أيام ديسمبر المشرقة

918

بقلم: ماريت ماهر

برغم أننا في أيام ديسمبر المعروف عنها ميلها إلى اللون الرمادي الكئيب، فإن كل شيء حولي يحتله اللون الأصفر المشرق، ربما صدفة، أو ربما عيني تريد أن تلتقط  كل ما هو مشرق لعله يغذي شعور الأمل بداخلي، الذي أوشك على الموت من قلة إطعامه وكثرة الإحباطات، وهو ما يعني الموت بالنسبة لشخص مثلي يحيا بالأمل.

دفء الألوان والأيام

إضاءات غرفتي صفراء، تميل للون البرتقالي، غطاء السرير كذلك الذي اضطرتني الظروف إلى استبداله لتتحول الغرفة إلى مكان يشع توهجًا بعد أن سيطرت عليها الألوان الدافئة، ويزداد الأمر إشراقًا خلال ساعات النهار الأولى، حينما أفتح نافذة غرفتي الصغيرة لتعبر منها أشعة الشمس، وإن كان ضيق النافذة لا يسمح بمرور ضوء الشمس بالقدر الذي أتمناه، ولكن يظل شعاع واحد منها قادر على إسعاد قلبي.

تلك الأجواء التي لم أرتب لها بقصد، أمتن لها لأنها تدفئ قلبي وتملؤه بالطمأنينة في أيام ديسمبر الحزينة، أصفها بالحزينة لأني أكره النهايات والوداع، وديسمبر يذكرني بنهاية العام. يرن داخل أذني الآن صوت مقدم أحد البرامج في آخر ليلة لديسمبر، وهو يقول “الآن ونحن نودع عامًا”، برغم أجواء الاحتفالات التي تسيطر على هذا الوقت، فإن الحزن يعرف طريقة جيدًا إليَّ برغم تلك الأجواء، لهذا أمتن للون الأصفر الذي احتل حياتي في هذا التوقيت.

عام جديد.. جديد

أشعر بالألوان وتحديدًا برتقاليها وأصفرها يزن الكفة داخلي، فبرغم حزني وضيقي من شعور نهاية العام، وعام آخر ينصرم من عمري، أتساءل لماذا يشغلني أمر انتهاء عام أكثر من فكرة استقبال عام؟! لا أعرف حقًا، ولكن الفكرة تؤرقني كل عام، ولم أتمكن بعد من إجادة التعامل مع هذا الشعور وتلك الفكرة، كل ما أملكه الآن هو الإقرار بما يجول داخلي، والاعتراف به، وإن كان بيني وبين حروفي وأحبار قلمي، لذلك أمتن لهذا اللون الذي يشعل الفرح بداخلي، ويمدني بالأمل والحماس والإشراق، أشعر وكأنه يخبرني أن هناك غدًا أفضل ينتظرني، وعامًا دافئًا لا يعرف الصقيع، في انتظاري. أشعر بهذا بداخلي مع كل شعاع دافئ للشمس يخترق غرفتي صباح كل يوم من أيام ديسمبر، الذي لم يعترِه الاكتئاب بعد، وأود لو لا يعتريه مطلقًا.

الشمس تملؤني حياة

أحب الشمس، أحب دفئها ونقاء نورها وقوة اختراقه لكل شيء، أحب الأمل، وهي قادرة على إعطائه لي مع كل بزوغ لها، فهي تملؤني بالحياة. بالأمس اشتريت قطعًا جديدة من الحلي، دون ترتيب أو تخطيط، وجدت عند عودتي للمنزل أن جميعها ذهبية اللون، ومن حسن الحظ أن جميع القطع راقت لي وأخذت قلبي، وهذا أمر لا يحدث كثيرًا. أوقات تروق لي الأشياء، لكن حيرتي وترددي يجعلها تضيع من يدي، فأن تروق لي وأحظى بها حدث سعيد نادر الحدوث، ولكن الأسعد أنها ذهبية اللون. ظللت أرتديها في يدي وأنظر لها وفرحة ما تعتري قلبي، فرحة تشبه فرحة الأطفال بملابس العيد، لا أعرف سبب فرحي، هل لاقتنائي شيئًا جديدًا، أم لأني أحببته، أم لأنه يدعم إحساسي أنه ربما عام دافئ ينتظرني وأنا في أمس الحاجة إليه، فقد أعياني الصقيع وأرهقني ولم أعد أحتمل المزيد. ربما هي إشارات، أحيانًا أؤمن بها، وأحيانًا أنكر إيماني حتى لا أعلق ذاتي بأمر ويخيب أملي.

الشمس تبث الطمأنينة في قلبي. ظهر ذلك بوضوح لي عندما أُعلِنَ منذ شهور أننا نحارب وحشًا صغيرًا لا نملك السيطرة عليه، ولا يمكننا جمح انتشاره، ويجول يحصد الأرواح. كان ذلك في ليالي الشتاء الكئيبة. أذكر أن في تلك الأوقات قلبي تعلق بالشمس بشكل طفولي، ووضع أمله بها، وكان يراها كمخلص أنتظر حلولها في الصيف، على أمل أن تقضي على هذا الضيف الثقيل. الآن أيضًا لا أعلم من أين جاء الأمل في العام الجديد، ولكني أشعر ببعض الاطمئنان يتسلل إلى قلبي، لمجرد وجود الشمس في هذا التوقيت من السنة. الشمس خير، وخير عظيم.

آمل أن يكون عامًا دافئًا صافيًا رقيقًا، لا يوجد فيه ضجيج، وإنما هادئ مثل الشمس، يشرق في هدوء ويمضي في هدوء.

المقالة السابقةنصائح للتعامل مع الزوج: ما هو التواصل الرحيم وما طريقته
المقالة القادمةقولي لا للعنف
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا