“اسعَ يا عبد وأنا أسعى معاك” أعتقد أن هذا المثل العامي ينطبق أيضًا على تطوير الذات، كما ينطبق على أمور أخرى كثيرة في الحياة. أحد الأصدقاء على Facebook أشار إلى أنه سيحضر دورة في التربية (ولم يحضر بالمناسبة!)، وعندما أعجبني محتواها الذي قرأته التحقت بها. وهناك دلني بعض الأصدقاء الذين تعرفت عليهم في الدورة على “واحة” ورشحوها لي بشدة، وهي باختصار مدرسة أو دورة تعمل على رفع وعيك بنفسك ومساعدتك على التعافي من الإساءات التي تعرضت لها على مدار حياتك.
ولا أبالغ حينما أقول أن “واحة” كانت نقطة تحول في حياتي. لقد تعلمت فيها كيف أستمع إلى حديثي الداخلي، كيف أصف مشاعري وأعبر عنها. تعلمت كيف تكون لي قدرة أكبر على التعامل مع مشاعري بعد أن كانت هي التي تسوقني وتتحكم في حياتي. تعلمت كيف أتعرف على احتياجاتي وأعبر عنها وأطلب ما أريد. تعرفت على مساحات أحتاج إلى تطويرها في حياتي وشخصيتي. فهمت ديناميات بعض العلاقات المهمة والمشكلة في حياتي، مشاعري نحو هؤلاء الأشخاص، ولماذا أحب هذا وأشعر بالغضب نحو ذاك. لقد فهمت الكثير عن شخصيتي وماضيّ الذي يشكل حاضري. اكتسبت أيضًا مهارات جديدة في التواصل والعلاقات كالاستماع دون لوم أو نصيحة، وتقدير الآخرين واختلافهم واحترام مشاعرهم وآلامهم.
لم أصبح ملكًا من السماء، ولم تنتهِ مشكلاتي، ما زلت أصارع مع مشاعري المرتبكة وأفكاري المشوشة، ومع مخاوفي من الله والناس والحياة، ولكني أصبحت أفضل من ذي قبل، وصارت لديّ قدرة أكبر على التعامل مع هذه الصراعات. لقد وضعتني “واحة” على بداية طريق التعافي، ومن خلالها تعرفت على باقي المدارس والخدمات التي تقدمها مؤسسة الحياة. ودخلت مجال المشورة (الاستشارات النفسية) كطالبة علم، وكمستشيرة (طالبة للخدمة) ثم أخيرًا كمشيرة (مقدمة لها).
ولم تكن “واحة” نقطة تحول في حياتي وحدي، كتبت إحدى المتخرجات عن تجربتها مع “واحة” تقول:
“أنا كنت شخصية غضوبة جدا وعصبية جدا باتنرفز وأزعق على أبسط الأمور، في أوقات كتير كنت ببقى على وشك فقد أصدقاء، ماكنتش حابة سمعة ريم عصبية، ده غير سلوكيات تانية أنا كنت رافضاها وضيفي كمان إني ماكنش عندي هدف ولا رؤية لحياتي، بعد ما دخلت واحة وبدأت أفهم وفهمت إني غضبانة لأني متألمة وفهمي وإدراكي لاحتياجاتي ومكاشفة الإساءات اللي اتعرضت لها كل ده فرق معايا، الأفكار التلقائية علمتني اقرأ نفسي بشكل واضح، وأفهم أبعادها واللي فرق معايا قوي كانت التأملات وكتاب التأملات، بعد المدرسة كنت بارجع دايما لكشكول التأملات وبعد سنة تقريبا رجعت للكشكول عشان كان في حاجات مضايقاني وأنا بافتحه فتحت على تاريخ نفس اليوم، وشفت وافتكرت أنا أد إيه كنت تايهة ومش عارفة هاعمل إيه في حياتي، وأد إيه عمالة أطلب من ربنا ينور لي الطريق، اليوم ده أنا شفت استجابة ربنا وبركته في حياتي، لأني كنت أخدت قرار تغيير الوظيفة، وقدمت على دبلومة وعندي رؤية واضحة لمستقبلي وحياتي، وبقيت فاهماني وباحبني وبطلت أعاقبها وقبلت سلبياتي وحبيت إيجابياتي، بقيت مبادرة مش جبانة، بقيت أعرف أقول لا، بقيت أنا.”
بدأ برنامج “واحة” عام 2009، بهدف نشر ثقافة التعافي بين أطياف المجتمع المختلفة، فلا يوجد تعافٍ حقيقي من إساءات وجروح الماضي، إلا من خلال علاقات صحية، تستمر المدرسة لمدة ثلاثة أشهر، (14 لقاءً أسبوعيًا)، ويتكون البرنامج من ثلاثة عناصر:
- المحاضرات: التعرف على المبادىء الأساسية للنضوج النفسي وتنمية الشخصية.
- مجموعات المشاركة: تعلم التعبير عن المشاعر والأفكار، والانفتاح على الآخر، وتنمية المهارات الاجتماعية.
- الواجبات: التعمق في معرفة النفس في الحاضر والماضي، وممارسة هذا الوعي الجديد في الحياة اليومية لخلق عادات ومهارات حياتية جديدة.
للتواصل، زوروا موقع مؤسسة الحياة على الإنترنت: http://www.al7ayat.org/