لعبة نيوتن: ما هي مهارات اتخاذ القرار

2625

“لعبة نيوتن” المسلسل المثير للجدل في دراما رمضان 2021 بأحداثه المتشابكة وشخصياته المختلفة والصراعات والمشكلات التي تتصاعد في حياة كل من “هنا” و”حازم” أبطال المسلسل، والأسرار والغموض في حياة كل من “أمينة” و”بدر”، والتي تُظهر الأحداث في كل حلقة سرًا جديدًا متعلقًا بهما. وأيضًا شخصية الشيخ “مؤنس” الذي تلتقي به “هنا” في الخارج ويساعدها في حل مشكلاتها ويتعلق بها عاطفيًا ويحارب من أجل رغبته الشديدة في الفوز بالزواج الشرعي منها، متحملاً الكثير من المشكلات حتى لو كان ذلك على حساب حياته الزوجية وزوجته الأولى “سارة”.

وخلال الأحداث تلاحظ أن كثير من المشكلات كانت رد فعل لقرارات غير موفقة لأبطال المسلسل، بدءًا بفكرة سفر البطلة للولادة في الخارج وكسر الفيزا والحلم الأمريكي، وقرار زوجها “حازم” أن يطلقها وأن يشارك في صنع عسل ممزوج بالأفيون، رغم معرفته بأن ذلك غير قانوني. وقرار الشيخ “مؤنس” أن يتزوج “هنا” رغم عدم وجود وثيقة طلاق رسمية، وقرار “هنا” بالموافقة على الزواج من “مؤنس”. وقرار “أمينة” برفض فكرة العلاج والاستسلام للمرض. وموافقة “سارة” على زواج “مؤنس” من “هنا”. وتأخذك الأحداث في صورة أفعال وردود أفعال وكأنك تتابع كرات في بندول نيوتن.

مهارات اتخاذ القرار
بندول نيوتن

“حازم” و”هنا” والقرارات المتسرعة غير المدروسة

نرى في المسلسل “حازم” و”هنا” بالرغم من أنهما زوجان قد أخذا قرارًا مسبقًا أن يتشاركا الحياة، فإنهما استمرا في أخذ قرارات مصيرية منفردة دون إعلام كل منهما الآخر، وبناء على معلومات مغلوطة وبطريقة سريعة جدًا أدت إلى دخولهما في صراعات وعند ومشكلات وتطورات معقدة، بل اتساع لدوائر المشكلات وتشابكها الذي يزيد من الحبكة الدرامية للمسلسل حلقة تلو الأخرى.

الأحداث مثيرة والمسلسل جذاب فعلاَ. يجعلك تتعاطف وتشفق وترفض التصرفات في نفس الوقت، ولو تخيلنا الأحداث بشخصيات أخرى لديها مهارة في اتخاذ القرار لانتهت المشكلات ولن نحتاج إلى ثلاثين حلقة نتابع فيها المسلسل. يضعنا كل ما سبق أمام موضوع مهم، وهو مهارات اتخاذ القرارات وكيف تؤخذ بطريقة صحيحة سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى حياتنا الأسرية. اتخاذ القرار هو الأمر الذي يواجهنا يوميًا في أمور بسيطة أو في أمور كبيرة ومصيرية. ويجب أن تكون قراراتنا مأخوذة بناء على تفكير جيد وليست رد فعل سريع للمواقف والظروف بلا دراسة.

معنى اتخاذ القرار

يمكننا أن نقول إن عمليّة اختيار الأفضل والمناسب من البدائل المتاحة أمام الشخص أو حل مشكلة معينة بأقل خسائر أو الخروج من مأزق معين، أو لتحديد هدف معين، سواء كان هذا القرار سفر، زواج، طلاق، دراسة، أو حتى اختياراتنا البسيطة كالأكل الصحي والشرب واللبس فكل يوم يمر علينا يجعلنا دائمًا أمام تحديات وخيارات مختلفة، وهذه القرارت نأخذها بناء على التفكير والتحليل والاستقراء والتقويم والاستنباط. وليست قرارات عشوائية. وهي عملية ليست سهلة، لكنها تدربية تحتاج إلى مهارات متعددة.

اقرأ أيضًا: خمسة عشر قرارًا غيرت حياتي

مراحل عملية اتخاذ القرار

لكل شخص طريقته في التفكير، فلا يوجد شخصان يفكران بنفس الطريقة، لكل شخص خبراته وأولوياته وقيمه وثقافته التي يتخذ بناء عليها قراراته، ولكن هناك بعض المراحل المهمة التي إذا اتبعها الفرد تساعده أن يوفق إلى حد كبير في قرارته. وهي:

1. دراسة المشكلة أو القرار من كل الجوانب

جمع البيانات والمعلومات عنه. وجمع البيانات والمعلومات في عصرنا الحالي أصبح أسهل مما يكون. ولكن يجب الحذر، فيجب أن تكون المصادر موثوقًا منها.

2. وضع قائمة بجميع الحلول والبدائل الممكنة

وكذلك وضع قائمة بالسلبيات والإيجابيات المترتبة على القرار . فلكل قرار جوانب إيجابية وأخرى سلبية. وهنا يأتي دور الموازنة.

3. التقييم

تقيم بنظرة موضوعية لهذه الحلول واختيار الأنسب، والأنسب لشخص قد يكون غير مناسب لشخص آخر، لذا يتطلب أن يكون الإنسان سيد قراره في الاختيار والتقييم، فهو الأعلم بظروفه ولا يتطوع شخص لأخذ قرار يخص الآخر، خصوصًا في القرارت المصيرية مثل قرار الزواج مثلاً. ليتحمل كل شخص تبعات قرارته واختيارته.

4. تحديد طريقة وكيفية تنفيذ القرار

يعد اتخاذ القرار بمثابة اقتناص فرصة قد لا تعوض، لذا وجب التدرب على مهارات حياتية لأخذ القرارات التي قد تكون قرارت يومية بسيطة أو حتى قرارات كبيرة.

عشرة مهارات لاتخاذ القرارات وتنفيذها

1. اعرف هدفك. ماذا أريد؟ وما هو الهدف لما أريده؟ وما هي أفضل الطرق لتحقيقة؟

2. اجمع معلومات كافية عن الموضوع، أي افهمه جيدًا، فعلى سبيل المثال لو كان القرار سفرًا فمن المفضل أن تعرف معلومات عن المكان وقوانينه وثقافته، عُملته والجو والسكن وتكاليف المعيشة وكيف ستجد عملاً. ورأينا في المسلسل كيف عانت البطلة “هنا” وتعرضت لمشكلات عديدة ومختلفة كادت بسببها أن تفقد ابنها وتسجن، وذلك لجهلها بثقافة المكان وقوانينه.

3. تجنّب اتخاذ القرارات المشحونة أو المبنية على العاطفة (سعيد أو حزين) أو تحت ضغط أو التعاطف أو المجاملة. كقرار “هنا” بالزواج من الشيخ “مؤنس” ردًا للجميل لمساعدته لها أو انتقامها النفسي لزوجها الذي طلقها.

4. خذ وقتًا كافيًا لاتخاذ القرار (عدم التسرع) وأيضًا التوقيت المناسب للاختيار، فلا يجب التسرع ولا البطء الشديد الذي قد يؤدي إلى ضياع الفرص، فقرار مثل الزواج أو الطلاق مثلاً يجب أن يكون هناك وقت كافٍ للتعارف والدراسة للطرفين. مما يوضح أهمية فترة الخطوبة والتعارف قبل قرار الزواج مثلاً. وكما شاهدنا في المسلسل كيف تسرع “حازم” في طلاق “هنا”. الذي ترتب عليه العديد من الأحداث.

5. فكّر في الموقف على المدى البعيد والقصير، وتخيل مستقبلك وتأثير هذا القرار على الآخرين أو الطرف الآخر.

6. قارن بين سلبيات وإيجابيات قرارك. وقيم المخاطر، فلا يوجد أمر إلا وجانبه بعض من المعاناة، فهذه طبيعة الحياة وهناك قرارات تستحق المغامرة، وأخرى لا تستحق.

7. ركز في الأولويات (تحديد الأولويات يحتاج ذكاء) بناء على قيمك وما تؤمن به، وركز على الأهم والأبقى.

8. ركز في البدائل وضع خططًا بديلة ومفاضلة موضوعية، فليست كل قرارتنا صائبة، وحتى قرارتنا الصائبة قد تتغير مع تغير الزمن والأحداث.

9. اطلب المشورة من أهل العلم والمتخصصين. (اسأل واستشر) أو كما يقولون ما خاب من استشار، ولكن انتقي من هؤلاء الأمناء وذوي الخبرة.

10. استفد من خبرة الآخرين، خبرة الذين سبقونا انظر إلى تجاربهم واستقرئ لنفسك (نبدأ من حيث انتهى الآخرون).

في النهاية نجد إننا بالتدريب والدراسة والتجريب نكتسب الخبرة والمهارة في أخذ القرارات، ويومًا بعد يوم تصبح قرارتنا أحكم وأنضج، وهذا ليس معناه أن كل قرارتنا سوف تكون صائبة، ولكن حتى قراراتنا غير الصائبة ستكون خبرة جيدة لحياتنا وفرصة للتعلم، فلا نستسلم للفشل، بل نقوم وننتفض لنكمل مشوارنا مرة أخرى. ولا تكون حياتنا قي مسارها مثل قوانين نيوتن رد فعل لقرارت غير محسوبة، لكن لقرارت محسوبة ومدروسة ونتائجها متوقعة.

اقرأ أيضًا: لعبة نيوتن وخدعة الحب


المصادر:

www.for9a.com

el-ma3lomaa.com

mawdoo3.com

المقالة السابقةلعبة نيوتن وخدعة الحب
المقالة القادمةخلي بالك من زيزي: كسر نمطية الرجل الغاضب

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا