الحرب الوهمية لاختيار شريك الحياة

1181

بقلم: رغدة الشريف

في جلسة عائلية لطيفة قررت أسأل كل المتجوزين في العيلة السؤال الشهير بتاع “قلبك ولا عقلك؟”، تنصح الجيل الأصغر منك بإيه في رحلة اختيار شريك الحياة؟ يحكم بعقله ولا قلبه؟

معادلة الجواز الصعبة

طبعًا اختلفت الآراء وابتدا كل واحد يحكي من وجهة نظر قصته الشخصية في اختيار شريك الحياة، فيه اللي قال “تقريبًا هيبقى أحسن لو كانوا زي بعض، يعني النص بالنص بين القلب والعقل، لأن الحياة لو كانت ماشية من غير مشاعر هتبقى جافة وهتفقد متعتها، ولو اختارنا في البداية بمشاعرنا بدون أي اعتبارات تانية احتمال كبير منكونش قد الاحتكاكات الحقيقية في الحياة ومنعرفش نكمل والارتباط كله يبوظ”، وفيه اللي قال “إنتو مش عاطيين المشاعر حقها على فكرة، لا طبعًا المشاعر مهمة ويمكن أهم من العقل، أصل إزاي هنكمل من غيرها! لكن ينفع الاختلافات التانية تدوب مع الوقت”، وبرضو فيه اللي قال “اختيار العقل هنا والأخذ في الاعتبار التقارب بين الشخصيات هو اللي يضمن حياة مريحة، مش لازم مشاعرك تكون مشعللة يعني عشان ترتبط أو تتجوز”.

وبدون كلام كتير أقدر أقول معظم الإجابات كانت بتشجع الـ3 فرق اللي فوق دول، لغاية ما حد قال رأي وقفت قدامه شوية، وهو: “أنا رأيي 80% عقل و20% مشاعر، لكن خلي بالك الـ20% أهم من الـ80% عشان المشاعر هي اللي هتضمن إن العقل يفضل مكمل”.

اقرأ أيضًا: الحب المنخفض التكلفة

شراكة العقل والقلب

الكلام ده لو فكرت فيه هتوصل لاستنتاج جميل، وهو إن شراكة العقل مهمة جدًا في الارتباط، بس مينفعش تكون الدافع الأول أو الأكبر، لأن ببساطة هو مش بيزنس، لأنك بتختار شريك حياة مش شريك شغل، وإنت بتمضي شراكة في الشغل لو بند أو اتنين اتغيروا طول الرحلة وحسيت إنك مش مرتاح تقدر تفسخ العقد وتفض الشراكة، وممكن يكون تمنها خسارة فلوس، لكن لو جواز إنت مش هتعمل كده. وهنا بقى إحنا بنحكي عن بشر طول الوقت بيتغيروا، طول الوقت شخصياتهم بتتشكل وتكبر وبتنضج بشكل مختلف، ومزاجهم وآرائهم واختياراتهم مش بتفضل ثابتة أبدًا، وده معناه إنك مش قدام بند أو اتنين بيتغيروا، إنت قدام اختيارات عقلية وعاطفية للشريك الآخر، أكيد هتتغير كذا مرة بكذا شكل، ساعتها بقى هتعمل إيه لو كل ده حصل؟ هتكمل في تعاسة ولا هتنسحب؟ وساعتها الخسارة هتكون أكبر من الفلوس بكتير.

الـ20% بيضمنولك الاستمرار في سعادة لو أي بند من الـ80% اتغيروا، يعني هتزودك بالطاقة والدافع للاستمرار والاستثمار في الباقي لتكملة علاقة سوية ناجحة، بس وإنت مبسوط وعايز تكمل، وأحيانًا الدافع للتأقلم مع تغييرات ملهاش حل وحصلت من غير إرادتك أو إرادة الشريك الآخر.

الـ20% هي اللي هتشيلكم لو حد فيكم تعبان، مفلس، مكتئب، عيان، فقد شغفه بالحياة في وقت ما، فقد حد عزيز عليه، هي اللي هتشيلكم في أزماتكم الصحية والمادية والنفسية اللي بتحصل بدون اختياركم، هي اللي هتحسسك طول الرحلة بطعم النشوة اللي كلنا محتاجينها من وقت للتاني عشان نكمل في الحياة.

اقرأ أيضًا: الخوف من الأمل: لا تجعل حياتك سلسلة من الإحباطات

الجواز مش حرب

الحقيقة التانية اللي وصلتلها بقى إن طول الوقت المجتمع حوالينا مسلط الضوء على القلب والعقل إنهم في صراع دايمًا ولازم حد فيهم يكسب، ولو مشيت ورا حد فيهم هتكسب ولو كنت من الفريق التاني هتخسر. كمية الناس اللي خايفة تختار بسبب خوفها من الصراع ده كبير جدًا وأنا أولهم. اكتشفت إني هربانة من الاختيار عشان كارهة الصراع ده، اللي بعد الاستنتاج اللي وصلتله أقدر أقول إنه طلع وهمي! أيوة زي ما قريت كده، وهمي. إزاي تكون المشاعر بتزق العقل عشان يستوعب تغييرات كبيرة والعقل بيقنع المشاعر إنها متخافش وإن الموضوع هينجح ونقول عليهم بيتخانقوا! إزاي طرفين بيساعدوا بعض نقول عنهم في صراع؟! إحنا اللي بنختار نصدق إنهم عكس بعض ونركز على الخوف من ده.

وبناء على كده مش هيتلاقوا في نقطة أبدًا، وبنقع في النص في حيرة ما بينهم. فيه عوامل تانية بننسى إنها موجودة في المعادلة، زي الإرادة اللي بتخلينا نشغل الاتنين سوا ويتحركوا ويتفقوا في نقطة، ولو مرتاحوش خلاص بنستنى عادي. فيه الكيميا بين البشر اللي أنا مصدقة جدًا إنها أكبر من كيميا للعقل أو للقلب، لكنها في الآخر كيميا للروح، بتخلي فيه انسجام بين الراحة في الاختيار والسعادة للقلب، انسجام بين هدوء العقل ونشوة المشاعر.

يمكن لو غيرنا إحنا تركيزنا على الصراع ده هنعرف نختار شريك الحياة بكياننا كله، روح وقلب وعقل وإرادة، وهنعرف نعيش مرتاحين وسعداء.

اقرأ أيضًا: التغيير بعد الجواز بين الطبيعي والمرفوض

المقالة السابقةتأثير الطلاق على الأطفال: ما الذي سيفكر فيه ابنك؟
المقالة القادمةعندما خسرتك وكسبت نفسي
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا