ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟

968

بعد استفاقتي من التخدير، رأيت طفلتي الرضيعة التي انتظرتها بفارغ الصبر، ضممتها وشعرت أنني أمتلك العالم بين ذراعي، ولكن فور عودتي للمنزل بعد يومين، كان هناك ضيف ثقيل الحضور ينتظرني. عرفته فور أن رأيته وشعرت به.. بحكم عملي، إنه اكتئاب ما بعد الولادة، طالما تحدثت عنه وكنت أحسب أنني بالخبرة الكافية كي لا يزورني، ولكنه رغم كل شيء جاء. زارتني كآبة ما بعد الولادة، التي حسبتها في البدء اكتئاب.

ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟

تقول الدراسات الحديثة إن أكثر من 80% من الأمهات يعانين مما يسمي بالـBaby Blues ، أو كآبة وحزن ما بعد الولادة، التي ربما تقتصر على عدة أيام فقط ثم تنتهي، لتعود الأم لحالتها الطبيعية أو تتحول لاكتئاب ما بعد الولادة. ويحدث ذلك لأكثر من 10% من الأمهات، ويستمر شهور وربما سنوات إذا لم تحصل الأم على الدعم والعلاج المناسبين، وفي بعض الأحيان يتحول إلى اكتئاب حاد ومزمن إذا استمر طويلاً جدًا.

في تجربتي الشخصية، علمت لاحقًا أن الأمر لم يتخط مرحلة الـBaby Blues للاكتئاب المزمن بفضل الله، ساعدني في ذلك الدعم، النفسي من المحيطين، ومعرفتي بالأعراض التي هاجمتني، ورغبتي في التخلص منها، والأهم في طلب العلاج والدعم، لأنني أعرف ما بي. وفي رأيي هذه أول خطوة في علاج كآبة ما بعد الولادة، أو حتى اكتئاب ما بعد الولادة.. أن تعي ما تمرين به فتطلبين الدعم المناسب.

ما الفرق بين اكتئاب ما بعد الولادة والـBaby Blues أو كآبة ما بعد الولادة؟

يساعدك معرفة الفرق بين الإصابة بالكآبة أو اكتئاب ما بعد الولادة في كيفية العلاج وطلب الدعم.. عندما لا يوجد وعي كافٍ بما يسمي اكتئاب ما بعد الولادة أو حتى تحضير الأمهات نفسيًا بدءًا من مرحلة الحمل، تقع الأم الجديدة في فخ الكآبة وتغير الهرمونات، وتبدأ أعراض “البيبي بلوز” وحين يتجاهلها المحيطون وينكرون عليها هذا الشعور مع زيادة التعليقات السلبية، تتحول الكآبة لاكتئاب حاد في أكثر الحالات، وتستدعي علاجًا طبيًا طويل المدى. لذلك فوعيك بمشاعرِك يقيكِ كل ما سبق بنسبة كبيرة.

  • البلوز أو كآبة ما بعد الولادة: هي حالة مؤقتة من الحزن تنتاب 80% من الأمهات بعد يومين إلى 10 أيام من الولادة، بسبب التغير الحاد في الهرمونات الذي يؤثر على الحالة النفسية والمزاجية بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى متاعب الطفل الرضيع والعناية به.
  • المفترض أن تختفي هذه الحالة عادة بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من الولادة، لتعود الأم تدريجيًا لطبيعتها. في هذه المرحلة لا تحتاج الأم إلى علاج طبي متمثل في العقاقير، بل تحتاج إلى دعم نفسي من الزوج والأسرة، مع المداومة على تناول الفيتامينات والأطعمةالمغذية والراحة قدر الإمكان.

من أعراض كآبة ما بعد الولادة:
– الرغبة في البكاء دون سبب على فترات من اليوم.
– الشعور بالقلق والخوف الدائم على الطفل.
– الخوف من المسؤولية.
– تقلبات المزاج الحادة والعصبية والتوتر.
– تضارب المشاعر بين الضيق والفرح بالرضيع.
– نقصان الشهية وفقدان القدرة على النوم العميق، وكثرة التفكير في حياتك قبل وجود الطفل.

بينما أعراض اكتئاب ما بعد الولادة تكون:

يُعد اكتئاب ما بعد الولادة استمرارًا لحالة الكآبة والحزن، ولكن مع تفاقم الأعراض وتطورها للأسوأ، نتيجة ضغوط نفسية وعائلية
وصحية، وتستمر هذه الحالة لشهور طويلة ربما تصل لسنة أو عدة سنوات، إذا لم يُنتَبه لها ولعلاجها طبيًا ونفسيًا.

فتبدأ تتطور أعراض الكآبة لتتحول لاكتئاب كما يلي:
– البكاء الهستيري المستمر والمتصل طوال الوقت.
– الإحساس بالذنب والقلق ولوم النفس دائمًا، وبأنكِ لا تستحقين هذا الطفل.
– سرعة الغضب والانفعال على أبسط الأشياء.
– العجز عن تلبية احتياجات طفلك الرضيع والرغبة في النوم، كما تزور الأم هواجس مرضية في إيذاء الطفل وإيذاء نفسها.
– الإحساس بأن ذلك الطفل غريب عنكِ.
– رفض العلاقة الحميمة والشعور بالدونية تجاه جسدك.
– نقصان الوزن أو زيادة الوزن الملحوظ، يصاحبه فقدان للشهية أو زيادة مرضية.

– اضطرابات الذاكرة وعدم القدرة على مواصلة العمل.

متى يأتي اكتئاب ما بعد الولادة؟

تزداد نسبة حدوث اكتئاب ما بعد الولادة لدى الأمهات اللاتي أصبن باكتئاب الحمل، أو فقدن أمهاتهن في مرحلة مبكرة، أو إذا كن مغتربات أو بعيدات عن الأهل أو الزوج أو العائلة لأي سبب، أو إذا كانت ولادتهن صعبة والمولود يحتاج إلى عناية صحية، إذا كان هناك تاريخ مرضي في الإصابة بالاكتئاب بشكل عام.

عادة يأتي اكتئاب ما بعد الولادة بعد أيام أو أسابيع قليلة من الولادة سواء كانت قيصرية أو طبيعية.

طرق علاج اكتئاب ما بعد الولادة

التغلب على اكتئاب ما بعد الولادة ليس مستحيلاً، فطرق العلاج يمكنكِ بدأها بالخطوات الآتية؛

  1. تحدثي عن مشاعرك بوضوح وتجاهلي العبارات السلبية. اطلبي الدعم والمساعدة لأنهما أول طريق العلاج.
    تناولي العقاقير الطبية في المواعيد المحددة وتحت إشراف الطبيب دون ملل. معظمها يناسب الرضاعة الطبيعية فلا تقلقي.
  2. تجنبي الشعور بالذنب وجلد الذات. احصلي على قسط من الراحة كلما استطعتِ، ورددي لنفسك دائمًا هذا الوضع المرهق لن يستمر للأبد.
  3. اقرئي عن مرحلة ما بعد الولادة كثيرًا، عن تغيراتك الجسدية والنفسية ومسؤوليات المولود الجديد. المعرفة بما ينتظرك يقيكِ اكتئاب المفاجأة.
  4. اخرجي، احصلي على الدعم من الأصدقاء والأهل، اشتري لنفسك شيئًا جديدًا تحبينه.
  5. رضَّعي طفلك واحصلي على الدعم لتقومي بذلك بشكل صحيح دون مشكلات تزيد من اكتئابك. تقول بعض الدراسات الحديثة إن الرضاعة الطبيعية تسرع من التعافي من كآبة ما بعد الولادة، بسبب هرمونات الرضاعة التي تحسن من حالتك المزجية وتجعل جسدك في حالة استرخاء وتناغم.
  6. العديد من الأمهات اللاتي مررن باكتئاب ما بعد الولادة، لا يعيشن هذا الاكتئاب عند الحمل والولادة مرّة أخرى، لأن بالفعل أصبح لديهن خطة لمواجهة شبح الاكتئاب وما يسبقه من كآبة.

عزيزتي الأم الجديدة أو المقبلة على الأمومة.. أريد أن أهمس لكِ بجملة صغيرة اكتئاب ما بعد الولادة جبان.. أنتِ أقوى، هذه الحقيقة ستدركينها في نهاية مرحلة اكتئابك قريبًا.. ثقي أن كل من مررن من ذلك النفق المظلم، عدن أقوى مما كن.

مصادر:
1

2

تعرفي أكثر على كل ما يتعلق بالدعم النفسي عبر موقع نون من هنا.

المقالة السابقةسيدة البطاطا انتحرت
المقالة القادمةحبيبي.. كيف هو عالمك الجديد؟
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا