العنف المدرسي: كيف تحمي طفلك من بيئة العنف الأولى

2567

ماذا يتعلم طفلك في المدرسة؟

ألف إقصاء، باء بكاء، تاء تنمر، خاء خوف أول يوم مدرسة.. خوف مستمر، قد تبدو الإجابات صادمة، خصوصًا إن كانت هذه تجربتك الأولى في إرسال طفلك إلى المدرسة جاءت هذه الإجابات ضمن حملة أطلقتها يونسيف مصر في حملة مناهضة العنف المدرسي.

وفقًا للتقرير الذي أصدرته منظة اليونسيف، فإن ملايين التلاميذ في شتى أنحاء العالم يعتبرون أن بيئة المدرسة مكانًا غير آمن للدراسة والنمو، فعلى الصعيد العالمي يوجد نحو واحد من بين كل ثلاثة طلاب، تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عامًا يُعتدى عليهم داخل معارك بدنية، و50% من الفتيات والفتيان في 25 دولة تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عامًا تعرضوا لهجوم جسدي من قبل طلاب آخرين، على الأقل في العام الماضى.

في البداية ما هو العنف المدرسي؟

عرفت جمعية البحوث التعليمية الأمريكية (AERA) العنف المدرسي على أنه مجموعة من السلوكيات المتعمدة التي تهدف إلى إيذاء الآخرين، وأشارت إلى أن التنمر هو “جزء من ظاهرة العنف الأكبر في المدارس”.

ما الذي يجعل طفل يذهب إلى مدرسته بغرض الإضرار بأطفال آخرين؟

الأسرة

الأسرة هي المحيط الاجتماعي الأول للطفل، الذي يتشكل فيه وعيه، وفيه يكتسب مهاراته الأولى. في مقال بعنوان “أسباب العنف المدرسي” نشر على موقع www.crf-usa.org الأمريكي، أشار المؤلف إلى أن الآباء هم الأشخاص الذين يبنون ويشكلون الجزء الأكبر من صفات أطفالهم، فالأسر التي تعتمد الأساليب العنيفة لحل مشكلاتها ومواجهة مواقفها الحياتية اليومية، تورث أبناءها نفس الطريقة في التعامل، كما أنها تعتبر بيئات مسيئة تحد من قدرة الأطفال على اكتساب مهارات الاتصال، بالإضافة إلى تدني احترامهم لذواتهم وللآخرين.

المدرسة: زملاؤه – معلمه

زملاؤه

تلعب المدارس أو البيئات التعليمية عمومًا دورًا حاسمًا في تشكيل وعي الأطفال، في مرحلة الطفولة المبكرة ومرحلة المراهقة، فالفترة الزمنية التي يقضيها الأطفال في المدرسة كل يوم تعتبر فترة طويلة نسبيًا، يكتسبون منها الكثير، خصوصًا في مرحلة الطفولة المبكرة، حيث يقلد الطفل دون وعي، لذلك سوف يدرس ويتصرف بشكل جيد إذا كان زملاؤه في الصف يتصرفون بشكل لائق، وسيشارك في أنشطتهم السيئة إذا كانوا يتصرفون بعدوانية أو بشكل غير لائق.

معلمه

يعتبر معلمو المدرسة من أكثر الأشخاص تأثيرًا في حياة الطفل، خصوصًا في المراحل التعليمية الأولى. حسن أو سوء تصرف المعلم مع سلوكيات الأطفال الإيجابية والسلبية على حد سواء قد يؤثر بشكل كبير في وعي الطفل على مدى سنوات عمره القادمة، خصوصًا إذا كان المعلم غير قادر على تعديل سلوكيات الطفل غير اللائقة، بشكل مهني وتربوي، فكلمة واحدة من معلم طفلك قد تشكل صورته الذهنية عن نفسه لسنوات.

الإنترنت

تعد إساءة استخدام الإنترنت أحد أهم الأسباب التي تؤثر في تشكيل سلوكيات ووعي الأطفال. يحدث ذلك بسبب الغياب التام لرقابة الأهل على المحتوى الذي يشاهده الطفل، وتوفر أجهزة الموبايل والتابلت وسهولة تصفح الطفل للإنترنت دون تحديد ساعات ومحتوى محدد، وانجذاب الأطفال للألعاب التي تميل إلى الحركة، والتي تحتوى على الكثير من مشاهد العنف والقتال.

العواقب التي يسببها العنف المدرسي مخيفة

لا يستطيع معظم الأطفال التعبير عن مشاعرهم بشكل مباشر، أو الإفصاح عن مخاوفهم أو حتى صياغتها في جمل أو كلمات، إلا أن هناك بعض العلامات التي قد تكون مؤشرًا بأن هناك أمرًا ما غير طبيعي يمر به طفلك، كاضطرابات النوم والأرق، تغير عادات الأكل (فقدان الشهية أو الإفراط في الطعام)، حالات التهيج والعصبية، قلة تركيز، الخوف المرضي من الذهاب إلى المدرسة، بالإضافة إلى الخوف من الانفصال عن الأم أو أي شخص يمثل له مصدر أمان.

كيفية حماية طفلك من العنف المدرسي

طمأنة الأطفال بأنهم آمنون

يجب أن تهيئ طفلك نفسيًا قبل أن يذهب إلى المدرسة، أخبره ما هي المدرسة، ولماذا يجب أن يلتحق بها. أخبره أنها مكان آمن وهناك سيجد أطفالاً في مثل سنه. تقبل مشاعر خوفه الأولى من المدرسة. ساعده على التعبير عن مشاعره فلا تعنفه أو توبخه أو تتهمه بالدلع، حتى يستطيع أن يخبرك عما يدور بداخله.

اجعل أسئلتهم دليلك

اجعل أسئلتهم دليلك، لتعرف ما يدور بداخلهم. لن يحدث ذلك إلا إذا خصصت وقتًا للتحدث معهم يوميًا. لذلك كن صبورًا، فالأطفال والمراهقون لا يتحدثون دائمًا عن مشاعرهم بسهولة.

نحن دائمًا حولك

ساعد طفلك في تحديد شخص يثق به في المدرسة، يلجأ إليه إذا شعر بالتهديد أو الخطر.

راقب طفلك

بعض الأطفال قد لا يعبرون عن مخاوفهم لفظيًا، لذلك يجب على الآباء ملاحظة التغييرات التي تطرأ على سلوك الطفل: شهيته، نومه، مستوى قلقه، ردود أفعاله التي قد تكون عنيفة أو عدوانية.

اطلب المساعدة

في حاله عدم قدرتك على دعم طفلك نفسيًا ومعرفة ما يخفيه أو يقلقه، لا تتردد بشأن طلب المساعدة من الأخصائيين النفسيين بالمدرسة.

راقب كلامك

يمكن أن تتسبب المعلومات غير الملائمة للمرحلة العمرية التي يعيشها الطفل في حدوث قلق وارتباك، خصوصًا عند الأطفال الصغار، لذلك يجب على الآباء أن يكونوا على دراية بمحتوى المحادثات التي يجرونها مع بعضهم بعض أمام الأطفال والمراهقين، والتوقف عن التحدث عن مشكلاتهم الخاصة أمامهم، بالإضافة إلى عدم انتقادهم أو توجيه تعليقات غاضبة على سلوكياتهم قد يساء فهمها من قبلهم.

ماذا عن المدرسة؟

يجب على المدارس أن تعيد صياغة مهمتها، فلم يعد من المنطقي التركيز فقط على تعليم الأطفال الجوانب الأكاديمية، وتجاهل الاحتياجات العاطفية والاجتماعية والنفسية لهم. يجب أن يتعلم الأطفال مهارات التعبير عن مشاعرهم بشكل إيجابي جنبًا إلى جنب بجوار تعلم الحروف والأرقام.

أخصائيي الصحة النفسية

من الضروري توفير متخصصين في الصحة النفسية، لتقديم الدعم وتحديد الأطفال المعرضين للإيذاء والأطفال أصحاب السلوكيات العنيفة، ومحاولة دعم كلا الفريقين، بالإضافة إلى تدريب وتثقيف المعلمين والأطفال حول كيفية التعامل مع العنف.

التواصل مع الأهل

التواصل مع أولياء الأمور وتثقيفهم حول كيفية التعامل مع أطفالهم، سواء إن كانوا ضحايا للعنف أو أطفال أصحاب سلوك عنيف، أمر ضروري كجزء من عملية التقييم والعلاج.

دوائر آمنة

يجب أن توفر المدرسة دوائر آمنة للأطفال، تساعدهم في التعبير عن مشاعرهم، والإبلاغ عن أي إساءة يتعرضون لها دون الخوف من العقاب.

لا تتركوا الطفل وحيدًا

يجب أن تكون هناك سياسات واضحة للتعامل مع الأطفال المتنمرين، ومحاولة فهم لماذا يتصرفون بهذه الطريقة العدائية مع زملائهم، يجب أن تُنحي المدرسة العقاب جانبًا، وتحاول أن تكتشف الأسباب وراء هذا السلوك، وتُعدله بمساعدة الأهل، كما يجب دعم الطفل الضحية ومساعدته.

يجب علينا كقائمين على رعاية الأطفال سواء في المدرسة أو المنزل أن نعتز بأطفالنا ونحترمهم، وأن نبحث باستمرار عن طرق أكثر إيجابية للتواصل معهم، ولا نتجاهل مشاعرهم لمجرد أنهم صغار، معتقدين خطأً أنهم لا يتأثرون، فالكلمة القاسية التي يطلقها الكبار دون وعي لا تجعل الطفل مسيئًا لنفسه ولغيره فقط، ولكنها قد تشكل وعيه عن ذاته مدى الحياة.

المقالة السابقةماذا بعد رحيل الاحباب! كيف شكلتني تجارب الفقد والرحيل؟
المقالة القادمةموت أمي وزواج أبي
صحفية وكاتبة مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا