الموسيقى أحد مصادر الدعم النفسي

1740

بقلم: ماريت ماهر

خلال جلسات تجمعني مع صديقتي الجميلة التي أتشابه معها في كثير من المشاعر والتفضيلات والأفكار والمخاوف نحو الحياة، أفكاري تجد صدى لها داخل عقلها، ومشاعرها تشبه مشاعري، نفضل ذات أنواع الأغاني والمغنين والمزيكا بشكل كبير.

كيف يدعمنا الأصدقاء؟

حبي لصديقتي يدفعني لأهتم بمعرفة ما يجعلها سعيدة، وما يمكن أن يقلقها أو يزعجها ويعكر صفوها، وأيضًا ما يدعمها، من دون جهد أو اهتمام مفتعل أتابع عينيها، حينما تقلق تذهب عينها وتجول داخل المكان الذي نجلس به، وحينما تطمئن تنطلق، وحينما تبتهج تشع طاقة وعيناها تلمعان، هذه ليست مزحة أو كليشيه، تأملوا أعين من تحبون، سوف تخبركم عن حالتهم، دعكم من صخب الحياة وسرعة إيقاعها واقضوا وقتًا مع أحبائكم، بكل تأكيد هذا الحضور القيم سيشبع أعماقكم ويروي علاقتكم مع من تحبون، وسيخبركم الكثير عن أحبائكم.

عودة إلى تلك الجلسة وغيرها من الجلسات التي تجمعنا معًا صديقتي وأنا، ما أن نحكي عن الموسيقى أو نجلس في مكان يحرص على انتقاء قائمة الأغاني والمزيكا الخاصة به، حتى تجدها أُخِذَت منك مع المزيكا، التي تهيمن على خلفية كلامنا، وحين نتطرق للحديث عن المزيكا تجدها مفعمة بالطاقة والبهجة وتلمع عيناها.

صديقتي والموسيقى

انتبهت إلى مدى حبها للموسيقى، وإلى أي مدى تأثيرها عليها، إلى أن قررت ذات يوم أن أرسل لها شيئًا من القطع الموسيقية المحببة إلى قلبي، ومعرفتي بها ساعدتني على اختيار ما أظن أنه سيحظى بإعجابها، وبالفعل هذا ما حدث، أحبتها وصرحت لي بحبها في جملة واضحة وصريحة تشرح ذاتها، “الموسيقى من مصادر الدعم بالنسبة إليَّ”، تأملت جملتها التي كنت أدركها من قبل لمعرفتي بها، تأملتها من باب أن من أحبه أحب أن أحتفظ بكل ما يحبه وما يفرق له، ولكن على الجانب الآخر كانت جملة تدعو للتأمل بالنسبة لي.

الدعم ومصادره

تتبعت الجملة وصداها داخلي، صارت تتردد داخل ذهني، وأخذت أقيسها على ذاتي، والعديد من الأشخاص القريبة لي. تُرى ما هي مصادر الدعم بالنسبة لي؟ أعلم جيدًا أن الطبيعة من مصادر الدعم الهامة لي، بكل ما فيها من ضوء الشمس الذهبي النقي.. حركة الأشجار.. صوت تصادم أوراقها الرقيقة ببعضها.. الورود والإبداع في خلقها.. البحار وصوت انتهاء أمواجها على الشاطئ، ذلك الصوت الرقيق الذي يحتاج سماعه إلى هدوء الضوضاء من حولك، والأهم بداخلك.. إلى جانب الجبال وهيبة حضورها.

لكن على ضوء جملة صديقتي تأملت هل تمثل لي الموسيقى شيئًا؟ فتذكرت تلك الأيام التي لا أستطيع فيها الكتابة، وأنا أبحث بنهم عن أغنية ما لا أعرفها، أو مقطوعة لأحد الملحنين المفضلين بالنسبة لي، لعلي أجد فيها شيئًا يترجم حالتي، ويصيغ شعوري الذي لا أستطيع فهمه أو التعبير عنه، ونظرت إلى قائمة الأغاني والمزيكا الخاصة بي، لأجد بها حالات عديدة، كلاً منها يناسب أوقاتًا معينة أمُر بها.

حينما تأملت جملة صديقتي أكثر، توصلت لفهم أعمق لأخي الصغير الذي يستيقظ من نومه وهو لا زال بين الغفلة والصحو، يمد يده ليشغل أغانيه وموسيقاه المفضلة. يا للجمال! أخي أيضًا الموسيقى تعد من مصادر دعمه، وإن كان لم ينجح يومًا ما أن يصوغها ببراعة صديقتي، لكني الآن أصبحت أدرك أهمية الأمر بالنسبة له، ولن أتجادل معه بعد الآن على كيف يستيقظ المرء على هذه الضوضاء، لأني أدركت أنها ضوضاء بالنسبة إليَّ، لأني أفضل السكون عقب الاستيقاظ مع مشروبي الساخن، أما هو فيشحن طاقته عن طريق أغانيه ليستقبل يومه.

أمتن دائمًا للعلاقات على ما نحظى به من معية وونس فيها على درب الحياة، وأمتن بشكل خاص لما تكشفه لي عن اختلافنا ومدى غناه وتنوعه وجماله، فالعلاقات تعلمني دائمًا أن تفضيلاتي هي أنا وآخر قد يشاركني فيها –وهذا ما أتمناه- أو لا، وقد يفتح عيني على تفضيلات أخرى قد تعني لي أو قد لا تعني لي، ولكن في النهاية تعلمني في كل مرة أن الحياة ليست أنا فقط، بل أنا والآخر.

ولأن كلاً منا متفرد، فلكل منا مصادر دعمه الخاصة به، التي قد نتشارك في بعضها، وقد تلهمنا شيئًا جديدًا عن ذاتنا، وبالتأكيد عن الآخر، في نهاية المطاف يجمعنا سحر تأثيرها على أرواحنا وقلوبنا وعقولنا.

في النهاية أدعوكِ أن تشاركيني، بل تلهميني بمصادر الدعم الخاصة بك يا عزيزتي.

المقالة السابقةالعنف اللفظي: أشكاله وطرق مقاومته
المقالة القادمةنوبة هلع
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

1 تعليق

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا