أنواع العنف الأسري: هل أنتِ في علاقة مسيئة

5110

في المنزل حيث المفترض الطمأنينة والسكينة والأمان بين أفراد الأسرة، ينشأ أحيانًا وحش يهدد الأسرة بالفشل، وهو العنف الأسري، وقد يظن البعض أنه مجرد التعنيف بالضرب وأن الزوج الذي لا يقوم بضرب زوجته أو أبنائه هو بعيد عن العنف، ولكن الواقع أن أنواع العنف الأسري كثيرة ومتعددة وقد تكتشفين أنكِ زوجة معنفة دون أن تدري ذلك.

لذلك ففي السطور التالية سنتسلل إلى قلب فكرة العنف الأسري لنكشف أغواره.

تعرفي أيضًا على: العنف الجسدي: علامات تدل على عنف الشريك وكيف تنجي بنفسك

تعريف العنف الأسري

التعريف الأكثر شيوعًا للعنف الأسري من الناحية القانونية والنفسية، هو قيام أحد أفراد الأسرة أو أحد طرفي العلاقة بالقيام بسلوك عنيف أو تعسفي أو مؤذٍ، بشكل نمطي متكرر لكسب أو الحفاظ على السيطرة على الآخرين أو إجبارهم على فعل لا يريدونه.

في بعض الحالات قد لا يدرك المعتدي أو الزوج أنه يمارس العنف المنزلي على زوجته أو أطفاله. وعلى الجانب الآخر، قد لا تتخذ الزوجة موقفًا حاسمًا ضد ما تتعرض له هي أو أبنائها لكونها لا تدرك أن السلوك الذي يتعرضون له هو بالفعل عنف منزلي.

لذا فإن السلوك المستغل abusive behavior يمكن أن ينشأ بين أيٍّ من أفراد الأسرة، فيمكن أن يكون من الزوج لزوجته أو الأطفال، أو من الزوجة ضد زوجها أو ضد أطفالها، بل يمكن في حالة كبار السن أن يوجه من الأبناء إلى الوالدين المسنين، إلا أن النمط الأكثر شيوعًا في العلاقات المسيئة يحدث من قبل الزوج مسيئًا لزوجته وللأبناء كذلك. وهو النمط الذي سنلقي الضوء عليه اليوم.

تعرفي أيضًا على: العنف في العلاقات العاطفية: صور من العنف النفسي

أنواع العنف الأسري

كما أوضحنا فإن العنف الأسري يمكن أن يتخذ أشكالاً عدة ويمكن تحديد أنواع العنف الأسري:

1.العنف الجسدي

العنف الجسدي هو أوضح أنواع العنف، ففيه يمكن للضحية أن تكتشف بشكل سريع كونها تتعرض للإساءة، كما يمكنها طلب المساعدة بشكل أوضح، وإن كان هو الأخطر حسيًا نظرًا لكونه يشمل تأثيرًا مباشرًا يمكن أن يسبب إعاقة أو إصابة أو حتى الوفاة للضحية، ولكنه النوع الأسهل في المقاومة، نظرًا لإدانته بشكل أكبر من باقي الأنواع مجتمعيًا، ووفق تعريف الموقع القانوني findlow والتعريف الطبي النفسي في mayoclinic فإن العنف الجسدي يشمل:

  • أي نوع حسي يؤثر في الجسد مثل؛ الضرب والصفع والدفع واللكم وشد الشعر أو قصه بالقوة، والحرق والقرص أو العض وما إلى ذلك من أفعال.
  • يشمل كذلك منع الشخص من الحصول على رعاية طبية أو منعه من زيارة الطبيب.
  • إجبار شخص على تعاطي المخدرات أو الكحوليات أو أي مواد ضارة.

2. العنف الجنسي من أنواع العنف الأسري

العنف الجنسي هو أي فعل جنسي مباشر أو غير مباشر يتم بدون إرادة أو موافقة الضحية أو حتى باستخدام ترهيبها وإخافتها، مثل:

  • إكراه الضحية على ممارسة الجنس أو أي سلوك له طبيعة جنسية حتى إن لم يكن علاقة جنسية كاملة.
  • الاغتصاب الزوجي.
  • الاعتداء على أعضاء الجسم ذات الطبيعة الجنسية بشكل عنيف، حتى إن لم يكن ذلك بالممارسة الجنسية بل بسلوك عنيف أو تعذيب أو إيلام.
  • العنف الجسدي الذي يتبعه إكراه على ممارسة الجنس.
  • التحقير من الضحية جنسيًا والسخرية من شكلها أو أدائها أو المزاح المهين جنسيًا لها.

تعرفي أيضًا على: كيفية علاج العنف الجسدي ضد المرأة والأطفال وأثره عليهما

3. العنف العاطفي أو العنف اللفظي

يعتبر العنف العاطفي أحد أكثر أنواع العنف خطورة، لكونه يدمر نفسية الضحية بلا دليل أو آثار، بل يحرمها حتى من تعاطف ومساعدة المجتمع والأصدقاء، نظرًا لكونه نوع عنف لا يمكن الإمساك به

العنف العاطفي هو أحد أنواع العنف الأسري، ويطلق عليه كذلك العنف اللفظي، ففيه لا يتم المساس بالضحية، بل فقط يتم جرحها وتمزيقها بالكلمات التي تحمل إساءة عاطفية، وهو نوع متلاعب من الإساءة، يتخذ في كثير من الأحوال شكل مزاح ليصعب على الضحية أن تكتشفه. بل يمكن اتهامها بالمبالغة أو الحساسية الزائدة عند الشكوى منه،

يعتبر العنف العاطفي أحد أكثر أنواع العنف خطورة، لكونه يدمر نفسية الضحية بلا دليل أو آثار، بل يحرمها حتى من تعاطف ومساعدة المجتمع والأصدقاء، نظرًا لكونه نوع عنف لا يمكن الإمساك به، وتتضمن الإساءة العاطفية للشريك أو الأبناء:

  • التقليل من شأن الزوجة أو الأبناء.
  • تصدير صورة ذهنية سيئة عن الذات وإيهام الشريك أو الطفل بأنه سيئ. مثل نعته بأنه عديم القيمة، غبي، قبيح، أو وصفه بأنه غير محبوب أو لا أحد يمكن أن يحبه أو يريده.
  • النقد المستمر الدائم في كل المواقف واللوم الدائم.
  • الألفاظ والنعوت المهينة أو الساخرة أو المتهكمة.
  • التقليل من قدرات الضحية وإيهامها بالعجز عن القيام بأي فعل.
  • اتهام الشريك كذبًا بإهمال الأبناء أو كونه عنصرًا ضارًا لهم أو يسبب لهم العار والإحراج.

4. العنف الاقتصادي

تعاني الكثير من السيدات من العنف الاقتصادي خصوصًا في الشرق الأوسط، وهن لا يعتقدن إطلاقًا أنهن معنفات بهذا الشكل، ففيه الزوج يحاول السيطرة على الموارد المالية للأسرة، إما بمنع الزوجة من الحصول على المال من الأساس، أو بالاستيلاء على ما تحصله من أموال، ومن أشكاله الأكثر شيوعًا:

  • جعل الضحية معتمدة ماديًا بشكل كلي على المعنف وذلك للسيطرة عليها.
  • السيطرة الكاملة على الموارد المالية للأسرة.
  • منع الضحايا من التصرف في أموالهم الخاصة، وإجبارهم على تسليمها للمعنف ليكون هو المتصرف بها.
  • منع الضحية من الذهاب إلى العمل أو ممارسة العمل لعدم حصولها على الأموال والاستقلال ماديًا.
  • وفي صورة أكثر تلاعبًا بعض المعنفين يلجؤون لحث الزوجة على صرف مالها بشكل متهور لاتهامها بالسفه أو إنهاء تفوقها المادي.

5. العنف النفسي من أنواع العنف

العنف النفسي هو نوع آخر من أنواع العنف الأسري الحادة، التي يصعب الإمساك بها لعدم تركها في أغلب الأحوال آثارًا ملموسة تجعل الضحية تكتشف كونها معنفة بشكل واضح، أو تحثها على طلب المساعدة، ومن مظاهره:

  • التخويف، ويشمل عدة محاور، حيث التهديد بإيذاء نفسه أو الانتحار لو لم تخضع الضحية له، واستغلال حبها لإخضاعها، أو التخويف من إيذاء الضحية نفسها أو إيذاء الأطفال.
  • التهديد بتدمير الممتلكات أو تدميرها بالفعل، مثل كسر التحف أو الزجاج أو تمزيق الملابس.
  • إصابة الحيوانات الأليفة أو تعذيبها أو قتلها وإرهاب الضحية بذلك.
  • فرض العزلة على الضحية عن أحبائها أو أصدقائها بالترهيب أو المنع.
  • منع الضحية من الذهاب إلى المدرسة أو العمل.
  • التهديد بالضرب أو الإصابة أو رفع سلاح في وجهها، حتى لو لم يتم تنفيذ الهديد.
  • في حالات الانفصال بين الشريكين تعتبر مطاردة الشريك أو التجسس عليه أو الظهور في منزل الضحية بلا إذن، أو مطاردتها في مكان عملها، أو حتى إرسال الهدايا بعد طلبها التوقف عن ذلك، أو جمع المعلومات عن حياتها الشخصية بعد الانفصال، أو إجراء مكالمات هاتفية أو رسائل بشكل مُلِح، أو مطاردتها بالردود عبر صفحاتها الشخصية على الإنترنت بعد مطالبتها بالتوقف عن ذلك، نوع من أنواع الترهيب والمطاردة والعنف النفسي.

هل أنا مُعنَّفة؟ سؤال قد تحتار به الكثيرات

قد لا يكون من السهل التعرف على العنف المنزلي، خصوصًا في البداية، أو مع أنواع العنف اللفظي والعاطفي والنفسي. فهي أنواع خادعة يمكن دائمًا التشكيك في حدوثها حتى من قِبل الضحية ذاتها. وهذا النوع المستتر من الإساءة غالبًا ما يبدأ بسيطًا ويزداد سوءًا بمرور الوقت. لذا هناك علامات يجب أن تعرفها الضحية إن كانت قد مرت بها بشكل متكرر، فهي على علاقة بشخص مسيء وتتعرض للعنف الأسري:

  • تتعرض لأحد أنواع العنف المذكورة سابقًا، ولكن بعد انتهائها يعتذر شريكك ويبدي الندم ويؤكد عدم حدوث ذلك مرة أخرى ولكن يتكرر حدوثها.
  • تتساءل كثيرًا عما إذا كانت تتخيل الإساءة، ودائمًا ما تشعر بعدم الراحة من مواقف محددة ولكن لا يمكنها التأكد من كونها إساءة، ويتكرر حدوث هذا الشعور بشكل دوري، مع هذا التكرار على الضحية التسليم بأن مشاعرها حقيقية وأنها في علاقة مسيئة.
  • يستخدم المعنف شعور الضحية بالخوف أو الشعور بالذنب والعار والترهيب لإرهاقها وإبقائها تحت سيطرته.
  • العلاقات المسيئة دائمًا ما ترتكز على عدم توازن في القوة بين المسيء والضحية، فهو يعمل دائمًا على إضعاف ضحيته بغرض السيطرة عليها. إن كانت تعاني من محاولات السيطرة المستمرة وإثبات القوة فهي في علاقة مسيئة.
  • استخدام الشخص المسيء كلمات مخيفة وجارحة للسيطرة أو التقليل من شأن الضحية.
  • يناديها بأسماء مهينة أو يسخر منها.
  • يمنعها أو يثبط عزيمتها عن الذهاب إلى العمل أو المدرسة أو رؤية أفراد العائلة أو الأصدقاء والاختلاط بآخرين لتبقى معتمدة عليه فقط نفسيًا وعاطفيًا وماديًا.
  • يحاول التحكم في طريقة حياتها، مثل إنفاقها لأموالها، منعها من الخروج، منعها من الأدوية، فرض ما ترتديه ومنعها من ارتداء ما تريد أو إجبارها على ارتداء ما ترفض.
  • يتصرف بغيرة مبالغة أو حب امتلاك أو يتهم ضحيته باستمرار بالخيانة والشك في سلوكها.
  • يتناول الكحول أو يتعاطى المخدرات ويغيب عن الوعي السليم مع الغضب.
  • يلوم الضحية على سلوكه العنيف وأنها السبب في كونه غاضبًا أو كونه أساء لها.
  • يخبرها أنك تستحق ما تعرضت له من إساءة نظرًا لسوء تصرفها.
  • يهددك بإخبار الأصدقاء أو العائلة أو الزملاء أو أفراد المجتمع بطبيعة علاقتهما الجنسية أو بنشر صورها.

إن كنتِ تعانين من إحدى أو عدة نقاط مما سبق بشكل مستمر متكرر فيجب أن تتأكدي من كونك ضحية علاقة مسيئة، وتتعرضين لأحد أنواع العنف الأسري أو أكثر من نوع، حيث يجمع أغلب المسيئين بين أكثر من نوع عنف.

العنف ضد الأطفال.. لست المهددة الوحيدة

على الزوجة المعنفة ألا تتجاهل الإشارات التي تشير لكون طفلها كذلك يتعرض للعنف، وأن تعمل على الحد من تعرضه للإساءة بإبعاده عن الخلافات أو حمايته أثناء نوبة غضب الأب

من الصعب أن يكون العنف الأسري أحادي التأثير على الشريك فقط، فغالبًا ما يتسلل للأطفال كذلك، فطبيعة الشخص المسيء العصبية المسيطرة غير المتحكمة في انفعالاتها وغضبها لا تقتصر أفعالها على الزوجة فقط، بل دائمًا ما يصل الإرهاب للأبناء كذلك، والأطفال منهم على وجه التحديد. وهناك عدة أنواع من العنف ضد الأطفال.

العنف ضد الأطفال في فترة الحمل

وهو عنف مزدوج موجه للأم والطفل معًا، فإن كنت في أشهر الحمل وتتعرضين للعنف الجسدي مما يعرض صحتك وصحة الطفل للخطر فيجب أن تتخذي خطوات واضحة لحماية طفلك من العنف ونفسك أيضًا، وطلب المساعدة، نظرًا لتهديد هذا النوع من العنف لحياتك وحياة جنينك.

سوء معاملة الطفل

يتعرض الطفل لكل أنواع العنف الأسري من الشخص المسيء، لذا على الزوجة المعنفة ألا تتجاهل الإشارات التي تشير لكون طفلها كذلك يتعرض للعنف، وأن تعمل على الحد من تعرضه للإساءة بإبعاده عن الخلافات أو حمايته أثناء نوبة غضب الأب.

رؤية العنف.. عنف

حتى لو لم يتعرض طفلك لسوء المعاملة بشكل مباشر، فإن مجرد مشاهدة الطفل للعنف المنزلي يمكن أن يكون ضارًا.

فالأطفال الذين ينشؤون في منازل تعاني من العنف الأسري وجد إحصائيًا أنهم وفق دراسة نشرها موقع (psychologytoda) هم الأكثر عرضة للإساءة وللمعاناة من مشكلات سلوكية من الأطفال الآخرين.

وعند بلوغهم من المرجح أن يصبحوا مسيئين أو ضحايا، نظرًا لاعتقادهم الراسخ بكون الإساءة جزء طبيعي من العلاقات الأسرية.

عنف الضحية ضد الأطفال

إن كنتِ تعانين من أحد أنواع العنف الأسري أو ناجية منه فتذكري دائمًا أنك لست مسؤولة عن ما حدث لكِ، أنتِ الضحية المُساء لها، ولكنكِ كذلك قوية لتخرجي من هذه العلاقة المريضة بسلام

في كثير من الأحيان لا يتوقف العنف ضد الأطفال في الأسرة التي تعاني من العنف الأسري عند الشخص المسيء، بل تمتد الإساءة حين تتحول الضحية إلى جلاد، فتسيء الزوجة والأم إلى الأبناء بعدة حجج، كأن تراهم هم القيد الذي يربطها بهذه الحياة المسيئة، أو اعتبارهم كيس ملاكمة لإخراج انفعالاتها، فهي تتعرض للإساءة، لذا تفرغ ضيقها في الأطفال، أو أن تعنف الأطفال إرضاء للشخص المسيء أو اتقاءً لعنفه معها أو خوفًا منه.

حاولي ألا تأتي بأطفال من الأساس

إن اكتشفت كونك في علاقة مسيئة وأن شريكك شخص معنف قبل أن ترزقي بأطفال، فحاولي إنقاذهم قبل أن يصلوا للعالم لأب مسيء، وقللي الأضرار بالامتناع عن إنجاب أطفال، فهذا يحمي أطفالك المستقبليين من الإساءة، كما يسهل خروجك من هذه العلاقة المسيئة بشكل كبير.

وفي النهاية إن كنتِ تعانين من أحد أنواع العنف الأسري أو ناجية منه فتذكري دائمًا أنك لست مسؤولة عن ما حدث لكِ، أنتِ الضحية المُساء لها، ولكنكِ كذلك قوية لتخرجي من هذه العلاقة المريضة بسلام.

المقالة السابقةمن كان ياما كان لتوتة توتة: إزاي أحكي حدوتة ؟
المقالة القادمةإلى بيت جدي العزيز

1 تعليق

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا