هل نحن سعيدات حقًا في أمومتنا؟

640

بقلم: العصماء محمد هاني

هل نحن سعيدات حقًا في أمومتنا؟ هل نعيش أيامًا سعيدة مع أطفالنا وأزواجنا وأعمال المنزل اليومية وتحديات الطموح وتحقيق الذات ومبدأ “اللي قادرة ع التحدي والمواجهة”؟ هل نحن متأكدات من قيامنا بفعل الصواب والاختيار الصحيح في حياتنا؟ هل نحن راضيات حقًا، أم أننا ندعي الرضا والسعادة حتى لا تنهمر فوق رؤوسنا اتهامات التبتر على النعمة والتهديد بزوالها؟ هل تعرف كم تحدٍ تواجهه الأمهات في اليوم؟

في كل دقيقة تحدِ، وفي كل ثانية ألم، وعند كل ساعة يبدأ اكتئاب جديد، ومع كل شمس صباح يُخلق حزن فريد من نوعه لا يشبه سابقه. نحن في مواجهة أمور -أقسم بالله- أنت لا تدرك عنها شيئًا. نحتاج براحًا دون تنظير. ربما يتسنى لنا أن نلتقط أنفاسنا لمدة فيمتو ثانية!

هل ستتحملين الألم؟!

نعم، بكل تأكيد سأتحمل الألم. تحملت الطلق لأكثر من 12 ساعة، تحملت جرح القيصرية وإبرة الظهر والنهوض بعد 8 ساعات من العملية، تحملت الرضاعة وآلامها والشد وتحجير الثدي، وصمدت في كل يوم لم أنم فيه نصف ساعة على بعضها. تحملت المسؤولية وحدي وخضت الرحلة بطولي.. ولكنني انهرت عندما اكتشفت أن الشوكولاتة انتهت، وأن الفيلم المفضل ليس موجودًا على اللابتوب، وأن أحمد خالد توفيق لم يعد موجودًا في عالمنا، وعدم قدرتي على الذهاب إلى السينما يصيبني بالاكتئاب، لا أحتمل ألم الفراق والبعد والعجز والخذلان، لا أحتمل المرة التي اتصلت فيها عليك ولم ترد! لماذا لم ترد؟! هل كنت مشغولاً بأخرى؟! إنت اتغيرت.. مبقتش تحبني!

اقرأ أيضًا: كل ما تحتاجين معرفته حول اكتئاب ما بعد الولادة

ماذا سنجني من كل هذا؟!

كلما تخيلت سيناريو الفيلم الذي سيذاع بعد 10 سنوات أبكي! أولادي يصبحون مراهقين غاضبين جامحين غير مقتنعين أن أمهم تفقه شيئًا في الأساس. منطلقون في الحياة وأنا خلفهم أركض وأصيح: “أين أنتم ذاهبون؟ انتظروني! خذوني معكم! لا تتركوني وحدي! أنا أمكم! لقد أضعت السنين كلها عليكم!”، ولكنهم لن يلتفتوا إلى احتياجي إليهم!  لماذا سأحتاج إليهم أصلاً؟! أنا أعمل الآن في وظيفة ستستمر عشرات السنين بلا أي مقابل، بالطبع هي الأمومة.

اللي قادرة ع التحدي والمواجهة

هل أحلام وطموحات الأمهات مشروعة، أم ربما كان من الأسلم أن نكون بناتًا بلا طموح، ولا فكر ولا رغبة في إكمال الدراسة من الأساس، تتمحور أفكارنا حول أن نتزوج من أجل أن نخرج ونتنزه ونتحرر من سلطة الأب!

ولكن..

لقد وقعنا في الفخ

أجل لقد وقعنا في الفخ!

فخ الحب!

“بحبه يا بابا وعاوزة أتجوزه”، سأتزوجه وأبني بيتي وأنجب وأربي وأحضر الماجيستير والدكتوراه، وأعمل وأحقق حلمي وأبني ذاتي، وأعيش المستقبل الباهر المفتوح على مصراعيه. لقد وقعنا في حفرة الحب والرومانسية والتعلق بشريك الحياة الذي لا نتخيل حياتنا دونه، وحفرة الرغبة الجامحة بأن نصير أمهات، وحفرة الطموح والأحلام وبناء الذات. وكل حفرة منها مرهقة وغائرة، وإن وقعنا فيها لن نستطيع الخروج مرة أخرى.. فأنا أحدثكم من هناك… فاحذرن وكنّ على استعداد!

اقرأ أيضًا: الأحلام المؤجلة ومواجهة الحزن والفشل

المقالة السابقةرالف المدمر: مفاهيم خاطئة عن الصداقة
المقالة القادمةليه لأ 2: يونس وقراءة المعاني في أعين الأطفال
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا