التقديم للمدارس.. موتة ولا أكتر؟!

618

ياسمي

هَلَّ موسم التقديم بالمدارس، والأمهات اتجننت.. نعم موسم التقديم بالمدارس للعام القادم 2016-2017، حيث تُفتَح أبواب التقديم بدايةً من نوفمبر وحتى يونيو على أقصى تقدير، يختلف الأمر من مدرسة لأخرى وفقًا لنظامها الخاص. ويُعد اكتشافي لتلك الحقيقة أحد اكتشافات الأمومة التي لم تكن على البال ولا الخاطر (الاكتشافات لا الأمومة). 

 

بالسُم أم بالقتال؟

هذا السؤال هو خُلاصة ما وصلت إليه إثر السقوط المُتكرر بدوامة المدارس وسنينها، ويقيني بأنها “موتة ولا أكتر؟!” فمنذ أن أصبحت أُمًا وأنا كُل عام بدايةً من نوفمبر أبدأ في مُتابعة الجروبات المَعنية بالمدارس على صفحات الفيسبوك، أحضر النقاشات، بل وقد أقوم بطرح بعض الأسئلة حتى ولو لم أكن سأقوم بالتقديم في الوقت الحالي من أصله، ثم في النهاية أقوم بعمل قائمة بالمدارس التي أراها ستُناسب ابنتي عندما يحين الوقت.

 

أفعل ذلك منذ أن وُلدت ابنتي، ثلاث سنوات مُتتالية أخوض فيها نفس المعركة التي أتعجّلها، قبل أن أصل لنتيجة مُفاداها “هو كله ضرب ضرب؟ مفيش شتيمة؟!” بينما لا تُومض بعقلي سوى فكرة واحدة تَنُص على أن:

 

لا شيء في الأمومة سهل، ولا سؤال واحد إجابته واضحةً وضوح الشمس دون الحاجة للتردد أو الاستشارة، والبحث المُستميت قبل الاختيار الذي غالبًا ما يكون في النهاية “سمك في مية.. ويا صابت يا اتنين عور”.

 

على أي حال.. ابنتي ستُكمل ثلاث سنوات بإذن الله الشهر القادم، ما سيجعلها أول أكتوبر 3 سنوات و9 أشهر تقريبًا، وهنا تتولد مجموعة من الأسئلة المُحيرة، والتي تبدو من الخارج بسيطة لكنها وقت الجَد مُعقدة جدًا.. على سبيل المثال:

 

1- هل نقوم بالتقديم لطفلتنا الآن وهي في سن صغيرة، ونظل طوال عُمرنا ننحت في الصخر، أم نؤجل عامًا ونرتاح جميعًا؟

 

2- إذا افترضنا أنها ستدخل المدرسة كبيرة هل نُدخلها “بري سكول” لحجز مكان للعام القادم، وضمان الهروب من هذا الـ”وَشّ” والقلق في الـ”كي جي”، أم تظل بالحضانة التي ستوفر لها المزيد من المُتعة والترفيه بجانب التعليم والاهتمام، مع شعورنا بالاطمئنان عليها، وقيامنا بدفع أيًا كان ما ندفعه بالتقسيط بالإضافة للمواعيد المرنة طول السنة؟

 

3- إذا كُنا سنُدخلها “كي جي” لأن سِن القبول بالمدارس التي اخترناها يؤهلها لذلك، فهل هي مُستعدة لـ”إنترفيو” الثانوية العامة الذي ستُقبل عليه أم لأ؟ بل هل نحن كوالديها أنفسهما مُستعدين لـ”إنترفيو” أولياء الأمور؟

 

الأسئلة السابقة ليست من وحي الخيال، وأي تشابه بينها وبين الواقع مقصود وحقيقي، ولكن دعونا نقوم بالتركيز أكتر على آخر نُقطة، لأن كل ما سبقها يختلف باختلاف الحُكم الشخصي لكل ولي أمر، أما موضوع الـ”إنترفيو” فنخضع له جميعًا، وإن لم نكُن نهابه، فإنه بلا شك يستفزنا ويُثير الكثير من علامات التعجب والاستفهام.

 

ولمزيد من التوضيح، إليكم عينة عشوائية من المعلومات التي يسألون عنها الأطفال  في “الإنترفيو”.. الأطفال الذين من المُفترض أنهم لم يذهبوا لمدرسة بعد: 

ملحوظة: “إنترفيو” المدارس بالإنجليزي

– أسماء الفواكه والخضراوات.

– أسماء الحيوانات وأصواتها، وإذا ما كانوا يعيشون بالغابة أم بالمزرعة.

– ماذا تأكل الحيوانات؟ أو ما الذي تُعطيه لنا؟

– الألوان.

– الأشكال الهندسية.

– وسائل المواصلات.

– المِهن (من خلال عرض رسومات وعلى الطفل تسمية صاحبها).

– العَد من 1-10، أو 20 حسب المدرسة.

– التوصيل بين الحروف الأبجدية وصور أو كلمات تبدأ بنفس الحرف. (البعض يطلب التوصيل بين الحرف الـCapital ونفس الحرف الـsmall).

– التوصيل بين الرسومات والظل الخاص بها.

– معرفة الفرق بين بعض الصفات (طويل/قصير، تخين/رفيع، ساخن/بارد، كبير/صغير، أعلى/أسفل، سعيد/حزين… إلخ).

– التلوين داخل الرسومات.

– تركيب البازل.

– الاستجابة لبعض الأوامر مثل: افتح الباب، اقعد، أغلق النافذة، أحضر حقيبتك.

– إجابة بعض الأسئلة، منها: ما اسمك؟ كم عمرك؟ كيف حالك؟ هل أنت ولد أم بنت؟ ما اسم الحضانة الخاصة بك؟ ما اسم مُدرستك في الحضانة؟ ما اسم والدتك ووالدك؟

 

بالله عليكم كيف تُطالب المدارس أن يعرف الأطفال في سن ثلاث سنوات كل هذا وباللغتين العربية والإنجليزية؟! وإن قلنا إن أطفال هذا الجيل من تُتابعهم أمهاتهم أو يذهبون لحضانات بالشيء الفلاني يستطيعون بالفِعل إجابة تلك الأسئلة، فهل يُعقل أن تكون ما تبحث عنه المدرسة في الطالب هو قُدرته على الحفظ والترديد وليس عن مواهبه أو ما هو شغوف به؟ ما تسبب في أننا بدلاً من مُحاولة إبعاد الأطفال عن التلقين، وحشو رأسهم بالمعلومات أكبر قَدر ممكن، صرنا نفعل هذا بل منذ البدايات.

 

المدارس تبحث عن الأطفال التي ستُوفر عليها العناء، إذ أن كل الأسئلة السابقة هي نفسها منهج الـ”بري سكول” و”كي جي 1″ لذا فإن التحق الطفل بينما يعرف كل تلك المعلومات مُسبقًا، من ناحية ستضمن إدارة المدرسة رضاء أولياء الأمور ونسبة نجاح مُرتفعة، ومن أخرى توصيل المعلومة للطفل سيتم بأقل مجهود من المُعلمين، وهو فوز بالثُلُث.

 

هذا عن “إنترفيو” الأبناء، فماذا عن “إنترفيو” الأهل؟ 

“إنترفيو” الأهل يأتي هو الآخر في أغلب المدارس بالإنجليزية، أما عن مُحتواه، فصار له أسئلة معروفة إلى حدٍ كبير، والأهم إجابات نموذجية على الأهالي مُراجعتها قبل الذهاب وترديدها حتى ولو بالكذب من أجل كسب وِد إدارة المدرسة.

 

أسئلة من نوعية ما الذي تبحث عنه في مدرستنا؟ وما هي نوعية المشكلات التي لا تتمنى أن تواجهها؟ ما هي مميزات طفلك؟ كيف تُعاقبه؟ وكم من الوقت يقضيه أمام التلفاز يوميًا؟ وهناك كذلك أسئلة تتعلق بكيفية قضائكم للـ”ويك إند”، اسم النادي المُشتركون به، ومن الذي له الكلمة العُليا بتربية الأبناء الأب أم الأم؟ أما في حالة الأم العاملة فيتم سؤالها إذا ما تضاربت مصلحة طفلها مع عملها تُرى ما الذي ستفعله؟ ومن له الأولوية؟

 

وبعد المرور بكل ذلك، ودفع مبالغ وقدرها في استمارات التقديم لا تقل عن 200 جنيه وتصل في المدارس الدولية لآلاف، يظل الأهل يضعون أيديهم على قلوبهم ينتظرون قبول طفلهم بأي مدرسة من المدارس المُختلفة التي قاموا بالتقديم فيها.

لتتحول المدارس من مُنشآت تربوية وتعليمية إلى بيزنس، يَمتَص دم الأهالي، ويذهب ضحيته أجيال، ثم في النهاية ستجد من حولك يُخبرونك أن “كله محصل بعضه”، وأننا بعد كل هذا “الهَري” نحتل المركز 139 تعليميًا، من أصل 140 دولة.

المقالة السابقةالق نظرة من نافذة الطائرة، هذا هو شكل العالم من تلك النافذه
المقالة القادمةA Royal night out .. فلنغمض أعيننا قليلاً عن المسؤوليات
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا