بقلم/ وسام قابيل
لا يمر شهر إلا واشتكينا بصورة أو بأخرى من الاكتئاب، كلمة تصف نفسها ولا تحتاج لسرد يوضحها حين نقابل أصدقاءنا، أو حين نعتزلهم مقدمين السبب وهو “الاكتئاب”، ولكن الاكتئاب في صورته المرضية قاتل مثله مثل أشرس الأمراض، لذا وجب عيلنا وضع الأمور في نصابها وتوضيح أنواع ذلك العدو الذي يباغتنا بحضوره الثقيل المفاجئ.
أنواع الاكتئاب
“Clinical depression = major depression – الاكتئاب المرضي”
هذا النوع هو أخطر أنواع الاكتئاب، حيث يفقد الانسان السيطرة عليه ولا مفر من اللجوء للأدوية العلاجية الخاصه به، لأن أسبابه تكون خارجة عن الإنسان، فهو ليس له يد فيها، يصاب الإنسان بالاكتئاب المرضي، نتيجة لعدم التوازن في كيمياء جسمه، متمثلة في هرموني “السيروتونين والدوبامين”.
ولعل هذا الاكتئاب المرضي هو الأكثر شهرة بين المبدعين والمخترعين الذين ترتفع لديهم مستويات هرمون الدوبامين المسؤول عن الإبداع والتخيل على حساب هرمون السيروتونين المسؤول عن السعادة والحالة المزاجية.
ومن أشهر من قتلهم هذا النوع من الاكتئاب؛ الممثل الأمريكي الكوميدي “روبن ويليامز” منتحرا، والأديبة الإنجليزية “فيرجينيا وولف” منتحرة أيضا، أشهر الأدباء الألمان “جوته”، الرسام الهولندي العالمي “فان جوخ “، الفليسوف “نيتشه”، الفنانة “داليدا”، وأقاويل حول انتحار صلاح جاهين نتيجة نقص علاج مرضه بالاكتئاب.
أعراضه
شكوى الاكتئاب المرضي ليست شكوى عادية بفقدان القدرة على التواصل فحسب، بل تشمل أعراضه:
1- فقدان الحماس والدوافع الإيجابية والقدرة على العمل.
2- عدم القدرة على السعادة والفرح عند حدوث أي مناسبة سعيدة أو حدوث شيء مفاجئ مبهج.
3- التشاؤم والأفكار السوداء هي بطلة الحياة الدائمة.
4- الإرهاق الدائم وفقد القدرة على التواصل الاجتماعي.
5- فقدان الشهية.
6- اضطرابات النوم.
7- أفكار انتحارية مسيطرة بشكل كبير.
“Black mood”.. أعطى الأطباء للاكتئاب توصيفا لونيا بناءً على نوعه، فمثل هذا النوع من الاكتئاب يأخذ اللون الأسود.
وقد تتشابه أعراض الاكتئاب المرضي مع الاكتئاب العرضي، ولكن حجر الأساس هنا هو استمرار هذه الأعراض بنفس القوة لمدة 6 أشهر متصلة، والعلاج الوحيد هو العلاج الدوائي الذي يصفه الطبيب.
“Normal depression – الاكتئاب العادي أو العرضي”
هو اكتئابنا اليومي أو الشهري الذي أصبح عادة لدى الجميع، بسبب الضغوط الحياتية أو أزمات وحوادث سببت ظهوره كفقدان شخص عزيز، أو رسوب دراسي، أو عدم القدرة على الحصول على وظيفة، بمعنى أن هناك سبب حقيقي ملموس ساهم في ظهور هذه الأعراض.
وفي الواقع الذي أثبتته الدراسات العلمية أن تعرض المرأة لهذا النوع من الاكتئاب ضعف تعرض الرجل، نظرا لعدة أسباب، منها: التغير الهرموني لديها منذ البلوغ، الحمل والرضاعة، الإجهاض، فترة انقطاع الطمث، ضغوط المنزل وعبء الأبناء، محاولاتها للموازنة بين العمل ومسؤولياتها الأسرية.
وليست الصورة قاتمة سوداء مثل Blue mood، وهذا النوع من الاكتئاب قد أعطاه الأطباء اللون الأزرق، والاكتئاب العرضي تختلف أعراضه عن الاكتئاب المرضي في مدة استمرارها، فهي لا تستمر أكثر من أسابيع معدودة، ثم يعود الإنسان لحالته الطبيعية، والعلاج هنا لا يتطلب الدواء الكيميائي أو مضادات اكتئاب فقط، يحتاج الشخص إلى الدعم النفسي، سواء من الأصدقاء أو الأهل أو من الشخص ذاته بمحاولته الخروج من هذه الحالة بشيء يفرحه.
” Morning depressio – الاكتئاب الصباحي”
وهذا النوع من الاكتئاب يصيب أصحابه بشيء من الضيق والقلق فقط في ساعات الصباح الأولى، حيث يكون الشخص في أشد حالات الكسل وضعف الهمة، لكن ما إن تنقضي ساعات الصباح إلا وينصرف هذا الاكتئاب، أو عندما يتحامل على نفسه ويخرج من منزله لمدرسته أو عمله، فتختفي هذه الأعراض والسبب في هذا النوع من الاكتئاب هو نقص هرمون “الميلاتونين”، والذي اكتشف العلماء حديثا دوره في النشاط والحيوية حتى إن بعض الممثلين قد لجأوا لتناوله على هيئة حقن للعودة الشباب والحيوية.
“Seasonal depression – الاكتئاب الموسمي أو اكتئاب الفصول”
وهذا النوع من الاكتئاب يلازم حالة من الضيق في بداية الفصول، وخصوصا فصلي الخريف والشتاء، حيث يصاب الإنسان بحزن عميق منذ بداية سقوط أوراق الشجر وحتى تختنق السماء بالغيوم، فتختفي شمس النهار وينخفض ضوؤها ويحل الاختناق، والعلاج هنا يركز على فكرة الضوء، وهو عبارة عن رفع إضاءات البيت بإنارات خاصة تعطي إحساس قوي بضوء النهار المشمس، وهو ما يسمى بـ”Phototherapy”.
وعلى الإنسان ألا يستسلم لهذه الحالة وأن يساعد نفسه، ويخلق الحماس للاستمتاع بالطبيعة والخروج إليها.
الاكتئاب لم يعد شيئا نادرا نسمع عنه أو نقرأ حوادث ضحاياه في الجريدة، لكن هو ضيف دائم في عالم المادة والسرعة والإنهاك من أجل لقمة العيش، فليكفينا الله شر وطأته.