذاء بدني أو لفظي للطرف الأخر، يكون الشخص الغاضب مسيطرًا على أفعاله ويوصل لشريكه ما يغضبه عن طريق الحوار واللغة، ويتواصل معه عاطفيًا لإفهامه ما يشعر به، وهو غضب ناضج ويتميز بالانفتاح والمرونة والقابلية للتفاهم مع الشريك.

3. الغضب المنفلت Open Aggression

وهو النوع الأسوأ، والذي يدلل للزوجة أن زوجها يعاني من الغضب غير الصحي وغير المسيطر، وفيه يصبح الشخص عدوانيًا يرتفع صوته ليخرج عن العصبية الهادئة، فيتحول إلى صراخ حاد، ويصبح الشخص الغاضب عدوانيًا جسديًا أو لفظيًا، فيسيء للطرف الأخر بالاعتداء الجسدي أو بالسباب والإهانة أو التحقير والتقليل من الشأن أو تدمير الممتلكات وكسر الأشياء، أو الإساءة للحيوانات الأليفة، أو العنف مع الأطفال، ويشمل الضرب والإيلام الجسدي، والعنف والتنمر والابتزاز والاتهام والصراخ والتشاحن والسخرية والنقد العنيف والتهديد.

ولذا إن كان الزوج يتمتع بأي من هذه الصفات أثناء الخلافات أو الغضب، ولا يجب أن تجتمع كلها فيكفي أن يتمتع الزوج بواحدة أو اثنتين من هذه الصفات، ليتحول لزوج عنيف يحتاج إلى الدعم النفسي ولعلاج لمشكلة الغضب. ويحتاج أن تعرف الزوجة كيفية التعامل مع الزوج العنيف والعصبي من هذا النوع.

اقرئي أيضًا:العنف الجنسي ضد الزوجة والأطفال: أنواعه وأسبابه ومواجهته


أسباب العنف لدى الأزواج

العنف الزوجي ليس هو الأساس السليم لنجاح الحب والعلاقات الزوجية، لذا الخطوة الأولى لعلاج هذه المشكلة هو معرفة أسباب هذا العنف. بعض هذه الأسباب عقلية وجسدية وأخرى بيئية.

1. انخفاض هرمون التستوستيرون

أظهرت الدراسات أن الرجال الذين لديهم مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون يكونون أكثر تهيجًا وعرضة لتقلبات المزاج

في حين يربط العديد من الأشخاص المستويات العالية من هرمون التستوستيرون بمستويات عالية من الغضب، ولكن ذلك يحدث عند تعاطي المنشطات التي تحتوي تستوستيرون، وليس الهرمون الطبيعي الذي يسبب نقصه إلى نوبات حقيقية من الغضب.

أظهرت الدراسات أن الرجال الذين لديهم مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون يكونون أكثر تهيجًا وعرضة لتقلبات المزاج، وقد يكون النقص بسبب مشكلة هرمونية أو مشكلة في النظام الغذائي، وفي الأغلب تتحسن حالة الزوج عند تشخيص الحالة وعودة مستوى الهرمون لوضعه الطبيعي.

2. انخفاض مستوى السيروتونين

حيث يلعب السيروتونين، وهو أحد الناقلات العصبية الرئيسية في المخ دورًا هامًا في الصحة العاطفية والعقلية. لذا فعندما تنخفض نسبة السيروتونين في المخ يؤدي ذلك لحالة من الضيق والغضب والعصبية التي تؤدي إلى العنف.

3. اضطراب هرمون الكورتيزول

يمكن أن يؤدي هرمون الكورتيزول (الذي يطلق عليه هرمون التوتر) إلى التهيج والعنف والغضب المنفلت، وكذلك يؤدي إلى مشكلات في النوم والإدراك. لذا إذا كان الزوج يعاني من ضغوط شديدة في العمل ولا ينام ولا يأكل بشكل صحيح على سبيل المثال، فإن المستويات المرتفعة من الكورتيزول يمكن أن تحوله إلى شخص مختلف تمامًا وعنيف لحد الجنون.

4. فقدان الثقة بالنفس ومقارنة الذات بالآخرين

وهي أحد أهم أسباب نوبات الغضب لدى الرجال والأزواج على وجه التحديد، بعيدًا عن الأسباب العضوية، فالزوج يتسابق مع الآخرين ليكون الأفضل في العمل، وفي العلاقة الجنسية، وفي الحالة المادية، ولكنه دائمًا ما يضع نفسه في مقارنات مع الآخرين، تؤدي به للشعور الدائم بالتوتر وعدم الثقة في النفس، التي يعوضها بمحاولة السيطرة وإثبات الذات، بالصوت المرتفع والعنف، ليثبت موقف بكونه رجل البيت ورب الأسرة.

5. الرغبة في السيطرة

وهي من أكثر أسباب عنف الأزواج انتشارًا، خصوصًا في العالم العربي، حيث تسيطر على الزوج رغبة حقيقية في السيطرة على الزوجة، وبالتبعية الأولاد، ويعتبر أي درجة من درجات عدم السيطرة أو التحكم هي تقليل من رجولته، وقد ينطلق هذا المفهوم من ثقافات اجتماعية ودينية خاطئة لفهم الرجولة.

اقرئي أيضًا:أنواع العنف الأسري: هل أنتِ في علاقة مسيئة

أنواع العنف الزوجي

في بعض الحالات تختلط الأمور على الزوجة، فهي لا تدري هل تعاني من علاقة مع زوج عنيف أم لا، فعندما يكون الزوج في حالة هادئة ويتمتع بالطيبة والحنو والاهتمام تشك الزوجة أن زوجها يعاني من العنف المرضي، ولا تسعى في هذه الحالة لمعرفة كيفية التعامل مع الزوج العنيف والعصبي حيث لا تجد زوجها من هذا النوع.

لذا فيجب معرفة أن الزوج العنيف لا يجب أن يكون منفلتًا طوال 24 في اليوم، بل يكفي أن تكون نوبات غضبه تشمل أيًا من صفات الغضب المنفلت المذكورة حتى يعتبر الزوج عنيفًا، حتى إن كان يتميز باللطف في أوقات أخرى، ومن أنواع العنف الزوجي:

  • ضرب الزوجة، وهو أكثر أنواع العنف وضوحًا.
  • تعذيب الزوجة، وهو أحد أنواع العنف الزوجي المتطرفة، والتي يجب أخذ رد فعل فوري تجاهها في حالة حدوثها، حيث يعتدي الزوج على زوجته بجسم صلب أو أداة حادة أو يقوم بتقيدها والإساءة إليها أو حرقها بالنار.
  • العنف الجنسي، وفيه تتحول العلاقة الحميمة بين الزوجين إلى علاقة عنيفة، بإجبار الزوجة عليها أو بالعنف غير المتفق عليه بين الطرفين أثناء ممارسة العلاقة ذاتها.
  • الإهانة اللفظية، وفيه يقوم الزوج بسب الزوجة أو نعتها بألفاظ غير لائقة أو توجيه سباب حاد للأطفال.
  • الإهانة النفسية، وهي عنف نفسي، حيث يقلل الزوج من أهمية الزوجة ويفقدها ثقتها بمهاراتها أو جمالها أو اهتمامها بأطفالها أو السخرية منها أو النقد الدائم لكل ما تفعل.
  • تدمير الممتلكات، وهنا يخرج الزوج عن طوره أثناء الغضب، ليقوم بتكسير الأواني أو المزهريات أو تحطيم الممتلكات أو الإساءة والعنف مع الحيوانات الأليفة في الأسرة.
  • الإساءة والعنف للأطفال، وفي هذه الحالة يوجه الزوج غضبه وعنفه تجاه الجانب الأضعف في الأسرة، وهم الأطفال، حيث يوجه لهم أحد أنواع العنف السابقة بشكل مباشر.

كيفية التعامل مع الزوج العنيف والعصبي

وينقسم التعامل مع الزوج العنيف إلى قسمين:

  • الزوج العصبي الذي يلجأ للعنف اللفظي أو النفسي، والذي لا يسبب تهديدًا مباشرًا للحياة سواء للزوجة أو الأطفال، وهذا النوع يمكن للزوجة محاولة احتوائه والتأثير عليه لطلب العلاج وإنقاذ حياتهما الزوجية.
  • الزوج العنيف جسديًا والذي يهدد عنفه حياة زوجته وأطفاله سواء بالموت أو الإصابة.

أولاً: كيفية التعامل مع الزوج العنيف والعصبي لفظيًا

ويمكن اتخاذ عدة خطوات وفقًا لنوع استجابة الزوج، ففي كل الحالات يجب التكلم من الزوج في غير وقت الغضب، وإيضاح أن عصبيته وعنفه تؤذياها، وأنه يجب أن يتخذا حلولاً لمواجهة نوبات الغضب.

الزوج المقر بوجود مشكلة

وهو أفضل أنواع الأزواج في التعامل، ففي حالة إقرار الزوج بالمشكلة يكون الحل العملي في الجلسات النفسية للتعامل مع نوبات الغضب لدى طبيب نفسي، وهي من أنجح أنواع التعديل السلوكي، والكثير من الرجال استطاعوا ببساطة التغلب على العنف والغضب المفرط عن طريقها.

الزوج المنكر لوجود مشكلة

في حالة رفض الزوج الاعتراف بالمشكلة، هناك بعض الطرق لاحتواء غضب الزوج، إن لم يكن بإمكان الزوجة الرحيل، وتضطرها الظروف في البقاء مع الزوج العنيف لفظيًا ونفسيًا، ومنها:

  • على الزوجة ألا تفزع من حالة الغضب لدى زوجها، بل تتلقى هذا العنف بهدوء وتتعامل معه ليس كغضبة أسد غاضب بل كإلحاح طفل بكاء.
  • في حالة كان هناك إساءة فهم لموقفك من قبله، وتخافين زيادة غضبه، فيمكنك احتواء غضبه باعتذار هادئ لجعل فورة غضبه تهدأ أولاً ثم تقومين بشرح سوء الفهم الحادث، ولا تحاولي الشرح أثناء نوبة الغضب، مما يؤدي إلى رد فعل عكسي واتهامك بالمكابرة وعدم الاعتراف بالخطأ والتصعيد من غضبه.
  • في حالة النوبات الصغرى للغضب فإن الأطباء ينصحون الزوجة باللجوء إلى الدعابة، فإن وجدته يشعر بالغضب ويتجه للعنف، في كثير من الأحيان دعابة طريفة يمكن أن تنهي النوبة قبل بدئها، ولكن يجب أن تفرق بين الدعابة أو النكتة وبين السخرية التي ستفاقم من الموقف.
  • إبعاد الأطفال عن الخلاف وصرفهم لغرفهم أو مكان آمن، فلا يجب أن يستمع الأطفال لإهانات موجهة من والدهم لوالدتهم أو لهم شخصيًا، فهذا يؤثر على سلامهم وصحتهم النفسية.
  • وأخيرًا رغم عدم وجود خطورة مباشرة لهذا النوع من الأزواج إلا أن خطورة البقاء معه في تداعي الصحة النفسية للزوجة، فهذه الخطوات المؤقتة لاحتواء الغضب مع الوقت تتحول إلى عبء وامتهان واستسلام من قبلها، يؤدي بها إلى الانهيار النفسي والاكتئاب، لذا إن فقدت الزوجة الأمل في اقتناع شريكها بالتوقف عن العنف اللفظي فعليها محاولة التخطيط للرحيل بهدوء.

اقرئي أيضًا:التخلص من العلاقات المؤذية: طريق الخروج ورحلة التعافي

ثانيًا: كيفية التعامل مع الزوج العنيف والعصبي جسديًا

إن لم يكن هذا النوع مُقر بوجود مشكلة ويعمل مع الطبيب النفسي على حلها بجلسات جدية للتحكم في الغضب، فخيار الزوجة الوحيد هو الرحيل، فهذا النوع من الأزواج في لحظة يمكنه أن يتسبب في فقد الزوجة لحياتها أو حياة أحد الأطفال أو إصابتهم بشكل مؤذٍ، لذا على الزوجة المعنفة في هذه الحالة أن تتبع عدة إرشادات:

  • لا تخالف الزوج في نوبات الغضب، بل تعتذر بهدوء وتجاري ما يقوله كي لا يسيء إليها أو يصعِّد من غضبه.
  • أن تترك مسافة آمنة بينها وبينه في حالة اشتداد نوبة الغضب، ويمكنها أن تغلق حجرة آمنة عليها وعلى الأطفال حتى تنتهي.
  • إن كان الزوج يتعاطى المواد المخدرة أو الكحوليات فيجب أن تغلق على ذاتها وأبنائها حجرة آمنة أو تغادر المنزل في حالة اشتعال نوبة غضب لدى الزوج.
  • لا تحاول تقويمه بذاتها، فالزوج العنيف لا يمكن تقويمه إلا بإرادته الشخصية وبمساعدة الطب النفسي.
  • يجب أن تخطط للرحيل في أقرب وقت ممكن، بتواصل مع جمعيات حماية المرأة في محافظتها، وادخار بعض الأموال وجمع متعلقاتها الشخصية في صمت دون ملاحظته.
  • إن تحول الغضب إلى التهديد للحياة فيجب اللجوء الفوري للشرطة المحلية أو الاستغاثة بالجيران أو الأصدقاء وعدم البقاء في مكان واحد مع الزوج العنيف في لحظة الغضب.

في النهاية.. فإن كيفية التعامل مع الزوج العنيف والعصبي تخضع في الأساس لمدى سوء العنف، وإن كان قابلاً للإصلاح أم أن أوان الرحيل قد حان وعلى الزوجة ركوب قطار المغادرة للحفاظ على حياتها وحياة أطفالها.

المقالة السابقةأماكن الإنقاذ والرعاية في مصر للمرأة المعنفة
المقالة القادمةالرهاب الاجتماعي: حكاية القلق اليومي

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا