جدّ الزيتون

1615

تعيش فلسطين في شهر أكتوبر أجمل مواسمها.

موسم قطاف الزيتون، وبلهجتنا الفلسطينية نقول “جَدّ الزيتون”.

 

يبدأ قطاف الزيتون كل عام في أوائل شهر أكتوبر، بعد سقوط أول أمطار الشتاء، والتي تُعرف شعبيًا باسم “شتوة الصليب”، هذه الأمطار التي يؤمن كل فلسطيني أنها تسقط لأجل الزيتون فقط، حتى تمتلئ حباته بالماء ليكون أكثر نضجًا وليمنحنا زيتًا أكثر.

 

ينتظر الفلسطيني هذا الموسم كل عامٍ كأنه ينتظر عيدًا!

بالفعل هو كذلك، عيدٌ يمتلئ بهجة وفرحة ورزق وخيرٌ كثيرين.

تخرج فيه العائلة بأكملها -كبارها وصغارها- إلى البساتين للمشاركة في القطاف، في مشاهد تعكس تعاون ودفء لا مثيل لهما.

 

الفرحة بالزيتون تشمل الجميع، حتى أولئك الذين لا يمتلكون أشجارًا، فمشاهد القطاف بهجة غير مسببة!

ضحك الصغار، صيحات الأمهات، توجيه الآباء، والأجمل على الإطلاق أهازيج الجدات.

تحضرني الآن أهزوجة لطالما تعودت سماعها ولطالما نجحت في جعلي ابتسم:

 

علـــــــــــــــى دلعونـــــــــا وعلــــــــــــى دلعونــــــــــــا

زيتـــــــــون بـــــــــــــــلادي أجمــــل مــــــا يكونــــــــــــا

زيتون بلادي واللوز الأخضر والميرامية ولا تنسى الزعتــر

وقراص العجــة لمـا تتحمـــر ما أطيب طعمها بزيت الزيتونا

خبــز ملتوت وجبنــة طريـــة أكلــــة تدفينــــا بالشتويـــــــة

وصحون السحلب والهيطليـة خلتنــا ننسـى بــردك كانونــــا

يا ربي تشتي ونلبس طاقيـــة ونلبس كبود ونحمل شمسيــة

ونغني سوى يا فلسطينيـــــة دايم في بلادي خبز الطابونـــا

اقرئي أيضًا: الكوفية الفلسطنية وتاريخها.. ما هي قصة الكوفية الفلسطينية

الفرحة للجميع، والرزق كذلك، فما أكثر الهدايا من زيت وزيتون، لا بد أن يتذكرك صديق أو جار ويمنحك شيئًا من كنزه الأخضر بكل الحب والمودة.

أرض فلسطين الخصبة تربة صالحة لنمو أشجار الزيتون، حيث يوجد على أرضها ما يقارب أحد عشر مليون شجرة.

بعض هذه الأشجار عمره مئات السنين، فهناك ما يسمى بـ”الأشجار الرومية” والتي تعود للعصر الروماني.

 

يُعد الزيتون مصدر دخل رئيسي للمُزارِع الفلسطيني، حيث تمتلئ الأسواق زيتًا وزيتونًا في هذا الموسم، ويقبل الفلسطينيون على الشراء، فلا يمكن أن يخلو بيت فلسطيني من زيت الزيتون الذي يدخل في معظم الأكلات الفلسطينية، حيث يعرف كل فلسطيني أن “الزيت عمود البيت”، ولا يخلو -أيضًا- من حبات الزيتون المكبوسة (المخللة) أهم مقبلات المائدة.

 

الحديث عن الزيتون لا ينتهي، فستظل شجرة الزيتون أحد أهم مشاهد الطبيعة الفلسطينية، والشجرة الأكثر أهمية نظرًا إلى قيمتها الدينية والتاريخية والثقافية والاقتصادية.

فلهذه الشجرة قدسية في نفس كل فلسطيني، حد أن جعلها رمزًا من رموزه، يزرعها لتمتد جذورها وتعانق جذوره في أرض فلسطين المباركة فلا يقتلعهما منها أحد.

 

الصور بعدسة المصور/ مؤمن فايز

 

المقالة السابقةأصبح الآن عندي تلاتين سنة
المقالة القادمةلكِ كل الرحمات والحب

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا