لنخبر بعضنا أننا رائعات

1669

بقلم: العصماء محمد هاني

في كل مرة تتقدمين فيها خطوة إلى الأمام هناك عشرات الخطوات ترجع إلى الخلف.. داخل قلبك! هذا أنتِ! أم.

تحاربين على كل الجبهات دون توقف ودون ملل، وعندما تكوني أمًا لطفل يحمل مشكلة ما هنا تصبح الحرب أشد وطئًا!

أخبرونا بعد شهر من الولادة أن ابنتي التي تشبه حبة الرمانة الصغيرة تعاني من مشكلة في القلب، وقد تحتاج إلى عملية، وهذا ما سيقرره الطبيب المختص. وهنا بدأت الرحلة التي لم ولن تتوقف.

هكذا كانت الـNew year. قضيناها في المستشفى. متابعة كل 6 أشهر للاطمئنان أن قلب صغيرتي وضعه مستقر ولم يتطور للأسوأ، الأسوأ في زيارة الطبيب كيف سأهيئها للمشوار؟! كيف سأجعلها هادئة مستقرة أثناء الإيكو (أشعة القلب) دون أن نضطر للجوء إلى المنومات؟

في هذا العام كانت منبهرة جدًا: “واو ماما قلب نورين أهو!”، وكأن الأمر مثير للانبهار أن ترى قلبها على شاشة التليفزيون، ضحكنا معًا لأنني في هذه الساعة أجاهد للحفاظ على هدوئها، ولكن في جبهة الحرب داخلي الكثير من البكاء، إنها سعيدة لأنها ترى قلبها، هل هذا شيء جيد حقًا؟!

أخبرتني صديقتي التي كانت تعاني أيضًا من بعض المتاعب منذ صغرها، أنه ليس بالأمر السيئ، وأنها كانت تحفظ أسماء الأدوية وتمليها على الصيدلي بنفسها.

هكذا تبدو الأم القوية

هل تعرف تلك الصورة التي يتداولها أصحاب حسابات فيسبوك عن “كيف يبدو الشخص المكتئب”، صورة تتضمن مارلين مونرو وروبن ويليامز، فمريض الاكتئاب هو شخص يبدو قويًا وناجحًا وسعيدًا ومبهجًا.

صديقة لي بدأت في تأسيس قناة يوتيوب خاصة بها، عن أمور الأمهات الجميلات، تنظيم الوقت، اختيار أجندة مثالية، كيف تقضين وقتًا رائعًا مع أطفالك. اكتشفت فيما بعد أنها تعاني من مرض مُجهِد، والكثير من التفاصيل الثقيلة جدًا، حقًا هذا؟! فلانة الجميلة المبهجة ذات الابتسامة المذهلة!

جعلني أفكر كم من أشياء تخفيها كل أم عن العالم!

هكذا هن الأمهات.. يبدون قويات سعيدات مثاليات وداخلهن ألف وألف حزن وعقبة، كل الحذر من أن ينهرن في لحظة ما.

فتاتي محاربة قوية

أجل هي من أقوى المحاربات على الإطلاق، تمسكت بي كما تمسكتُ بها، رغم كل إنذارات الإجهاض التي استمرت لأكثر من 4 أشهر. تقاوم وتحاول رغم صغر جسمها ورحلتنا الطويلة في حل مشكلة الوزن لديها، وتشخيص الأطباء بأنها ستتأخر في كل شيء، في التسنين والمشي والجلوس والحبو.. ولكنها لم تفعل. تتأقلم مع كل التغيرات بشكل مثالي، أخوها الذي جاء على غفلة تعاملت معه صغيرتي بمثالية، بالتأكيد ليس لكل الوقت ولكنها الآن بعد عام ونصف تمارس دور الشقيقة الكبرى بشكل رائع حقًا.

في اليوم الواحد بعد الثلاثين من العام المنصرم أخبرنا الطبيب أن قلب صغيرتي بخير، وأن صمامها الضيق يتسع وثقبها يلتئم، فلم نجد أجمل من هذا نستقبل به العام الجديد.

من سيخبرنا أننا رائعات؟!

من سيخبرنا أننا نبلى حسنًا، وأننا لسنا بحمقاوات، وأن كل خطوة نخطوها للأمام هي خطوة إيجابية وليس محض غباء وحماقة يضاف إلى رصيدنا الفقير؟! أنا في حالة يرثى لها، لا أستطيع جعل أطفالي في صحة جيدة، ولا أستطيع جعل المنزل نظيفًا طوال الوقت، أكره المواعين، المواعين جعلتني أكره أنني تزوجت من الأساس، لا أستطيع الالتزام بالحمية الغذائية مئة بالمئة، لا أحب الذهاب إلى الجيم، أحب الشوكولاتة حقًا، لم أعد قادرة على تنظيم الوقت بشكل مثالي، وأحتاج بشدة إلى من يربت على كتفي ويقول لي “ياإلهي! أنتِ أم رائعة!”.

ربما نحتاج لأن نخبر بعضنا بعضًا، لننحي الغيرة والكيد اللذين نشتهر بهما كنساء ونضع مكانهما الدعم والكلام الطيب، فلنتوقف عن مسابقة “من التي لديها همًّا أكبر؟” ولنخبر بعضنا بعضًا كلمات تخففه قليلاً، فكل امرأة في داخلها مئة جبهة وجبهة تحارب فيها.. وحدها.. وحدها تمامًا.. فلنحمل لها بعض المؤونة.. كلمة طيبة، إعجاب، شوكولاتة، وشاح، ربما أصيص زهور، كيس برتقال، شمعة، كريب بالنوتيلا، كتاب خفيف، شراب مرسوم عليه شيء سخيف، لينك فيلم حلو، أي شيء يجعلنا نؤمن بأننا كأمهات نتذكر بعضنا بعضًا.

اقرأ أيضًا: أمهات إنستجرام: الوجه الطيب والشرس والقبيح للأمومة

المقالة السابقة نحن في أعين الآخرين
المقالة القادمةمن هو الشخص النرجسي؟ وكيف يمكنك التعامل معه وتجنب أذاه
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

1 تعليق

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا