بحبه يا بابا

1246

 

ابراهيم عادل

 

المفروض إن الجمال والحب شيء جميل ومحبوب (بقول حكم أنا والله).
المفروض يعني إننا لما بنتعرف على الحياة من بدري بنعرف إن الأشياء الحلوة حلوة.. (مش بقولكم حِكم).

نبدأ بطريقة تانية:

من كام يوم سألت ريم بنتي، بتحبي مين يا حبيبتي؟ قالتلي -بكل بساطة وتلقائية- ياسر (ابن أختي).

على بالي السؤال ده ممكن يبقى شكله عامل إزاي والإجابة عليه هتكون عاملة إزاي كمان.. 10 سنين، أو 20 سنة.

بنته بتحب واحد زميلها يا سيدي وعاوزة تتجوزه.. بنات آخر زمن!

صديقتي تحكي لي عن حبيبها الذي رفضه أبوها، فأطمئنها بأنها مشكلة عامة، وإن (كلهم بيعملوا كده ف الأول)!

 

الجديد بقى صديقي الذي أخبرني أن أهله رافضين تمامًا زواجه من البنت التي أحبها والتي كانوا يعلمون أنه يحبها لمدة طويلة، وأنهم كانوا يعتقدون أن هذا الحب سينتهي قريبًا وإن (الحب حاجة والجواز حاجة تانية).

 

يمكننا أن نتحدث عن هذا الموضوع بجدية تامة، ويمكننا أن نخلط فيه الجد بالهزل ليأتي كلامنا خفيفًا، ولكن ما أنا على يقين منه أن الموضوع حيوي وهام جدًا.

 

تقريبًا لا يخلو بيت من بنت تحب!

لنقل بنت محترمة تحب، لأنه يبدو أن البعض يقرن الحب بعدم الاحترام، فبنات الناس المحترمين لا يحبون (مثلًا).

وإنما يشاهدون الحب في الأفلام والمسلسلات، ويقترن عندهم بالعيب والحرام.
هذا عند المجتمعات المحترمة، التي نصفها بـ”التقليدية” مثلًا!

 

فماذا يحدث عند المجتمعات الأخرى؟

تلك المجتمعات الني نحلم بها.

 

تلك المجتمعات التي تؤمن بأن الحب مش عيب ولا حرام، وأن كل ما نخاف منه هو الخطأ، رغم أن التعلم والمعرفة لا تأتي إلا من خلال التجربة.

 

ثم كيف يمكن التعامل وسط مجتمعٍ يؤمن تمامًا أن الحب عيب وحرام، إذا كنت أنت واحد داخل هذا المجتمع؟!

 

“أترضاه لأختك؟!”.

بين مطرقة الخوف من الخطأ وسندان ضغط المجتمع، وما يقوله ويبثه طوال الوقت.

بين الانفتاح والقنوات والأفلام والفيسبوك والكتب والروايات،

وما يسمونه بالعادات والتقاليد والصح والغلط.. يقف الأب حائرًا.

 

“لا تؤدبوا أولادكم بآدابكم، فإنهم خلقوا لغير زمانكم”.

 

كيف نؤدبهم إذن؟!

..

هل يعتبر الحب شيء جميل وحلو وينبغي أن نعلمه لأنفسنا وأولادنا، حتى إذا ما كبروا واستخدموا حقهم في الحب أصبح عيبًا، وحرامًا وأصبحنا أوصياءً عليهم فيمن يختارونه؟!

هل يمكن أن نطمئن تمامًا لاختياراتهم، ونثق فيهم إلى النهاية؟!

بما أننا نعلم يقينًا أنه لا ضمانات في هذه الحياة، هل يمكن أن نعلمهم الحب ونتركهم؟!

ألن نخاف عليهم فعلًا من التجربة؟!

 

في اعتقادي أن الحل الأنسب لهذا كله ليس الكذب على أنفسنا وعلى أولادنا، أو السير وراء مقولات نحن غير مؤمنين بها أصلًا، وإنما الحل أن نعترف بالحب، ونفسح له مساحة كافية في علاقتنا بأولادنا، حتى يقتربوا منَّا أكثر، فيصارحونا بمشاعرهم منذ بدايتها، وندرك طبيعة تلك المشاعر، ونتفهمها ونلمسها كما كنَّا نود أن نعبّر عنها لو كنَّا في مكانهم، حتى إذا ما خاضوا التجربة فرحوا بها وفرحنا، وإذا أخطؤوا عادوا إلينا واستطعنا أن نلم ألمهم، ونقومهم مرة أخرى، مؤمنين بأن الحب أساس قامت عليه الدنيا، وأن الخطأ والعيب والحرام كله في افتقادنا لهذا الحب وبعدنا عنه، أو الاختباء والتستر بعادات المجتمع وتقاليده البالية.

ويبقى دومًا أنه لا نصيحة في الحب.. لكنها التجربة.

 

الحب بين العادات والتقاليد، تقبل الأب لحب بنته، الجمال والحب أساس الدنيا

المقالة السابقةقالوا عن المرأة: دولا مجانين
المقالة القادمةجواز الصالونات الإلكتروني
نون
كاتبات

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا