إن ممارسة الجنس سلوك طبيعي لدى البشر، لكن متى يصبح إدمانًا؟ وما آثاره على حياة الأفراد وعلاقاتهم الشخصية؟ وهل إدمان الأفلام الإباحية أو البورن يؤثر سلبًا على حياة الإنسان وصحته النفسية؟ كيف يمكن العلاج منه؟ في هذا المقال نحاول الإجابة عن تلك الأسئلة وأكثر.
ما هو إدمان الجنس
يمكن تعريف الإدمان الجنسي بأنه انشغال مبالغ فيه بالتخيّلات أو السلوكيات الجنسية، بشكل يصعب التحكم فيه، ويؤثر بالسلب على صحتك أو عملك أو علاقاتك الشخصية أو أي جانب آخر من حياتك.
ويُدعى أحيانًا بفرط النشاط الجنسي “Hypersexuality” أو السلوك الجنسي القهري “Compulsive sexual behavior” وقد يضم بعض الأنشطة الجنسية التي يمارسها المرء بشكل طبيعي، لكنها حينما تصبح المحور الرئيسي لحياته ويصعب التحكم فيها، وتتحول لنشاط مؤذٍ لنفسه أو للآخرين، فيمكن حينها اعتبارها إدمانًا جنسيًا.
لكن ليس المهم بما ندعوه، المهم هو أن أي سلوكيات قهرية يتركها المرء دون علاج يمكنها أن تدمّر ثقته بنفسه وعلاقاته وعمله وصحته، وتضرّ بالآخرين في حياته. غير أن العلاج موجود، وعن طريقه يمكن التحكم في تلك السلوكيات والسيطرة عليها.
ما الفارق بين الممارسة الجنسية الصحية والإدمان
يعد الاهتمام بالعلاقات الحميمة وبذل الوقت والمجهود من أجل تحسينها والوصول لمستوى مرضٍ فيها، أمرًا صحيًّا. لكن لو أصبح الشخص مهتمًا بالجنس نفسه على حساب اهتمامه بالطرف الآخر، فهنا تكمن المشكلة.
وقد يعبّر إدمان الجنس عن نفسه بإحدى طريقتين: استبدال الجنس بالحب، والسعي وراء أنشطة جنسية متطرّفة أو مختلفة تركّز على الفِعل نفسه وليس على التواصل الحميم بين طرفي العلاقة. وقد يشير في بعض الأحيان لوجود مشكلات صحية أو نفسية أو اجتماعية أعمق وتحتاج للعلاج.
اقرئي أيضًا: ما هي علامات رضا الزوج في الفراش؟ كيف تكون العلاقة الحميمة ناجحة
اختبار كشف الادمان الجنسي: هل تعاني من إدمان الجنس؟
نعرض لك في التالي بعض الأسئلة، والتي قد تساعدك معرفة المزيد عن نفسك، لكنها ليست تشخيصًا أو حُكمًا نهائيًا:
- هل تحتفظ بسلوكياتك الجنسية أو تخيًلاتك الرومانسية سرًا عن الأشخاص المهمّين في حياتك؟ (نعم – لا)
- هل قادتك رغباتك لممارسة العلاقة الحميمة في أماكن معيّنة لا تذهب إليها في المعتاد، أو مع أشخاص ما لن تختارهم أو تنجذب إليهم في الحالات العادية؟ (نعم – لا)
- هل تحتاج لتنوّع أكثر في الأنشطة الجنسية، أو تحتاج لزيادة التكرار أو حدّة تلك الأنشطة، من أجل الوصول لنفس المستوى من الإثارة أو الارتياح؟ (نعم – لا)
- هل تشغل الموادّ الإباحية، أو البورنو، –مثل الأفلام أو الصور وغيرها- الجزء الأكبر من وقتك، أو تعرّض علاقاتك الشخصية أو وظيفتك للخطر؟ (نعم – لا)
- هل تفسد علاقاتك الشخصية أو تتشوّه بسبب انشغالك بالجنس؟ وهل كل علاقاتك الشخصية تحمل النمط التدميري نفسه الذي دفعك لترك العلاقة التي قبلها؟ (نعم – لا)
- هل تريد أن تبتعد عن زوجك/زوجتك بعد ممارسة العلاقة الحميمة؟ وهل يتكرر هذا السلوك؟ وهل تشعر بالندم أو العار أو الذنب بعد كل ممارسة للعلاقة الحميمة؟ (نعم – لا)
- هل دخلت في مشكلات قانونية بسبب أنشطتك الجنسية، أو يمكن أن تتعرّض للمساءلة القانونية بسببها؟ (نعم – لا)
- هل تتعارض أنشطتك أو تخيّلاتك الجنسية مع معاييرك الأخلاقية أو مع معتقداتك الدينية؟ (نعم – لا)
- هل تتضمن ممارساتك الجنسية العنف أو الغصب أو الإكراه أو التهديد بنقل الأمراض؟ (نعم – لا)
- هل جعلتك ممارساتك الجنسية أو سعيك للحصول على علاقات شخصية معتمدة على الجنس، تشعر باليأس أو الاغتراب عن الآخرين أو بالأفكار الانتحارية؟ (نعم – لا)
- هل انشغالك بالتخيّلات الجنسية يسبب لك مشكلات في أي ناحية من نواحي حياتك، حتى لو لم تنّفذ هذه التخيّلات؟ (نعم – لا)
- هل تتجنّب، بشكل قهري وغير إرادي، أي نشاط جنسي نتيجة لخوفك من الجنس أو الحميمية؟ وهل يرهقك هذا التجنّب نفسيًا وذهنيًا؟ (نعم – لا)
إذا جاءت إجابتك بـ”نعم” لأكثر مِن سؤال واحد، فإننا نشجّعك على أن تطلب المساعدة وتسعى للعلاج.
اقرئي أيضًا: مثلي الأعلى متعافية من الإدمان
ما أعراض إدمان الجنس؟
بعض العلامات التي تشير إلى المعاناة من إدمان الجنس:
- وجود تخيّلات متكررة ومكثّفة، ورغبات وسلوكيات جنسية تستقطع جزءًا كبيرًا من وقتك، وتشعر أنها خارج نطاق السيطرة.
- الإحساس بأنك مدفوع للقيام بسلوك جنسي، ثم الشعور بشيء من الارتياح بعدها، لكنه مصحوب بالذنب أو الندم.
- المحاولة للتقليل من التخيّلات الجنسية أو الرغبات أو السلوكيات المصاحبة لها، دون نجاح.
- استعمالك للسلوك القهري كمهرب من مشكلات أخرى، مثل الإحساس بالوحدة أو الاكتئاب أو القلق المَرضي أو التوتر.
- استمرارك في الانخراط في السلوكيات الجنسية التي تحمل عواقب خطيرة، مثل الإصابة بمرض منقول جنسيًا أو نقله لآخرين، أو فقدانك لعلاقات شخصية مهمة أو حدوث مشكلات في العمل أو أزمات مادية أو قانونية.
- عدم القدرة على إقامة علاقات شخصية صحية ومستقرة، أو المحافظة عليها، بسهولة.
اقرئي أيضًا: أوهام التربية الجنسية
هل إدمان مشاهدة الأفلام الإباحية يؤثر سلبًا على الصحة النفسية؟
ما هو إدمان مشاهدة المواد الإباحية؟
هو حينما لا يستطيع المرء التوقف عن مشاهدة تلك المواد حتى لو أراد ذلك. ويمتد الهوس بها لدرجة أنها تتداخل مع العمل والعلاقات الشخصية ونواحي أخرى من الحياة اليومية. وهذه مشكلة كبيرة، نظرًا لسهولة الوصول لتلك الموادّ عن طريق الإنترنت وغيره.
الآثار النفسية لإدمان الأفلام الإباحية
- الشعور بالذنب والخجل وقلة الثقة بالنفس
- الإصابة بأمراض نفسية مثل الاكتئاب أو القلق أو الأفكار الانتحارية
- إهمال الزوجة/الزوج
- تدمير العلاقات الشخصية
- فقدان التركيز في العمل
- فقدان الوظيفة بسبب مشاهدة تلك المواد في وقت العمل
- الإغراق في الديون بسبب شراء المواد الإباحية
- المعاناة مع إدمان المخدرات
اقرئي أيضًا: 8 خطوات للتعافي من المرض النفسي
هل يمكن علاج الادمان الجنسي؟
نعم من الممكن علاجه. تستطيع بالتحدث مع طبيب نفسي أو معالج أن تسيطر على تلك الأعراض، وأن تتعلم كيف تتأقلم مع أفكارك ومشاعرك وتصرفاتك بطرق صحية.
طرق علاج الادمان الجنسي
بعض خيارات العلاج:
- العلاج الفردي: في جلسات تمتد بين 30-60 دقيقة مع مختص نفسي، للتركيز على السلوكيات الجنسية القهرية وأي اضطرابات نفسية أخرى تتزامن معها.
- العلاج المعرفي السلوكي: يركّز على فكرة أن سلوكياتنا ومشاعرنا وأفكارنا مترابطة مع بعضها جيدًا. ويعمل هذا العلاج على تغيير الأفكار السلبية لأخرى إيجابية، تدفعك لأن تفكر وتتحدث إلى نفسك بطريقة أفضل.
- العلاج النفسي الديناميكي: مبني على الفرضية القائلة بأن الذكريات والصراعات المخزنة في العقل اللا واعي تؤثران على سلوكياتنا، لذلك فإن هذا العلاج يخاطب تلك المؤثرات الناشئة من الطفولة، والتي تؤثر على طرق التفكير الحالية التي تقود الشخص للإدمان.
- العلاج السلوكي الجدلي: يتكون من أربعة عناصر: الانخراط في مجموعة للتدريب على اكتساب المهارات اللازمة للشفاء، والعلاج الفردي والتدريب السلوكي الجدلي، وتلقي المساعدة من فريق الاستشارة. وكل هذه العناصر مصممة للتدريب على 4 مهارات: اليقظة (أي الانتباه لهنا والآن)، والتواؤم مع الاضطراب العاطفي، وتعليم كيفية إنشاء علاقات اجتماعية ناجحة والمحافظة عليها، والتحكم في المشاعر.
- العلاج الجماعي: مخصص للتغلب على المشاعر والسلوكيات السلبية والمؤذية وتبنّي أخرى إيجابية وأقل ضررًا وأكثر اجتماعية.
- الاستشارات الزوجية: يمكنها أن تفيد مدمني الجنس وزوجاتهم/ أزواجهن، لأنها ستساعدهم على تحسين مهارات التواصل وتعزيز الثقة وتحسين الأداء الجنسي بينهما.
- خطوات التعافي الـ12: هناك الكثير من المعالجين ومراكز العلاج تطبق برنامج الخطوات الاثني عشر الذي يركز على التعرف على مناطق الضعف لدى الشخص، ومدى رغبته في أن يعيش حياة خالية من الإدمان.
اقرئي أيضًا: 10 أمور عليكِ معرفتها قبل زيارة الطبيب النفسي
وختامًا
ليس من السهل أن يعترف المرء لنفسه أنه ربما يعاني من إدمان للجنس، لكن الاعتراف أولى خطوات العلاج، لكي يعيش حياة صحية خالية من مصادر القلق أو الخجل. الحياة لا تتوقف عند المعاناة من أحد الاضطرابات النفسية، بل تمتد وتستكمل بمواجهة هذا الاضطراب ومحاولة السيطرة عليه بطرق العلاج الكثيرة المُتاحة. المهم ألا يختبئ المرء خلف خجله أو إنكاره لما يعانيه، وأن يسعى لطلب المساعدة.
المصادر: