ادعوا لهذه الأم.. فهي الآن في مصيف

751

ياسمي

 

 

الصيف قرب يخلص، وفي الأيام اللى باقية من الصيف لازم نصيّف، معروفة.. والمصيف ده زي ما كلنا عارفين المفروض أجازة، يعني هنتفسح، ونريّح دماغنا من الشغل والالتزامات بتاعة طول السنة، يعني هنستجم، ونغسل همومنا، ونرجع مُستعدين للغطس مرة تانية في دورة الحياة.

 

هذا ما وجدنا عليه آباءنا، وإحنا ناس مبتكسرش عاداتها وتقاليدها أبدًا، وبالتالي بيبقى السؤال اللي بتفكر فيه كل أسرة من أول ما بشاير الصيف تِهل هو: هنصيف فين السنة دي؟ الأمر بيختلف طبعًا من أسرة للتانية، حسب ظروفهم الاقتصادية، ومفهوم المصيف بالنسبالهم، وأكيد كمان فيما يخص الميعاد اللي هيسافروا فيه، لأن لكل مقام مقال، وكل مدينة ساحلية وليها وقت مُفضل بالنسبالها.

 

ولكن.. وحطوا خطين تلاتة، تحت “لكن” دي.. خلينا نتفق إن الزاوية اللي هتشوف منها المصيف هتختلف باختلاف الدور اللي بتلعبه في أسرتك، وبالتالي موقفك من السفرية كلها.

 

يعني مثلاً..

الأبناء (سواء ولاد أو بنات على اختلاف أعمارهم):

المصيف بالنسبالهم فُسحة، تغيير جو، تان، pocket money، نزول مية، أكل ع البحر، أو أكل عمومًا بمناسبة ومن غير مناسبة، لأن المصيف بيجَوَّع، لعب ع الرملة، ركوب عجل، تمشية مع القرايب أو الأصحاب لو مسافرين مع شلة، لعب كوتشينة، سهر ورغي للصبح، أكل بطيخ ومانجو وآيس كريم، دخول السينما، وشرا حاجات ملهاش لازمة لمجرد إننا في مصيف ولازم نعمل شوبينج.

 

الآباء:

أول حاجة بيفكر فيها أي أب لما تتفتح قدامه سيرة المصيف هي إنه محتاج فلوس، فلوس كتيرة، وممكن يفكر برضو في قَدر السواقة اللي هيسوقها لو المشوار طويل، غير كده هو برنس زمانه، رايح زيه زي الأولاد يتفسح ويغير جو، يبلبط شوية ميضرش، ويفرح هو والأسرة الكريمة، مهمته الأولى والأخيرة تتمثل في إنه بنك فلوس، وسواق عند اللزوم، وشكرًا.

 

الأمهات:

الأمهات دول في موال تاني، إلى اللا نهائية وما بعدها، مهمتهم بتبدأ من أول التفكير في المكان اللي يتناسب مع ميزانية الزوج الهُمام، يليه اصطياد الميعاد اللي يتماشى مع إن مفيش مدارس، ولا واجبات اجتماعية، ولا أنشطة ترفيهية مهمة زي بطولات في التمرين وخلافه، يُفضّل كمان الوقت ميكونش هاي سيزون أوي عشان متبقاش التكلفة مُضاعفة.

 

بعدها بتبدأ الأم تدور على الأوفرات الكويسة وشركات السياحة والرحلات المتاحة في المكان والزمان اللي اختارته، بتتصل بيهم وتظبط كل التفاصيل، عشان في الآخر تبلغ جوزها لأن هو اللي هيدفع مش أكتر، ده لو مكانتش بتشارك في ميزانية البيت وهتدفع معاه، أو هتدفع كله من معاها لأن جوزها مفلس، وهي نفسها تسفر الأولاد بعد كمكمة طول السنة.

 

قبل السفر بتبدأ الأم في تجهيز لوازم المصيف، مين ناقصه شورت، مين عايز مايوه جديد، الصن بلوك خلص ولا لسه، شبشب جديد لكل فرد في الأسرة، إيه محتاج يروح يتكوي، إيه يتنضف، شنطة السفر تطلع، مع عمايل ليستة باللي كل فرد هياخده معاه وتجهيزه من قبلها… إلخ. أما يوم السفر نفسه فلو السفر بالعربية هنلاقيها كمان بتجهز سندوتشات للرحلة مع تُرمُس الشاي والكولمان.

 

المصيف بقى بيكون فيه حاجة من الاتنين:

– يا العيلة حاجزة فى أوتيل، وسواء شامل الوجبات بالكامل أو لأ فده ع الأقل بيشيل من على الست هم ترويق المكان اللي بيتبهدل بعد نزولة كل بحر، أو فكرة إنها تعمل أكل -آه فيه ناس كتير بتطبخ في المصيف عادي حضرتك- وإنها تغسل الهدوم لو قلبها ميطاوعهاش ترجع بالهدوم دي كلها مكمكمة.. بيحصل وربنا.

– يا العيلة حاجزين شاليه أو شقة، وفي الحالة دي الصعوبات السابقة بتتضاف على جدول الأم للأسف.

 

بجانب طبعًا حاجات تانية ثابتة ومُكررة في الحالتين، زي تلبيس العيال وتقليعهم خمستلاف مرة في اليوم، الشاور اليومي بتاعهم خصوصًا لو صغيرين في السن ومش مسؤولين عن نضافتهم الشخصية، حَط الصن بلوك كل ساعتين، تجهيز أكل يتاكل ع البحر أو البيسين. بالإضافة للجري والفرهدة ورا العيال طول اليوم عشان ياكلوا لو شهيتهم بعافية، أو عشان يتلموا لو طول اليوم تنطيط، خاصةً مع القلق والهلع اللي بقى عند أُسر كتير بسبب حالات الخطف والاختفاء اللي خلِّت الأمهات على أعصابها.

 

بتكون النتيجة إن الأم اللي كان نفسها تسافر تغير جو وتستريح من شُغل البيت وقرفه، أخدت طِبق الأصل العلقة اللي فاتت بس في الغُربة، وهي طالَّة على “view” لطيف مش أكتر. وفي الوقت اللي الأسرة كلها راجعة من المصيف سعيدة وفريش ومجددة نشاطها، بتكون الأم كارهة نفسها، والعيشة، وبتدعي ع اللي شار عليها تتجوز من أساسه.

 

لكل اللي فات ده طبيعي جدًا لينا إحنا معشر النساء، إننا نفهم موقف واحدة ست راجعة من الأجازة وبتقول إن نفسها في أجازة، أو رافعة شعار توبة من دي النوبة لو كنت أعمل في نفسي كده تاني. في الوقت اللي الراجل بيشوف فيه زوجته كئيبة وغاوية نكد ومبيطمرش فيها كل الصَرف اللي صرفه. وعشان كده برضو بالنسبالنا الدراسات اللي بتقول إن حالات الطلاق بتزيد بعد الأجازات، وكذلك الخلافات العائلية والمشاكل بين الأزواج صادقة تمامًا، ومنطقية.

 

وبالتالي.. وفي ظل إن المصيف بقى أحد الأعباء الإضافية في الحياة، هنلاقي في الوقت اللي كل أفراد الأسرة بيعدِّوا الأيام والليالي في انتظار سفرية الصيف، فيه أُم بتقدِّم رِجل وتأخر رِجل، وهي على كلمة واحدة “مخدوش يا بابا، مخدوش يا بابا” لكنها برضو مش فاقدة الأمل في إنها تتعلم من أخطائها، وإن عيالها يكبروا، ومرة من نِفسها تاخد أجازة زيهم، وتخِف تعوم.. ادعوا لهذه الأم، فهي الآن في مصيف.

المقالة السابقة365 يوم أمومة
المقالة القادمةالعيد عيد واللحمة أوروبي
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا