كتير بسأل نفسي عن مفهوم الرجولة الحقيقية، يعني إيه راجل؟ السؤال دا بيتطرح بسهولة شديدة، لكن إجابته مختلفة جدًا من حد للتاني، وكمان صعبة، أنا شخصيًا اتعودت أتعصب لما أشوف السؤال، أو أسمع كلمة “بنت بـ100 راجل”، لأني شايفة إننا كلنا بشر، وإن مفيش حاجة اسمها راجل وست، فيه حاجة اسمها حد بيعمل حاجة كويسة وحد لأ.
فيه ناس بتربط الرجولة بالنوع، يعني الذكر راجل والأنثى سيدة، وشايفة إن الموضوع بديهي مش محتاج تعريفات.. في المقابل بدأت أشوف مجموعة من الكليشيهات اللي بيتم تسويقها على مستوى دواير التواصل الحديثة، واللي بتأصَّل إن الراجل ده كائن له مجموعة من الصفات اللي لازم الناس تتقبلها عشان ميحصلش الصدام.
بوستات طويلة، وراها نقاشات عنيفة، ودفاعات مستميتة، ملخص الكلام المكتوب إن الراجل ده شخص لازم تسيبيه يقعدعلى القهوة، متسأليهوش عن فروق ألوان، متكلميهوش في تفاصيل، متننتظريش منه ياخد باله من حاجة سهيت عليه، متدققيش معاه عشان ذاكرته زي السمك، من الآخر “مترغيش” كتير معاه وعامليه باعتباره حالة خاصة، لأنك غيره.
حالة التعميم، وفرض صور محددة للرجالة ودماغهم، فرضت في المقابل صورة ذهنية للستات، إنهم كائنات رغاية ورخمة وبتدور على المشاكل، بالها أطول، ودماغها فاضية، والدور الأساسي كله عندها بينما الراجل مجرد كمالة، ده خلاني أسأل نفسي.. لو كنت راجل كنت هعمل إيه عشان أبقى راجل؟ ولاقيت الإجابة بتجري على لساني بسهولة شديدة جدًا.
– لو كنت راجل كنت هاخد بالي من التفاصيل، لأن الحياة مجموعة تفاصيل كتير جنب بعض، مش هتفاخر إني مباخدش بالي من درجات الألوان والمناسبات، مش هتباهي إن دماغي مبتهتمش بـ”الحاجات التفاهة” لأني راجل، كنت هحرص على المواسم والمناسبات السعيدة بالذات وهتعمد إني أخليها مناسبات طيبة لأهل بيتي، مولد النبي، شم النسيم، الأعياد، رأس السنة.. كل مناسبة من دول كنت هحرص خلالها على خلق ذكريات طيبة في دماغ عيلتي وهحسسهم إني فعلاً مهتم وعاوزهم يكونوا مبسوطين.
– لو كنت راجل كنت هستجدع مع الناس، مش عشان شكلي يفضل حلو، ولا عشان خايف من اتهامي بإني مش جدع، هستجدع لأني جدع ولأني كبنت شايفة الرجولة مش نوع لكنها بكل تأكيد مرادف للجدعنة، اللي تخليني أساعد أمي في البيت، وأخدم ولادي، وأخدم نفسي من غير ما أحمِّل حد فوق طاقته، لأن الجهد المبذول في أي بيت مش حكر على ستاته.
– لو كنت راجل كنت هلم رجلي في المواصلات، وأخلي فيه مسافة كفاية بيني وبين اللي قاعدين جنبي، كنت هحترم مساحة البنات وهحترم قلقهم من المتحرشين، ولو حصل وحد ضايقها مكنتش هتفرج زي الأبله على اللي بيحصل، ولا كنت هطبطب على المتحرش وأخليه يمشي عشان ميحصلش مشكلة، على اعتبار إني كده بساهم في لم المشكلة وبقصر الشر.
– لو كنت راجل كنت هشيل المسؤولية بجد، هشيل مسؤولية المسؤولين مني ماديًا ومعنويًا، مكنتش هخلي خطيبتي تدخل تسأل في جروبات البنات “هو كده بخيل ولا عادي؟” مكنتش هخلي مراتي تشتكي لصاحبتها “رامي مسؤولية الولاد عليَّ ومريَّح دماغه”، مكنتش هسيب فرصة لحد في شغلي يقول “ده بيتدلع ومش بتاع شغل”، كنت هسد عشان الراجل بيسد.
– لو كنت راجل كنت هعبر عن مشاعري براحتي حتى لو هبكي، الراجل بيعيط عادي على فكرة لأنه إنسان زيه زي الست، عنده مشاعر وأحاسيس وكيل بيفيض بيه، كنت هقول إني زعلان وهقول إني فرحان وهعبر عن مشاعري بحرية من غير ما أخاف إن الناس تبصلي وتقول عليَّ مش راجل.
صحيح كل الكلام المكتوب فوق ده بيبتوفر في بنات كتير جدًا، بتراعي التفاصيل عشان تفرح الناس اللي عايشين معاها، بتستجدع من غير تفكير، بتراعي مساحتها في المواصلات وبتضطر تشيل مسؤولية البيت لظروف خارجة عن إرادتها بكل شجاعة، وطبعًا بيعبروا عن مشاعرهم طول الوقت، بس ده مش معناه إنهم مسترجلين، معناه الحقيقي إنهم بني آدمين في الأساس. الفكرة إن تطبيق المبادئ دي بيأكد إنسانية الشخص وانتماءه لفئة البشر، وبالتالي بيبقى سهل يتقال عليه راجل أو ست بقى مش مشكلة، الأهم من النوع إنه يكون فعلاً إنسان.