7 دروس مُستفادة من فيلم Wild Tales

546

الفيلم الأرجنتيني Relatossalvajes أو المعروف بالإنجليزية بـWild Tales، قبل أن تأتي ترجمته للعربية بـ”حكايات برية” هو أكثر من مُجرد فيلم ترشَّح لأوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية لهذا العام، ونافس على السعفة الذهبية بمهرجان كان.

 

فهو يحكي 6 قصص مُختلفة عن أشخاص يُشبهوننا شكلاً وطباعًا، يواجهون بالحياة نفس سلسلة المُعاناة التي تكسر ظهورنا أحيانًا، كالإحباط، الخذلان، الخيانة، الظُلم، الطمع، عدم التقدير.

 

أشياء كثيرة تتراكم على جدار الروح، فتترك ندبات سوداء، ثم مع الوقت والضغط تأتي اللحظة التي تنهار فيها كل مبادئنا ودوافعنا للحفاظ على تحضُّرنا أو احتفاظنا بإنسانيتنا، فإذا بنا نكشِف عن وجهنا المُتوحش في مُحاولة أخيرة للبقاء والشعور بأننا نملك من القوة ما يؤهلنا للاستمرار في الحياة.

 

1- لا تلُم نفسك على أي شيء؛ قاموا بإحباطك وهم المسؤولون عن معاناتك

قد يكون الشِق الأول من الجُملة السابقة غير قابل للتعميم، إذ أننا نحمل -دون شك- جزءًا كبيرًا من المسؤولية تجاه ما يحدث لنا، إن لم نكن لأننا تسببنا فيه بالمقام الأول، فلأننا سمحنا للآخرين أن يقوموا بتمريره لحياتنا.

 

هنا يأتي دور الشق الثاني من الجُملة المذكورة أعلاه، ليقع الكثير من اللوم على هؤلاء الآخرين، من جلبوا لنا معهم المُعاناة فحوَّلوا حياتنا جحيمًا سواء عن قَصد أو بدون. أشخاص مرّوا بحياتنا تاركين بصماتهم البَشِعة بها، سواء أهل، حبيبـ/ة، أصدقاء، زُملاء عمل، مُدرسين… إلخ.

وفي كل مرة كان يُشعرنا أحدهم أننا أقل قَدرًا وذكاءً، أو يولينا اهتمامًا أقل مما نستحق، يمنحنا -دون أن يدري- جزءًا من السلاح الذي لن يلبث أن يكتمل مع كثرة التجارب المُحبطة، ليصبح لدينا بعدها الوسيلة للانتقام من كل هؤلاء، أو في أسوأ الأحوال الانتقام من أبرياء خطؤهم الوحيد أنهم جاؤونا بعد أن اسودَّت قلوبنا.

 

2- الجميع يود أن يعطي بعض الناس ما يستحقون لكنهم لا يحركون ساكنًا

كثيرًا ما يقع علينا الظُلم فلا نحرك ساكنًا، نترفَّع عن الدفاع عن أنفسنا، عن ضعف أو في مُحاولة للحفاظ على أنفسنا أنقياء دون أن نسقط في دائرة العين بالعين والبادي أظلم. السؤال هنا: هل هذا يُشعرنا بتحسُّن؟

رُبما ينتابنا -بالفِعل- رضا لحظي عن الذات، إلا أننا لن نلبث أن نشعر بالعار لأننا لم نتصَد للدفاع عن الحَق خوفًا من النزول لنفس المستوى من الوَحل الذي يُحيطنا، خصوصًا حين نرى الظالمين من حولنا يزدادون بطشًا وشعورًا بأن ما من شيء/ شخص سيُقهِرهم، فيوِّرث الظالم ظُلمه وقسوته لذويه، في حين نَورِّث نحن لذوينا الخيبة والشعور بالانتهاك.

 

3- الأمور ليست دائمًا كما تبدو في الحقيقة

الحقيقة لها الكثير من الأوجه، حتى أنها قد تبدو مُتناقضة أحيانًا كـــ”الملك والكتابة”، لذا ليس من الصواب أو الذكاء في شيء القفز للاستنتاجات فور رؤيتنا لما آلت إليه الحال في النهاية. فالطريق الذي تم اجتيازه من أجل الوصول للحظة الختام -دون شَك- كان مليئًا بالتفاصيل، التجارب، السقطات، والإنجازات.

لذا تظل الصورة النهائية بالمشهد -كيفما كانت- لا تستطيع أن تحمِل أكثر من مُجرد لمحة عما حدث، تمامًا كالجُرم الصغير الذي انطوى فيه العالم الأكبر.

 

4- الذين يعملون لمجرمين يصبحون مجرمين أيضًا

يقولون إن ابن ضابط الشُرطة سيكبر ليصبح ضابطًا، وابن الطبيب سيتبع والده، كذلك المُجرم سيرتاد نفس الدرب السيئ الذي ارتاده والده، إلا أن الاعتقاد السابق أثبت خطأه، والشَريِف لم يَعُد من المُتوَقَّع أن يظل شريفًا للأبد.

فبمُجرد التحاقه بالعمل لدى مجموعة من الفاسدين، سيبدأ في غَض الطرف عن فسادهم، ومع الوقت سيجد لهم مُبررات لما يفعلون، قبل أن يتحول إلى واحد من قطيع الذئاب الذي لا يجد غضاضة في افتراس كل من يقف عقبة في طريق مصلحته الشخصية، أو حتى مصلحة رؤسائه.

 

5- الحقيقة التي لا تعرفها لا تجعلك تتجنب العواقب

في عصر صارت فيه المعرفة مُلقاة على قارعة الطُرقات ويمكن الحصول عليها بأبسط الطُرق، أصبح الجهل حماقة لا تُغتفر، بل ويُمكن اعتباره جريمة في حق الذات، قد تصل لأن يُعاقب عليها القانون.

فلم تعَد جملة “لم أكن أعرف” مُبررًا يغفر به أحد للآخر، وبالتالي لم يعُد باستطاعة أحد الهروب من النتائج التي ترتبت على جهله.

 

6- أفراد العائلة الواحدة يقومون بحماية بعضهم بعض مهما كان الخطأ الذي تم ارتكابه

ليست حيوانات الغابة فقط هي من تفعل ذلك، الكثير من البَشَر يُمارسونه أيضًا دون أدنى اعتبار، لأن سلوكًا كهذا سيمنع المُخطئ من أخذ عقابه، فنجد الغالبية العُظمى يضربون بالصواب والحقائق عَرض الحائط، من أجل حماية ذويهم.

ليس لأنهم معصومون من الخطأ ولكن لأن كل ابنـ/ـة في أعين أهله أصغر من أن يحتمل تبعات ذلَّاته، بالإضافة إلى أن الأهل يجدون في فِعلهم هذا ممارسة واضحة ومنطقية كأولياء أمر عليهم حماية أولادهم، إلا أن المنطق يقول إن المُخطئ لن يتحمّل أبدًا العواقب طالما أنه لم يجد نفسه مُضطرًا لذلك.

 

7- الجزاء من جنس العمل

القليلون منا هم الذين ما زالوا يحتسبون الظُلم أو يلجؤون لأخذ حقوقهم بشكل قانوني وإنساني، ولمَّا كانت الحياة صارت أقرب ما يكون للغابة صار شعار “الجزاء من جنس العمل بل ورُبما أكبر” مرفوعًا من الجميع مع عامل وضع كل الأخطاء التي تم ارتكابها في حقنا تحت الميكروسكوب من أجل تكبير الرؤية، ومن ثَم تلقين المُخطئ درسًا لا ينساه.

 

فلم تعُد هناك المرأة التي تغفر أو تنسى لزوجها خيانته لمجرد أنه وعدها بعدم تكرار فِعلته، أو الأبناء الذين يتعاملون مع السلوك العُدواني أو المُنحرف لأهلهم باعتبارهم من الواجب طاعتهم دون أي شكوى أو مُحاولة لتقويم الوَضع، وحتى التلاميذ لم يعودوا يسمحون للمُعلمين بإهانتهم والتحقير من شأنهم لمُجرد كونهم كادوا أن يكونوا رُسلاً.

 

الجميع صار يعيش الحياة حاملاً في جُعبته أسلحة مادية ومعنوية جاهزة للرَد على الإساءات، تمامًا كــ”كيوبيد” الذي يحمل سهامه ليصيب قلوب الآخرين بالحُب، غير أننا معشر البشر صِرنا نحمل الأسُهم للتخلُّص ممن يُمثلون عبئًا على قلوبنا بشكلٍ أو بآخر.

 

ملحوظة: يُنصح بمُشاهدة الفيلم

 

 

المقالة السابقةالواحة التي غيرت حياتي
المقالة القادمةالنفسية محتاجة توك توك ومهرجانات
ياسمين عادل
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا