المدمنون.. مجرمون أم ضحايا؟

1115

هولاء الشباب الذين يُفقدون كل يوم بسبب الإدمان.. هل هم مجرمون أم ضحايا؟

في بحثي عن الإدمان وأسبابه صدمتني كلمات أحد الشباب المدمنين للمعالج النفسي، فقال: “لم أجد نفسي أبدًا في بيتي، فأبي وأمي لم يفهماني أبدًا. كانا دائمًا يصرخان في وجهي، وعندما تعبت لم يسمعني أحد، لكن أصدقائي أشعروني أني مهم وأن السجائر والسهر دوني بلا قيمة”.

 

وقالت إحدى الفتيات:

“لم أشعر أبدًا أني محبوبة من أبي وأمي، وأول مرة تورطت في المخدرات كان سببها رغبتي في أن أجد لحظات من الحب والسعادة”.

 

هل نحن كآباء وأمهات ومجتمع قد نكون بأساليبنا الخاطئة في التربية سببًا لانحراف الأبناء؟

نعم.. فقد أثبتت الدراسات أن أساليب التربية الخاطئة قد تؤدي بالشاب أو الفتاة إلى الإدمان، والبحث عن ملاذ يشعره بالراحة بعيدًا عن الضغوط التي قد تشكلها الأسرة.

ومن هذه الأساليب الخاطئة:

– الشعوربالرفض وعدم القيمة: كالتفرقة في التربية والتفضيل للذكور على الإناث، أو نعت الطفل بأنه غبي أو أقل ذكاءً ومقارنته بإخوته أو أقربائه، والطفل الذي يقال له إنه جاء غلطة كما يقولون، كل ذلك يجعل الشاب أو الفتاة يلجأ إلى الهروب لتسديد احتياجه للقيمة والقبول، حتى ولو كانت مجرد أحاسيس كاذبة.

 

– التسلط والتحكم والتربية القاسية: التي لا يجد فيها الأبناء فرصة للتعبير عن أنفسهم وإبداء آرائهم، وأن يفعلوا ما يرغبون به.

أتذكر إحدى الأمهات في بلدتي كانت تطالب ابنها بأن يحصل على أعلى الدرجات في كل المواد، لكي يلتحق بإحدى الكليات المرموقة، رغم أن قدراته في الاستيعاب كانت متوسطة، ما أصابه بالإحباط والفشل والهروب من المنزل، ليجد راحته بين أصدقائه الذين استدرجوه إلى براثن الإدمان.

 

– التدليل والاحتضان الزائد: تحضرني قصة زميلتي التي كانت تحل الواجبات المدرسية لابنها لأنها تخاف أن يعاقب ابنها في المدرسة، فتشكو أنه يلعب كل النهار وفي المساء يبكي لها، فتقلد خطه وتحل الواجبات المدرسية له، فتعوّد على ذلك لعدة سنوات، فنشأ طفلاً مدللاً لا يعرف الثواب والعقاب، واندرج في إدمان الإنترنت والمواقع الإباحية والتدخين، ولم يستطع إنهاء المرحلة الثانوية، بل وتورط في جريمة سرقة لاحتياجة إلى المال واندماجه مع بعض الشباب المنحرفين.. وأصبح ضحية لحبها الزائد وتدليلها المستمر.

 

نحتاج أن نتعامل مع أولادنا بطريقة تربوية صحيحة تخلق منهم جيلاً قادرًا على حماية نفسه، يعرف كيف يقرر ويختار متى يقول نعم ومتى يقول لا، بكامل إرادته.

 

وللمساعدة في تربية سوية يمكنك اتباع الآتي:

– ابتعد عن إصدار الأوامر دائمًا والعنف والعصبية في الكلام.

– استخدم لغة الحوار والمناقشة.

– استمع بإصغاء لهم واعط كل الاهتمام لما يقولون. واعطهم الفرصة كي يعبروا عن مشاعرهم.

– لا تطلب منهم ما لا يستطيعون أن يقوموا به. راع إمكانياتهم وعمرهم وقدراتهم.

– لا تتحدث معهم وأنت غاضب. وضع نفسك مكانهم في كل موقف.

– ارفض السلوك الخاطئ ووضح لماذا، وشجع السلوكيات الصحيحة.

– خصص لهم وقتًا للمشاركة واللعب والتنزه.

– اعطِهم الأمان حتى حين يخطؤون، ليلجؤوا إلينا ولا يهربون منا.

– أشعرهم أنك تحبهم وتقدم حبًا غير مشروط، ليعرفوا أنك تقدرهم وتحترمهم. أشعرهم بالأمان داخل المنزل لا بالخوف.

– ربِّهم في خوف الله ومخافته.

 

التريبة مسؤولية مشتركة بين البيت والمجتمع، وحين يقع أحد الأبناء في الإدمان، لا يجب ننظر إليه كشخص مجرم منحرف يجب طرده ونبذه، لكن نسعى لتقويمه وتعافيه كشخص مريض يحتاج للمساعدة.

فهو بالفعل ضحية الظروف والأساليب الخاطئة التي جعلته يضل الطريق، هو يحتاج إلى الدعم والمساندة.

 

وعن دورنا كأفراد في المجتمع:

– علينا أيضًا ان نقوم بدورنا في التوعية لكل من حولنا.

– توعية ضد الوقوع في الإدمان بكل أنواعه.

– توعية للتعافي والخروج من مصيدة المرض، وقبولهم والوقوف بجانبهم بعد تعافيهم.

– نساعدهم أن يقتنعوا بالعلاج ويرغبون فيه، حتى يستطيعون أن يحيوا حياة طبيعية دون وصم أو توبيخ أو إدانة قاتلة.

لكن مترفقين بهم حتى يجدوا راحتهم في مجتمع صحي، ولا يبحثون عن راحتهم في المخدرات، لنكن لهم سندًا؛ إنهم ضحايا وليسوا مجرمين.

ــــــــــــــــــــــــ
مصادر:

1

2

3

المقالة السابقةما إدمان الجنس؟ وكيف يمكن العلاج منه؟ اختبار كشف الإدمان الجنسي
المقالة القادمةهل أنت مدمنة عادة سرية؟ إليك أسباب إدمان العادة السرية وأضرارها وعلاجها

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا