سيكولوجية الشخص العنيف

6779

يحدث اكثر من 3 ملايين حادث عنف منزلي كل عام، تشمل الرجال والنساء معًا. نحو 20 شخصًا في الدقيقة الواحدة يُعتدى عليه من شريكه في الولايات المتحدة. (لمزيد من الإحصاءات)

فالضحية يظل يتحمل هجمة تلو الأخرى حتى 7 هجمات في المتوسط.

ولكنه يستمر في العلاقة، ربما لأنه لا يقدر على الخروج من المنزل أو لأن الشخص العنيف -عادةً- يحترف جعل الضحية تتوهم أنه لا توجد مشكلة في العلاقة على الإطلاق، وإن وجدت فهي مشكلة أو تقصير لدى الضحية بالتأكيد.

فيأخذه على طرفي بندول من الحب والكلام المعسول إلى العنف والأذى الجسدي والنفسي.

لذا فوعي الضحية بسيكولوجية الشخص المُعنف سواء كان أبًا، أمًا، زوجًا أو زوجة، مهم جدًا ويساعدها في حماية نفسها منه وفي أخذ الخطوات الحاسمة إذا تطلب الأمر.

صفات الشخص العنيف أو المبتز

الشخص العنيف هو عادة شخص ضعيف جدًا، ولكنه لا يظهر ضعفه أبدًا.

الخصلة المشتركة فيهم جميعًا، هو أن هدفهم هو السيطرة على الضحية، وذلك لأنهم لا يؤمنوا أن لديهم قوة ذاتية حتى وإن كانوا ناجحين في عملهم مثلاً.

بالنسبة إليهم التواصل والعلاقات عبارة عن لعبة مكسب وخسارة. (عكس المتوقع أن تكون العلاقات هدفها المكسب للطرفين. Win-win).

وهذه نقطة شديدة الخطورة، لأنها عادة تأخذ مظهرًا براقًا في بداية العلاقة، إذ تتوهم الفتاة أنها ما دامت تنتمي إلى فريقه فستكون دائمًا فائزة، وتشعر أنه سينقذها، ويرد لها حقوقها سواء في بيتها أو في عملها، ثم تجد أن اللعبة والفِرَق أصبحا داخل البيت الواحد.

تعرفي على: علامات فقدان الثقة بالنفس، فقدان الثقة بالآخرين، علاج فقدان الثقة بالنفس

فمثلاً من ضمن خصال الشخص العنيف:

  • شخص غير آمن.
  • كثير الاحتياجات، ولديه توقعات غير واقعية في العلاقة.
  • لديه حب امتلاك، قد يجبر الطرف الآخر على الانعزال عن أهله وأصدقائه.
  • يحتاح أن يشعر أنه دائمًا على حق وأنه مسيطر على الأمور.
  • شخص قليل الثقة.
  • شخص غيور عادة.
  • شديد الحساسية ويتصرف بعدوانية.
  • لديه تاريخ من العدوانية.
  • عنيف في تعامله مع الحيوانات والأطفال.
  • يلوم سلوكياته، على الآخرين سواء أهله أو شريكه أو مديره في العمل.
  • يعاني من أعراض اكتئاب وأفكار وسلوكيات انتحارية، لم يتم التعامل معها.

دورة العنف

يلخص البعض العنف في دورة تتكون من أربع مراحل:

1. تراكم الغضب: يستغل الجاني أي موقف صغير ويبدأ في شحن غضبه للتمهيد لشن هجمة جديدة، ليست بسبب الموقف الذي أشعل غضبه بالفعل، ولكن لأنه أدمن تلك الدائرة، ويشعر بالسيطرة كلما نجح في شن هجمة جديدة.

2. الهجمة: وهنا ينفلت جماح الوحش غير المروض، ويؤذي من يؤذيه من ضحاياه. سواء بالسب، أو بشد الشعر، أو بتكسير في البيت، أو بالضرب. نعم الضرب آخر القائمة لأن كل السابق ذكره يعتبر عنفًا بالطبع. لا تساومي في التقليل من حجم العنف الواقع، فهذه من خصال المُعنف والضحية. الاثنين معًا.

3. الندم والاعتذارات المتتالية: يظل يعتذر ويظهر أسفه، ويمارس كل طرق الابتزاز العاطفي لجعلك تشعرين بالأسف على ظلمك إياه، وربما يلجأ لوسطاء بينكما سواء رجال دين أو أفراد من العائلة، ليقنعوكٍ أن “تحافظي على بيتك وتلمي الموضوع”.

4. شهر العسل من جديد: يوهمك المُعنف أنه تاب، وأنه لن يفعل ذلك أبدًا، وهيا نفتح صفحة جديدة وننسى كل ما فات. ولأن الضحية تريد أن تصدق  تلك الأكاذيب، لربما يصدق الجاني تلك المرة، فيختار أن يمشي وراء ذلك السراب، حتى نبدأ في تراكم غضب لأي سبب آخر ونعيد نفس الدورة مرة أخرى.

تعرفي على: أفضل 10 كتب عن الدعم النفسي تساعدك لتقدم الدعم لنفسك

جو جولدبرج في مسلسل YOU

مسلسل YOU
شخصية JOE GOLDBERG في مسلسل YOU

شخصية “جو” في هذا المسلسل، تمثل الشخص المبتز أو العنيف بصورة واضحة. وتظهر فيها أيضًا دورة العنف السابق ذكرها.

ففي المسلسل، نرى جولدبرج يقتل صديق “بيك” الفتاة التي يحبها، ويحبسه في غرفة زجاجية ويعذبه ثم يقتله، وبعد بضع حلقات نجده يقتل صديقة “بيك”، فقط لشعوره أنها تتدخل في حياته مع “بيك” حبيبته بطريقة لا ترضيه.

وفي آخر الموسم الأول نجده يقتل “بيك” شخصيًا عندما حاولت الخروج عن طوعه والتمرد عليه.

فسر البعض شخصية “جو” على أن لديه سلوكًا معاديًا للمجتمع أو أنه “سايكوباث”. و”السايكوباث” كما يقول د. محمد طه، هو شخص كتلة من الأذى لنفسه ولمن حوله، مغلفة بغلاف سوليفان فاخر.

ومن الممكن أن يؤذي أي أحد مهما كان، من أول الإهانة بالكلام وحتى القتل.

وفسر آخرون سلوكه على أنه نرجسي أو اعتمادي. فالشخص الاعتمادي لا يرى نفسه إلا داخل هذه العلاقة، ولا يُعرف نفسه إلا بهذه العلاقة، وأي مشكلة في العلاقة تهدد سلامه بشكل كبير، فيحاول إزالتها حتى لو اضطر للقتل.

وفي الجزء الثاني، نرى أنه ربما “جولدبرج” كان لديه مشكلة تعلق، ومشكلات التعلق عادة تنشأ في الطفولة، عندما يكون للطفل علاقات غير صحية بأهله أو يعاني من أي نوع من الاستغلال العاطفي أو الجسدي في البيت.

فقد يكون ذلك نتيجة لتعرضه لمواقف صادمة في طفولته “تروما”.

جولدبرج” كان متعلقًا بأمه، ولكنها لم تستجب لاحتياجاته ولم تنتبه له، لم تكن المكان الآمن له، فكان وحيدًا ومتروكًا من أمه.

وكل هذه التفسيرات واردة، وقد يكون الشخص العنيف هو واحد من هؤلاء الشخصيات. وفي كتاب “علاقات خطرة” يستفيض د. محمد طه في شرح كل شخصية ووصفها وصفًا أدق.

ما يحدث أثناء التعامل مع الشخص العنيف

هناك بعض العلامات على الطريق، يمكنك بها استشعار الشخص المسيء قبل الزواج.

لأن الشخص العنيف لا يبدأ في ممارسة عنفه إلا عندما يتأكد أنك لا يمكنك الرحيل، إما بسبب تعلقك الزائد به أو لأسباب مادية أو اجتماعية أو غيرها.

من غير المتوقع أنه أثناء الخطوبة أو المواعدة، سيتصاعد الموقف لحد الضرب بالتأكيد، ولكن هناك بعض العلامات التي يمكنك الالتفات لها، إذا لاحظتِها بكل متصل، أنصحك بالهروب فورًا وهي: 

1. يصمم على تنفيذ رأيه ولا يقبل المساومة تحت أي بند

بدءًا من اختيار الطريق الذي سنتخذه للوصول إلى التجمع الخامس مثلاً، إلى اختيار مكان السكن وتفاصيل الجهاز التي لست بحاجة أن أستفيض في تفاصيلها.

هل يشعرك دائمًا أن هذا المجال خصوصًا لا تفهمي فيه شيئًا، فدعيني أقرر أنا؟ بالطبع قد يكون ذلك واردًا في أحد المجالات، ولكن الخوف أن الشخص العنيف دائمًا يقول “دي بالذات” أو يجعلك تشعرين أنك أنت المخطئة دائمًا أو أنك أنت العديمة أو القليلة الخبرة والفهم.

2. انفجارات من الغضب متتالية

يغضب كثيرًا بشكل مبالغ فيه، إلى الحد الذي يضطركما أحيانًا لتعطيل خطط متفق عليها، وعلى أسباب غير مبررة. وطريقة تعبيره عن غضبه صعب السيطرة عليها.

3. قاسٍ في تعاملاته

في طريقة تعاملاته مع الآخرين، لا يراعي مشاعر أحد، حتى وإن كان يظهر لك كل الحنية، عليك أن تلاحظي تصرفاته مع الآخرين سواء أصدقائه أو أهله لكي تعرفيه حقًا. لأننا داخل العلاقات عادةً نميل أن نتجمل لبعضنا بعض حتى دون قصد.

4. كثير النقد لك ولعائلتك

ينقد طريقة لبسك، طريقة تعاملاتكم في البيت، كل صغيرة وكبيرة وكأنه المنقذ الذي سيخلصك من كل هذا العذاب.

5. شديد الغيرة ولديه حب امتلاك

وطبعًا يضع ذلك في إطار من الحب وأنه فقط يريد حمايتك من الأوغاد الذين يحيطون بك في كل مكان، في مكان عملك، مع أصدقائك، مع أقاربك.

6. بارانويد

تحتاجين إلى كثير من المجهود لتبرير كل شيء له ولإقناعه أنك لا تكذبين. الثقة المتبادلة تعني الاحترام المتبادل، فإذا غابت الثقة تمامًا، تستحيل الحياة.

7. قد يصل الأمر للتهديد

ربما يهددك أنه سيتركك وحدك في الشارع، أو أنه لن يكمل العلاقة، وكأن ذلك طريقة لجعلك تظهرين مدى تعلقك به وبأنك لا تقوين على إنهاء العلاقة.

العلاقة التي تفتقر الإحساس بالأمان خصوصًا في أوائل مواسمها، سواء في المواعدة أو في الخطوبة، بنسبة كبيرة سيختفي منها الأمان تمامًا لاحقًا مع ازدياد ضغوط الحياة.

علاج العلاقة العنيفة

بالطبع لا توجد علاقة مثالية، وقد يكون شريكك لديه خصلة أو اثنان من المذكورين بالأعلى، أو العكس، وهذا طبيعي.

ولكن من الممكن أن تتفقا في أوقات الهدوء العادية على حدود لا نتخطاها، سواء في الغضب أو الغيرة أو أي خلاف.

وأن يبدي الطرف الذي يعاني مثلاً من مشكلة ما الاستعداد للتغيير بمساعدة الطرف الآخر وليس تغييره.

ولكن اذا اجتمعت كل علامات الإنذار السابق ذكرها، أو حتى نسبة كبيرة منها، فعليكِ الاحتراز.

فقد يبدو الأمر الآن في غاية الرومانسية وأن كل ما يفعله يفعله بدافع الحب، لكن الأمر لن يدوم طويلاً.

فيقول د. محمد طه في كتاب علاقات خطرة، “لو لقيت نفسك في علاقة مع شخص سايكوباث.. مش هقولك خد ديلك في سنانك واجري.. لا.. سيب ديلك.. واجري بكل سرعتك”

المقالة السابقةإلى بيت جدي العزيز
المقالة القادمةحكاية لم تكتمل

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا