عندما خسرتك وكسبت نفسي

774

بقلم: لبنى محمد علي

وضعني قدري مع زوج كثير الجدل وثرثار، يحاول جاهدًا الانتصار في كل حوار وأزمة تجمع بيننا، يتحدث بلسان بعكس ما يبطنه. عزيزي، لا داعي لكل هذه الكلمات محاولة منك لإقناعي بأنك على صواب. كثيرًا أعترف أمامك بأنك حقًا عبقري ورجل بارع وذكي، أما أنا مجرد حمقاء نالت الجائزة الكبرى بزواجها من شخص يحمل كل هذه المميزات، أفعل ذلك حتى أتجنب جدالك والاستماع إلى كلماتك الزائفة التي تدل على الأنانية لا أكثر.

هزيمة الانتصار

أنجح في الوصول إلى الهدوء والسكينة ولو بضعة أيام، ثم تعاود الشجار مرة أخرى على صغائر الأمور، أتتبع سياسية الصمت حتى تنتهي من الحديث، ولكن صمتي يدفعك لقول المزيد من الكلمات الجارحة التي لا تُنسى. كل ما تهتم به هو نفسك، أما أنا وما أشعر به لا يعنيك على الإطلاق. تتعجب الآن من صمتي، ولكن كم مرة تحدثت فيها عن مشاعري ولم أجد سوى الاستهزاء بها! كم مرة بكيت على وسادتي بعد عنائي من عدم الاحترام والتقدير! احترام الآخرين هو اللغة التي يجب أن تسود بين جميع البشر، ولكنك تتعامل معي باحترام وقت ما تشاء وتجرح وتهين وقت ما تشاء، ما دمت تعاني من صعوبات الحياة. ويبقى السؤال: من منا لا يعاني من صعوبات الحياة؟! فهل هذه المعاناة هي العذر لإهانة الآخرين؟!

هل تعلم يا عزيزي ما هو الأمر المضحك المثير لسخريتي طيلة الوقت؟ هو إحساسك بالنصر في كل مرة تفعل بها ما تريد دون مراعاة مشاعري ورغباتي. كل ما تهتم به هو انتصارك في هذه اللحظة وفي هذا الموقف، تارة بإهانتي لتشعر برجولتك، وتارة برفضك لأي من مطالبي، لترى في عيني الحزن والأسى لعدم فهمي لأسباب رفضك لأبسط حقوقي، كالتنزه مع صديقاتي أو البحث عن عمل أو حتى زيارة الأهل، وعند محاولة إرضائك وطاعة أوامرك أجدك تبالغ في إذلالي ولا تُقدر تضحياتي. سنوات في هذا العذاب وأنت دائمًا الفائز والمنتصر، وكأن ما يجمعنا هو الحرب وعلى أحد منا الفوز، أما الآخر فهو الخاسر والمهزوم.

اقرأ أيضًا: التغيير بعد الجواز بين الطبيعي والمرفوض

زواج على حافة الانهيار

لم تكن تدرك أن طيلة هذه السنوات لم تمتلك سوى نصر زائف، قتل بداخلي أي مشاعر تجاهك، أما المنتصر الحقيقي هو من يجعل شريك حياته شخصًا سعيدًا، فهذه السعادة ستعم على كل العائلة، لقد تمتعت مئات المرات بنصرك وهزيمتي، لتستيقظ ذات يوم وتجد نفسك تبحث عن زوجة لم تعد كما كانت، تحولت لامرأة صامتة أو مدعية للحب، فقط لتبتعد عن خوض نقاش أحمق تعلم نتائجه جيدًا. تبحث الآن عن مشاعر قتلتها بيديك طمعًا في إثبات رجولتك وقوتك أمام نفسك وأمام الجميع.

الآن يا عزيزي أهنئك على النصر وأعلن لك انسحابي من حياتك، نعم لقد انتصرت، نعم أنت الفائز في هذه الحرب الدائرة بيننا في داخلك وحدك. أنا أيضًا انتصرت، ليس عليك بالطبع ولكن على ضعفي، وقلة ثقتي بنفسي وقدراتي. لك كل الشكر والتقدير، بفضلك تعلمت أن لا يوجد أحد يهتم لأمري أكثر مني، فوجدت بداخلي قوة لم أكتشفها من قبل، وبمرور الزمن أدركت ما أمتلكه من مميزات وقدرات، وأصبحت الآن أعتمد على نفسي وحدي دون الحاجة إليك. فيا عزيزي مبارك لك النصر. ومبارك لي حياتي الجديدة بدونك وأنا أكثر قوة وتقديرًا لذاتي.

اقرأ أيضًا: وفي الطلاق حياة جديدة: 3 قصص واقعية

المقالة السابقةالحرب الوهمية لاختيار شريك الحياة
المقالة القادمة5 خطوات لإنهاء الخلاف مع شريكتك بسرعة ومحبة
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا