ليه لأ 2: يونس وقراءة المعاني في أعين الأطفال

1205

بقلم: نانسي وجدي

اللي تابعوا مسلسل “ليه لأ – الجزء 2” اللي اتعرض مؤخرًا، ممكن يفتكروا الحلقة ما قبل الأخيرة، وكانت الأحداث تصاعدت بشكل كبير في مشهد أثر فينا كلنا، المشهد موضوع المقال كان بعد الحديث بين الأم المحتضنة “ندى” وأخوها وهو بيتكلم عن إن ممكن أهل “يونس” يرجعوا ياخدوه، وإن وجوده ممكن يعطل حياة “ندى” بأنه يقلل فرص جوازها. بعدها كان حديث بين “يونس” و”ندى” قبل ما تروح شغلها بتطمن عليه، الولد كان متغير وملوش نفس يعمل حاجة. كمان سألها عن الطفلة “أحلام” اللي أهلها راحوا أخدوها من الدار. وفضّل “يونس” إنه يقعد في البيت وميروحش معاها الشغل. المشهد كان فيه خليط من مشاعر الحب والخوف. عايزة من خلال “يونس” والمشهد ده أتكلم عن كمية المعاني في نظرات وعيون الأطفال، اللي ساعات كتير ممكن تعدي علينا عادي من غير ما نركز فيها.

يونس.. نظرة خوف وفقد وألم

“يونس” الطفل الجميل (سليم مصطفى) إلى جانب براءته الظاهرة جدًا وتلقائيته وجماله، فهو كمان عبقري وموهوب في توصيل المشاعر والمعاني في كل مشهد، بدرجة أبهرتنا كلنا. نظرته في المشهد ده فيها معاني كتير قوي، فيها خوف وشك وشيء من اللوم، يمكن بيقول ليه أخدتيني لو ممكن ييجي يوم وتسيبيني؟! أصعب حاجة الطفل يحس بيها شعور عدم الأمان، بالذات في بيته ومع أقرب الناس له.

والغريب إن قبل النظرة دي على طول كان فيه حضن و”بحبك قوي”، لكن عالم الأطفال أكيد عالم مُعقد مليان حاجات محتاجة تترتب، ما الطفل كمان بني آدم عنده مشاعر ولخبطة. وكمان في بداية حياته، يعني لسة مش واقف على أرض صلبة في معتقداته ومعرفته وإدراكه، والتأكد من مشاعره. كان صعب عليه يطرد الكلام اللي كان سمعه قبل كده من خاله برة تفكيره، وقلبه الصغير اللي اتعلق بمامته “ندى” وخاف لتسيبه أو أهله ييجوا ياخدوه.

اقرأ أيضًا: الأمومة بعيون بطلات مسلسل “ليه لأ 2”

مسلسل ليه لأ ٢

ليه ممكن الطفل يشعر بعدم الأمان؟

ساعات بيبقى فيه طفل عنده ميل لشعور عدم الأمان أكتر من غيره، مش لازم يكون فيه أسباب قوية، وده بيحتاج أب وأم متفهمين ودايمًا بيعبروا عن حبهم للطفل، بيحضنوه وبيكلموه بثقة عن قد إيه هما بيحبوه وعن صفاته الحلوة. بيهتموا يأكدوا له دايمًا إنه محبوب منهم ومن المجتمع كمان لزيادة ثقته بنفسه والاطمئنان في التعامل. الطفل ده محتاج يحس بثقة واطمئنان، ومعالجة أسباب الخوف والشك عنده.

نظرة “يونس” هنا فيها عشرات الأسئلة: هي ممكن تسيبني؟ هو وجودي هنا مؤقت؟ هنا أحسن لي ولا الدار؟ هي بجد بتحبني؟ هي ممكن تسيبني عشان تتجوز؟ يمكن لو سيبتها يكون أحسن ليها؟ ساعتها هسيب المدرسة ومش هشوف “سلمى”؟! وغيرها من الأسئلة عن مصيره واللي جاي. أكيد الطفل بيسأل نفسه دايمًا هو محبوب ومقبول ولا لأ، وهل يستحق يتحب فعلاً.

شعور الترك شعور مميت بعد الاطمئنان إننا هنكون مع حد بنحبه وبيحبنا، ده للكبار، فأكيد بالنسبة للأطفال اللي بطبيعتهم درجة حساسيتهم عالية هيكونوا محتاجين زرع ثقة كبيرة جواهم، إن يوصلّهم “أنا هنا.. أنا جنبك.. مش هسيبك”. والكلام يتأكد بالأفعال، لأن الكلام لوحده غير كافي؛ الأطفال أذكياء، منسيبش الشكوك والأفكار المخيفة تتملك منهم أبدًا. وده بيحصل بالتواصل معاهم سواء بالكلام أو التركيز مع حركاتهم ونظراتهم لفهم اللي جواهم.

الرعاية النفسية للأطفال

محتاجين زي ما بنركز على رعايتنا النمطية للطفل من أكل وشرب ولبس ودراسة، إننا ندي أهمية كبيرة كمان لرعاية نفسيتهم. ومتابعتهم دايمًا، عشان نعرف بيفكروا في إيه، إيه مخاوفهم، ونقدر نعالجها إزاي. اقرأ عيون طفلك أثناء زيارة أقارب أو أصحاب مثلاً، ممكن تلاقيها بتقول “أنا زهقان”، “مش بفضل وجودي هنا”.. وهو مش قادر يقول لك كده لأنك قاعد تتكلم مع ناس كبار. ممكن نقرأ عيونهم وإحنا بنشتري لهم لبس والبائع واقف معانا وهما محرجين يعبروا عن رأيهم، ناخدهم على جنب ونعرف هما حابين إيه وعاجبهم اللبس فعلاً ولا عايزين يروحوا محل تاني. اقروا عيون ونظرات أطفالكم بتقول إيه عشان بتقول كتير قوي. أوقات الطفل يبقى خايف يتكلم، لكن عيونه بتنطق بكل اللي عايز يقوله.

استثمروا في أطفالكم عشان هما الكبار بتوع بكرة، مهمتنا إننا نحاول نقلل على قد ما نقدر من معاناتهم في المستقبل باحتوائهم والمشي معاهم خطوة خطوة في مواجهة تحدياتهم ونموهم النفسي.

اقرأ أيضًا: نصائح: تأثير المعاملة على نفسية الطفل

المقالة السابقةهل نحن سعيدات حقًا في أمومتنا؟
المقالة القادمةميراث الحياة: هل نتقبل اختلاف أولادنا عنا؟
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا