6 نصائح لتدريب طفلك على التعلم من الأخطاء

1698

هل تنزعجين عند رؤية أطفالكِ يُخطئون؟ رُبما عليكِ أن تكفي عن هذا الانزعاج، الخطأ هو بوابة التعلم، كما أن التعلم من الأخطاء من الأشياء الهامة واللازمة لنمو طفلك. لستِ بحاجة إلى أن يكون طفلك مثاليًا لا يُخطئ في أي شيء، هذا لن يحدث أبدًا، وفضلًا عن كونه لن يحدث فهذا ضغط نفسي كبير على الطفل الذي سيخطئ حتمًا، هنا يكون دور الوالدين، ألا يقفا موقف حاكم قاسٍ تجاه أطفالهما، بل عليهما أن يُصالحاهم على أخطائهم، ويُعلمانهم أنه لا بأس أبدًا من الخطأ ما دمنا تعلمنا منه درسًا جديدًا، إليكِ السطور التالية إذا كُنت ترغبين في تعليم أطفالكِ كيفية التعلم من أخطائهم والاستفادة منها.

لماذا من المهم التعلم من الأخطاء؟

سواء على مستوى الواجبات المنزلية أو العلاقات الاجتماعية، يتم إثراء التعلم من خلال الخطأ. التعلم من الأخطاء يُحفزنا على تجربة أساليب جديدة ومبتكرة لحل المشكلات، وهو الطريق لتنمية الحكمة والقدرة على الحكم الصائب، ليس فقط خلال فترة الطفولة ولكن طوال العمر. في مقال نُشر بمجلة Scientific American بعنوان Getting it wrong، هناك نصائح حول كيفية التعلم، وقد أثبتت الأبحاث أن وجود المزيد من الاختبارات الصعبة التي تجبر الأطفال على ارتكاب الأخطاء هو أمر داعم لعملية التعلم، وهو ما يتعارض مع العملية التعليمية القديمة والتقليدية التي لا تُشجع على ارتكاب الأخطاء، والتي كانت تعتقد أنه إذا سُمح للطلاب بارتكاب الأخطاء، فلن يتعلموا المعلومات الصحيحة. وهذا المُعتقد هو ما أثبتت الأبحاث الحديثة أنه افتراض غير صحيح.

وجد البحث الذي أجراه نيت كورنيل وماثيو هايز وروبرت بيورك في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، أن التعلم من الأخطاء يعزز التعلم ولا ينتقص منه، وتوصلّوا إلى أن الناس يتذكرون الأشياء بشكل أفضل، إذا خضعوا لاختبارات صعبة للغاية على المادة وفشلوا فيها، فإذا قام الطلاب بمحاولات فاشلة للإجابة قبل تلقي المعلومة الصحيحة، فإنهم بهذه الطريقة يتذكرون المعلومات بشكل أفضل من حالة التلقين التقليدية في التعليم.

كذلك فإن تصالح الطفل مع خطئه يجعله يتصالح مع فكرة أن الجميع يُخطئون، فجزء كبير من الصدمات النفسية التي قد تنتاب طفلك عند التعامل مع الحياة، يكمن سببها في الانزعاج الشديد من أخطاء الآخرين، هذا يحدث بسبب كونه لا يسمح لنفسه بالخطأ، وإذا حدث وأخطأ، سيجلد ذاته بتأنيب ضمير قاسٍ، أو سيهرب من الموقف ولن يعترف بخطئه حتى ولو لنفسه. تصالح الطفل مع خطئه يخلق لديه مهارة اجتماعية هامة، وهي تقبّل فكرة أن الجميع يُخطئون وأنه لا داعي للحكم بشكل سلبي على أحد، لأن باب الحياة يظل مفتوحًا للاعتراف بالخطأ ومُحاولة إصلاحه.

اقرأ أيضًا: نصائح هامة في تربية الأبناء للوالدين لتربية صحية وصحيحة

كيف تساعد طفلك على التعلم من الخطأ؟

هناك بعض الطرق التي تُمكنك من مساعدة الأطفال والمراهقين على التعلم من الأخطاء، ومنها:

اسمح لطفلك أن يُخطئ

شدّة الانزعاج التي تُسببه فكرة الخطأ في نفوس بعض الآباء، تجعلهم لا يسمحون لأبنائهم بارتكاب الخطأ من الأساس، هذا الانزعاج قد يولد طفلًا متوترًا وخائفًا طوال الوقت من أن يفعل أي شيء أو يُجرب شيئًا، فهو يعرف أن الفعل قد يؤدي إلى الخطأ، والخطأ هو أمر غير مسموح به، فهذا يدفعه إلى الإحجام عن الفعل من الأساس، وكيف يمكن أن يتعلم طفل يخاف أن يفعل أو يُجرب شيئًا؟ رُبما قاده هذا إلى أن يُصبح شخصًا اعتماديًا، ينتظر أن يفعل له المحيطون كل شيء، لأنه ليس لديه ثقة بمقدرته على فعل شيء بشكل صحيح، وحتى لا يحدث ذلك عليك ألا تنقذ طفلك من أخطائه وأن تسمح له بأن يُخطئ.

حفزهم للتعلم من الأخطاء وامدح مجهودهم

أظهرت دراسة أجرتها كارول دويك، الأستاذة بجامعة ستانفورد، أهمية تحفيز الأطفال بشكل صحيح للتعلم من الأخطاء. يُظهر بحثها أن مدح الأطفال لذكائهم يمكن ألا يُحفزهم على الاستمرار في العمل بجدّية، بل يجعلهم فريسة سهلة للإحباط واليأس عند وقوع خطأ ما، فقد تابعت هي وزملاؤها مئات الأطفال في الصف الخامس في مدارس مدينة نيويورك، تم الثناء على مجموعة واحدة لذكائها، بينما تم الثناء على المجموعة الأخرى لجهودها.

عندما واجه طلاب الصف الخامس تحديًا صعبًا للغاية مصممًا لطلاب الصف الثامن، حدثت نتيجة مُفاجئة. الطلاب الذين تم الإشادة بجهودهم عملوا بجد، على الرغم من أنهم ارتكبوا الكثير من الأخطاء. الأطفال الذين تم الإشادة بهم لكونهم أذكياء أصبحوا محبطين ورأوا أخطائهم علامة على الفشل.

أعد تعريف الفشل

ما هو مفهوم طفلك عن الفشل؟ هل يعتبر أن الخطأ هو شكل من أشكال الفشل؟ إذا كان الأمر كذلك، فلديك هنا دور لإعادة تعريف المفاهيم، الخطأ ليس فشلًا، هو فقط باب جديد وفرصة سانحة للتعلم وفعل الأمور بشكل مُختلف، هكذا عليك أن توضح لطفلك. وفي سبيل القيام بذلك بشكل عملي، عليك ألا توبخ طفلك عندما يرتكب خطأ ما، يُمكنك بدلًا من ذلك أن تُجري نقاشًا معه بشأن سبب الخطأ، وكيف يمكنه تجنب حدوث خطأ مماثل في المستقبل، هذا سيُقدّم لطفلك رسالة بالغة الأهمية، وهي أن أي خطأ تقريبًا يمكن إصلاحه، طالما واجهه ولم يهرب منه وبحث عن سببه وطرق علاجه، وهذا من شأنه أن يزرع داخله الثقة عند اتخاذ القرارات المستقبلية.

دعهم يعرفون أن حبك غير مشروط

لا تدع طفلك يعتقد أنك تحبه لأنه مثالي، أو لأنه ناجح في دراسته أو لكونه بطلًا رياضيًا، عرّف طفلك أنك تُحبه في كل الحالات سواء أصاب أو أخطأ، هذه المحبة غير المشروطة ستجعل الطفل واثقًا بنفسه وقادرًا على مواجهة الخطأ والاعتراف به، لن يُنكر طفلك أنه أخطأ لأنه يخشى ردّة فعلك، بل ستُساعده محبتك على التعلم من أخطائه، لن يستنفد طاقته في التخلص من خزي الخطأ، ولكنه سيستغلها في فهم سبب الخطأ وطريقة إصلاحه.

اقرأ أيضًا: الحب عند الأطفال واللغات التي يستخدمها في التعبير عن حبه

علّم طفلك كيفية التعامل مع الإحباط

يمكن أن يكون الإحباط الناتج عن الخطأ هو أصعب جانب من جوانب الأخطاء لدى الأطفال، وأكثر اختبار للصبر بالنسبة للآباء، لأنه بغض النظر عن مقدار تصالحنا مع الأخطاء، فإنها لا تزال أمورًا غير سارة، خصوصًا عندما يتكرر الخطأ ذاته مرات عديدة. بلا شك أن الأخطاء لا مفر منها، لذلك نحن بحاجة إلى تعليم أطفالنا كيفية التعامل مع الإحباط الناتج عن ذلك، ومن طرق هذا:

  • طلب المساعدة عندما يكون هناك شيء صعب، أخبر طفلك أن السؤال لا يعني أنه فشل أو غير كفء، خصوصًا أن بعض المهام يمكن أن تتجاوز قدرته الحالية.
  • أخذ استراحة، فيمكن أن تكون الراحة السريعة لمدة دقيقة واحدة هي كل ما يحتاجه طفلك لجمع أفكاره وإعادة التركيز ورؤية الأمر بطريقة مختلفة، سيصبح أيضًا بعد الراحة أكثر صبرًا وهدوءًا مما يساعده على المحاولة مرة أخرى.

امدح طفلك عند اعترافه بالأخطاء أو تصحيحها

الاعتراف بأخطائنا صعب، فعندما تلاحظ أن طفلك اعترف بخطئه، امتدحه، بل واشكره على فعل ذلك. هذا لن يُشجعه على سوء التصرف، بل سيُعلمه أن قول الحقيقة كان صحيحًا، حتى لو كان الفعل ذاته خاطئًا، كذلك يجب امتداحه إذا أصلح ما أخطأ فيه، سيُزيد هذا من ثقته بنفسه وقدراته.

اقرأ أيضًا: الخوف عند الأطفال: الأسباب والعلاج

المقالة السابقةرحلتك للنور: عن الوعي والتجربة والوصول
المقالة القادمةأنا ضفدع: عن الحدود والحرية وأشياء أخرى
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا