نصائح للتعامل مع الزوج: ما هو التواصل الرحيم وما طريقته

2191

في حوار متخيل بين زوجين، يلقي كل من الزوجين التهم على الآخر من الإهمال والتقليل من شأن الأعمال المنزلية وعدم الشعور بمتاعب الآخر، ويمكن أن نتخيل كيف يمكن لحوار مثل هذا أن ينتهي. قد ينتهي بشجار، أو بصمت يخفي وراءه مشاعر بالسخط وخيبة الأمل والرثاء للنفس. فكل زوجة تحتاج إلى نصائح للتعامل مع الزوج من أجل الوصول إلى علاقة يقل فيها العنف، وتملؤها المودة والرحمة، وتشبع احتياجات الطرفين. فلا يمكن لعلاقة أن تكون ناجحة، إذا كان أحد طرفيها يعطي طوال الوقت والآخر يستقبل دائمًا.

يوجد طريق للتعامل مع الزوج من منطلق التواصل اللاعنفي Non-violence communication NVC. كما يطلق عليه Compassionate communication أي التواصل الرحيم. وهي طريقة في التواصل طورها عالم النفس الأمريكي مارشال روزنبرج في الستينيات، ونقلها إلى العربية د. أحمد ضبيع، استشاري الطب النفسي من خلال صفحة NVC EGYPT.

ما هو التواصل الرحيم Compassionate communication؟

الفكرة المركزية للتراحم تقوم على أننا كبشر لدينا نفس الاحتياجات، وأن لنا الحق في إشباعها. وينشأ العنف عندما تتصادم طرقنا في تلبية احتياجاتنا. وقبل أن نتحدث عن عناصر التواصل الرحيم، من المهم أن نتكلم عن المشاعر والاحتياجات باعتبارهما مفهومين أساسيين في التواصل الرحيم.

المشاعر Feelings

في كل لحظة لدينا شعور، ولكننا لم نتعلم الوعي بمشاعرنا، بل نهتم بما يظنه فينا الآخرون. كما تربى الرجال على وجه الخصوص أن المشاعر ضعف وعائق أمام الإنجاز. هذا على الرغم من أن الأفضل للعلاقة أن نُعبر عن مشاعرنا. فإن لم نفعل ذلك بشكل واعٍ، فإنها ستعلن عن نفسها رغمًا عنا بطرق غير مناسبة. والمشاعر تختلف عن وصف السلوك أو تحليله أو الحكم عليه. فمثلاً عندما تقولين: “أنا حاسة إن جوزي بيتجاهلني ومش مهتم بي”، فهذا حكم وتحليل للسلوك، وليس شعورًا.

بعض المشاعر وعكسها

المشاعر المؤلمة المشاعر المفرحة المشاعر المؤلمة المشاعر المفرحة
القلق

الغضب 

الحزن

الوحدة 

الألم

الملل

الإحباط

الدونية

الشك

الرجاء

الحنان

الفرح

الرفقة

الراحة

الاندماج

الرضا

المساواة

الثقة

النفور

الخجل

التشويش

الرفض

الاحتياج

الضعف

الذنب

الخزي

الخواء

الانجذاب
الفضول

الوضوح

القبول

الإشباع 

القوة 

البراءة 

الفخر

الرضا

بتصرف من كتاب “شفاء الطفل الداخلي

 

الاحتياجات Needs

سلوكيات الآخرين ليست إلا مثير لمشاعر موجودة بداخلنا، وليست السبب فيها. ولذلك قد يتعرض اثنان لنفس الموقف، ويسلك كل منهما بشكل مختلف. احتياجاتنا هي المولد الحقيقي لمشاعرنا. والوعي بتلك الاحتياجات هو نصف الطريق لإشباعها. المشكلة أن هناك بعض العوائق التي تحول بيننا وبين التلامس مع احتياجاتنا والتعبير عنها، مثل:

والحقيقة أن الاحتياجات هي ما يربط بيننا كبشر على مستوى عميق. عندما نتواصل على مستوى الاحتياجات، فإن هذا يحفز لدى الآخر متعة العطاء ويساعد على حل الصراعات بسهولة.

  • التربية على ضرورة التكيف مع الأنظمة (في الأسرة والمدرسة والعمل) والخضوع لمصدر السلطة دون الاهتمام باحتياجاتنا، ولكن الاهتمام بالهروب من العقاب أو بالحصول على المكافأة على السلوكيات الصحيحة كما تحددها السلطة.
  • ربط الاحتياجات بمعانٍ سلبية كالاعتمادية والأنانية والعوز والضعف.
  • الاعتقاد بأن احتياجاتنا عبء على الآخرين.

والحقيقة أن الاحتياجات هي ما يربط بيننا كبشر على مستوى عميق. عندما نتواصل على مستوى الاحتياجات، فإن هذا يحفز لدى الآخر متعة العطاء ويساعد على حل الصراعات بسهولة.

والاحتياج إلى الآخرين لا يساوي العوز أو الاعتمادية. فالعوز والإلحاح يعني الإصرار على إشباع الاحتياج بطريقة معينة. والاعتمادية تعني الاعتماد على مصدر واحد لإشباع احتياجك. وهو شيء مرعب قد يدفعك إلى النقيض تمامًا، وهو الاستغناء عن الطرف الآخر. فتظنين أن الاستغناء قوة. وبين الاعتمادية والاستغناء يقع الطريق الوسط، وهو الاعتمادية المتبادلة. فاحتياجات كل طرف لن تشبع إلا بإشباع احتياجات الآخر.

والاحتياج يُلبَّى بطرق مختلفة ومن مصادر متعددة. فاحتياجك للحب مثلاً يمكن أن يعبر عنه زوجك بالهدايا، أو المساعدة في المنزل، أو الكلام الرومانسي، أو غير ذلك. كما يمكنك الحصول عليه ليس من زوجك فقط، ولكن أيضًا من أبنائك ووالديك وإخوتك وصديقاتك. وأهمية الوعي بهذا أنه لا يوجد شخص قادر على تلبية احتياجات الآخر طوال الوقت. فكلنا نمر بفترات ضعف نحمل فيها أنفسنا بالكاد.

الاحتياجات النفسية الأساسية للإنسان

وقد حدد ديفيد فيرجسون ودون ماكمين عشرة احتياجات نفسية أساسية للإنسان وهي: القبول، والإعجاب، والتشجيع، والمساندة، ودفء المشاعر، والشعور بالأمان، والاحترام، والاهتمام، والتعزية والتقدير. كما أضاف غيره من العلماء احتياجات أخرى: كالبقاء على قيد الحياة، والمشاركة، والانتماء والثقة، والإنجاز، والمتعة والترفيه، والحرية، وتقديم الرعاية للآخرين.


نصائح للتعامل مع الزوج من خلال التواصل الرحيم (مهارات التواصل اللا عنفي)

يتكون التواصل الرحيم من 3 عناصر:

1. التعاطف مع النفس Empathy with self (التسامح مع النفس)

بدون التراحم مع النفس، لا نستطيع أن نتراحم مع الغير. تقبلي أنك إنسان غير كامل. أقسى الأحكام هي أحكامنا على أنفسنا، لأننا نصدقها ونتصرف بناءً عليها. عاملي نفسك برفق ولا تدعي الشعور بالذنب يعطلك

عندما نسلك بطريقة لا نرضاها، فإننا نردد على أنفسنا الكلام الذي كنا نسمعه من والدينا. فيمكن للزوجة أن تقول لنفسها: “أنا زوجة أنانية، مش حاسة بجوزي ومش مقدرة تعبه.. أنا تافهة، وبطالبه يقول لي كلام حلو، وهو راجع تعبان…”، إنها تصدر على نفسها أحكامًا أخلاقية، مما يجعلها تشعر بالذنب والخزي.

على الجانب الآخر، عندما نفكر في الاحتياجات والمشاعر التي حركت هذا السلوك غير المرغوب (يمكن أن تكون احتياجات للتقدير ودفء المشاعر)، فإننا نلتمس العذر لأنفسنا. وبدل الذنب والخزي، نشعر بالحزن والألم، ولكنه ألم شريف، لا يدفعنا إلى رؤية أنفسنا بشكل سيئ، ولكن إلى التفكير في التصرف بطرق أكثر ملاءمة.

بدون التراحم مع النفس، لا نستطيع أن نتراحم مع الغير. تقبلي أنك إنسان غير كامل. أقسى الأحكام هي أحكامنا على أنفسنا، لأننا نصدقها ونتصرف بناءً عليها. عاملي نفسك برفق ولا تدعي الشعور بالذنب يعطلك. إذا كنتِ قد أخطأتِ في حق زوجك بالكلام الجارح أو إفشاء السر أو اللوم المستمر، فتسامحي مع أخطائك واسعي للتغيير دون استعجال.

2. التعاطف مع الآخر Empathy with other (التسامح مع الآخرين)

بعد أن تواصلتِ مع نفسك، حاولي أن تتواصلي مع مشاعر واحتياحات زوجك التي تحرك سلوكياته (قد يكون الاحتياج للتقدير أو القبول). ترفقي بنفسك وكوني هادئة ومسترخية. وكلما كنتِ أكثر تلامسًا مع نفسك وتراحمًا معها، استطعتِ أن تكوني كذلك مع زوجك. وقد يحتاج هو وقتًا ليتعلم هذا الأسلوب الجديد في التعامل، وحتى يصدق أن هذا الاهتمام من القلب.

3. التعبير عن النفس بصدق Honest Expression of self

التعبير عن النفس يتكون من 4 خطوات OFNR، اختصارًا لـObservation الملاحظة النقية، Feeling المشاعر، Needs الاحتياجات، Request الطلب:

الملاحظة النقية Observation: إبداء الملاحظة يعني أن تذكري السلوك الذي تحبينه أو لا تحبينه، أن تتحدثي عما رأيتِ بعينيك أو سمعتِ بأذنيكِ فقط. وذلك دون أن تمزجي ملاحظتك بحكم على السلوك بأنه جيد أو سيئ، أو تحللي أسبابه، أو تحكمي عليه بالصواب والخطأ. مثال: “إنت مبقتش تحبني زي زمان” هذا حكم، لأنها فسرت سلوكه بأنه لم يعد يحبها، في حين أن هناك تفسيرات أخرى محتملة. مشكلة الأحكام أنها تثير العدوان والدفاعية لدى الطرف الآخر، ولا تشجعه على التعاون. مثال على الملاحظة النقية: “مقلتليش تسلم إيدك بعد الأكل”.

عبري عن مشاعرك وأحاسيسك الجسدية: لا أفكارك عنه، أو استقبالك لكلامه أو أفعاله. تجنبي إشراكه في مشاعرك، فهو ليس مسؤولاً عنها، كقول: “إنت أهنتني، قرفتني…”.

عبري عن احتياجاتك Needs: أهم شيء هنا ألا تحمليه مسؤولية إشباع احتياجك، لأن احتياجك مسؤوليتك. فمثلاً، لا تقولي: “أنا محتاجاك تحبني” أو “كان مفروض تاخد رأيي، وليه مجتش تصالحني، وما هو لو إنت كنت ساعدتني…”. عبري عن الاحتياج بشكل نقي مجرد مثل: “أنا كنت محتاجة حب، احترام…”. أما إشراكه يأتي في المرحلة التالية، وهي مرحلة الطلب.

الطلب Request: هو مجرد دعوة للزوج في الإسهام في جعل حياتك أفضل من خلال:

ما نهدف إليه من الطلب بهذه الطريقة هو أننا نريد الآخر أن يتعاون معنا، من منطلق الرغبة الحقيقية والسعادة الطبيعية التي يشعر بها المرء، عندما يساهم في إسعاد غيره، وليس من منطلق الشعور بالذنب أو الخوف

  • لغة إيجابية: أي إخباره بما تريدين منه أن يفعل، وليس بما تريدين منه أن يتوقف عنه. مثال: “من فضلك علق هدومك في الدولاب”، وليس “بطل ترمي هدومك في أي حتة”.
  • طلب شيء واضح: لا تطلبي احتياجًا، أو أمنية مستقبلية غير مفهومة. على سبيل المثال: “مقلتليش رأيك في الأكل، وده خلاني أزعل لأني محتاجة أحس بالتقدير. ممكن لما الأكل يعجبك تقول لي تسلم إيدك؟”.

ما نهدف إليه من الطلب بهذه الطريقة هو أننا نريد الآخر أن يتعاون معنا، من منطلق الرغبة الحقيقية والسعادة الطبيعية التي يشعر بها المرء، عندما يساهم في إسعاد غيره، وليس من منطلق الشعور بالذنب أو الخوف. وفي كل مرة يقوم بها الآخر بشيء نريده من منطلق الإجبار سندفع الثمن من قوة وحميمية العلاقة.

والطلب (الدعوة/ الرجاء/ الالتماس) بهذه الطريقة يختلف عن الأوامر والإجبار. عندما تطلبين طلبًا رحيمًا تكونين مستعدة لقبول الرفض، دون أن يتحول الأمر إلى عنف وشجار وشعور بالغيظ. هذا هو الفيصل الحقيقي وليس مجرد الطلب بطريقة لطيفة وهادئة.


فن التعامل مع الزوج: تجنبي الطلب بهذه الطريقة

من أهم ما يمكن أن يقال ضمن نصائح للتعامل مع الزوج، أن تتجنبي أشكال الطلب الملتوي: كالتهديد “لو معملتش كذا هزعل منك”، والقمص “خلاص مش عاوزة منك حاجة”، الطلب المستتر وراء اللوم والاستفسار “هو أنا موحشتكش؟!”، والطلب بصيغة خبرية “أنا كل ما بكلمك مش بترد عليّ”، والتظاهر بالمرض والتعب للحصول على الاهتمام، والصمت والانسحاب والإحجام عن الطلب (على اعتبار أنه من المفترض أن يفهم بنفسه)، والإلحاح والمن (طلب ملتوٍ للتقدير). والاستفهام “مش عاوز تخرج؟” (كي تقولين أنك تريدين الخروج).

ما الذي يجعل الطلب ثقيلاً حتى نلجأ إلى الطلب بطرق ملتوية؟

عندما نطلب من الآخر طلبًا واضحًا نمنحه الفرصة ليكون إنسانًا رحيمًا. طلبك عطاء وليس أخذًا فقط. فهو يجعل زوجك يشعر بأن له قيمة ودورًا في حياتك. والطلب في مصلحتكما، لإن رضا كلا الزوجين وارتياحه ينعكس على الطرف الآخر وعلى العلاقة

  • الاعتقاد بأنكِ عندما تطلبين من زوجك تصيرين عبئًا عليه.
  • الاعتقاد بأنكِ لستِ جيدة بما يكفي لتطلبي (مستاهلش أطلب).
  • الاعتقاد بأن الزوجة الصالحة هي المضحية التي تنكر احتياجاتها، ولا تسعى إلا لإسعاد زوجها.
  • أن تكوني طلبتِ مرات كثيرة دون جدوى، مما يجعلكِ تشعرين بالإهانة وكأنكِ تتسولين حقك. كما يجعلك تفكرين بأن القيام بالشيء بنفسك أسهل من المحايلة أو الشجار.
  • الخوف من رد الفعل كالرفض أو السخرية أو العنف.
  • السعي إلى الكمال والاعتقاد بأن الاحتياج والتعبير عنه ضعف.

عندما نطلب من الآخر طلبًا واضحًا نمنحه الفرصة ليكون إنسانًا رحيمًا. طلبك عطاء وليس أخذًا فقط. فهو يجعل زوجك يشعر بأن له قيمة ودورًا في حياتك. والطلب في مصلحتكما، لإن رضا كلا الزوجين وارتياحه ينعكس على الطرف الآخر وعلى العلاقة.

ماذا لو رفض زوجك طلبك؟

راجعي أسلوبك، كوني أكثر مرونة وقابلية للتفاوض للوصول إلى مساحة تشبع فيها احتياجات كل منكما. كرري طلبك في وقت آخر. والتزمي الصبر.


نصائح مدمرة للعلاقة الزوجية

هناك أخطاء نقع بها تعوق التواصل وتضر بالعلاقة الزوجية، مثل:

  • إطلاق الأحكام على نفسك أو غيرك “أنا زوجة فاشلة”، “إنت عديم المسؤولية”.
  • اللوم والتوبيخ: “مش كنت تخلي بالك؟”، أنا حذرتك منه/ كان لازم أو المفروض…”.
  • المقارنات “شوف صاحبك جاب إيه لمراته في عيد ميلادها”.
  • اخفي مشاعركِ، واقنعي نفسك أنه لو كان مهتمًا لعلم من تلقاء نفسه.
  • انكري احتياجاتك، واقنعي نفسك أنك تضحين من أجل الأسرة (وستتحولين إلى قنبلة غضب قابلة للانفجار في أي وقت).
  • لا تشكري زوجك أو تعبري عن امتنانك له بحجة أنه يعلم أو أن هذا سيجعله مغرورًا.
  • لو رفض طلبك ايأسي واستسلمي ولا تحاولي أن تطلبي مرة أخرى. واقنعي نفسك أنه لم يعد بيديك شيء، وأنه هو الذي لا يريد التغيير.
  • قدمي حلولاً ونصائح دون أن يطلب منكِ (الأهم من تقديم النصيحة هو وجودك واستماعك وتعاطفك. وعندما تقدمين النصائح دون أن تطلب منكِ قد تشعرين بالإحباط والسخط عليه عندما لا ينفذها).

التراحم لا يعني الخنوع وانعدام الحدود. احتياجاتك ومشاعرك مهمة، ومن حقك أن تلقي الاهتمام والاحترام. من حقك الرفض ووضع الحدود، ولكن بحكمة ودون إفساد الحياة. من حقك استبعاد الآخرين من حياتك إذا رفضوا التواصل معكِ. من حقك أن تأخذي الموقف المناسب حتى تلبي احتياجاتك.

التراحم يساعدنا على تحديد متى نتمرد ومتى نطيع. كما يساعدنا على الاهتمام بأنفسنا وبالآخرين وبالعلاقة بيننا، من خلال إشباع احتياجات الجميع. التواصل الرحيم ليس مجرد كلمات، ولكنه تواصل إنساني عميق مع النفس والآخر.


مصادر

  • كتاب Speak peace in a world of conflict، Marshal B. Rosenberg. Ph.D, Puddle Dancer Press.
  • كتاب مهارات الحياة، د. أوسم وصفي، دار الأمين للنشر والتوزيع.

 

المقالة السابقةالصورة النموذجية للسعادة هل تحوي النساء داخلها؟
المقالة القادمةأيام ديسمبر المشرقة

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا