إزاي يتعامل الطفل مع الإساءات اللفظية من الكبار؟

684

“اوعي تكوني زعلتي يا حبيبتي، أنا بقولك كده عشان مصلحتك.. يا بخت من بكاني وبكى عليَّ”.

فتبلع البنت الإهانة وتتكسف وتهز راسها إنها مزعلتش. وتكبر تلاقي نفسها بيتداس عليها، ومتعرفش تتكلم لأنها مش فاهمة أصلاً إن ده بيضايقها.

 

أطفالنا بيتعرضوا لإساءات كتيرة بتشوه نفسيتهم وشخصيتهم. اتكلمنا كتير عن إزاي الطفل يقدر يوقف الإساءات اللي بيتعرضلها من طفل زيه، بس لو كانت الإساءة دي جاية من حد كبير؟ لو رد هيتقال عليه قليل الأدب. إزاي يقدر الطفل يوقف ده؟ هنعرف ده من حواري مع: “نهى النجار”.. المعالج النفسي بهيئة Care الدولية، وباحثة دكتوراه بجامعة عين شمس.

 

– إيه هي أكتر الكلمات اللي بتيجي من الكبار وبتأثر على نفسية الطفل وإحنا شايفين إنها عادية؟

فيه مثلث بيدمر أي شخصية، خصوصًا لو الطفل حساس أو عنيد، “الأوامر، النقد، السلبيات”. كتر الأوامر مؤذي حتى لو بتتقال بطريقة لطيفة.

لو الكبير مبيفصلش في النقد بين كينونة الطفل وتصرفاته، لما يقوله “إنت فاشل” بدل “إنت اتصرفت غلط في الموقف ده”، أو لما يقوله جملة إيجابية وبعدها “بس…”، “إنت شاطر بس لو كنت عملت كذا”. ده بيبقى فيه رسالة مزدوجة بتلخبطه، والـ”بس…” بتمسح كل اللي قبلها وبيثبت في دماغه اللي بعدها بس.

كمان التركيز علي سلبيات الطفل وتكرارها، زي “إنت مبتفهمش، إنت بارد، إنت مش هتفلح”، أو إن الكبير يبقى شايف الطفل بصورة معينة وإنه هيفضل طول عمره كده مهما بذل مجهود واتغير. كل ده بيشوه نفسية وشخصية الطفل من غير ما ناخد بالنا، وفي الآخر بنستغرب هما ليه بقوا مكتئبين ومبقوش يقعدوا معانا ولا يسمعوا كلامنا ولا يثقوا فينا ولا يحبونا.

 

– إزاي يتعامل الأهل مع الإساءات اللي طفلهم بيتعرض ليها من الأقارب أو الكبار؟

أول حاجة الأهل محتاجين يعملوها إنهم يعلموا الطفل إزاي يعبر عن مشاعره بحُرية وميكبتهاش. لأنه لما يتضايق من حاجة ويقدر يعبر عن ده، هيقدر يوقف تكرارها تاني. لما يقول “أنا اتضايقت من الكلمة دي” أو “الكلمة دي أحبطتني”.

تاني حاجة الأهل محتاجين يعلموها للطفل هي إنه يصدق إحساسه، مش اللي بيتقاله. ومهم إن الطفل يتعلم لما يحس بحاجة يسأل “أنا حسيت كذا من كلامك، هو إنت قصدك كده فعلاً؟”.

 

– إزاي الطفل يتعلم يميز الإساءات اللفظية المستخبية في وسط كلام الكبار؟

لو الطفل اتعلم يميز مشاعره ويصدقها، أي حاجة هتخليه يحس بحزن أو تقليل أو أي مشاعر مؤذية، هيعرف إنها إساءة.

 

– إزاي الطفل يقدر يدافع عن نفسه ويوقف الإساءات اللفظية اللي بتجيله من شخص كبير، بدون ما يكون قليل الأدب؟

دفع الإساءة مش معناه إني لازم أعلي صوتي وأتطاول على اللي قدامي، معناه إني أكون حازم وتوكيدي، لا انسحابي ومهزوز فالطرف التاني يستهزأ بيَّ، ولا عدواني فيقولوا عليَّ قليل الأدب. يعني صوتي مش واطي ومش بزعق. وده محتاج تدريبات كتير. وطبعًا كل ما كانت ثقة الطفل في نفسه وتصديقه لمشاعره أكبر، هيقدر يكون توكيدي بشكل أفضل.

 

مهم إن الطفل يبقى عارف إن الكبار ممكن ميبقوش فاهمين إن دي إساءة. أطفال كتير الجدود بيهزروا معاهم بطريقة بتكسرهم، لما الطفل بيعبر عن ده بتوصل للكبير وبيغير أسلوبه لأنه فهم إن ده مش مقبول للطفل، ممكن الطفل يجرب يعمل ده، وممكن يصعَّد الموضوع لحد تاني أكبر منه، لأن مهم إنه يتعلم إن فيه تدريج للسلطة في بعض المواقف مينفعش يتعداه.

 

– إزاي تعزز ثقة الطفل بنفسه عشان يقدر يعمل ده؟

أول حاجة إنه يتعلم يثق في مشاعره، يثق في إحساسه، ميثقش في عقله، لأن عقلنا اتعلم خدع كتير يخدع بيها نفسه عشان يحميها من الألم، بس الحاجة القريبة من فطرتنا “مشاعرنا” بتكون صادقة، محتاجين نتعلم نثق فيها. مهم جدًا إن الطفل لما يحكيلك موقف توصَّله إنك مصدقه ومصدق مشاعره، حتى لو الحقايق بتقول عكس كده. لأن عدم تصديقك له بيكسر جواه ثقته في نفسه وتصديقه لمشاعره.

 

محتاج تستخدم معاه طريقة الاستفهام “هو ده يعني إيه؟ إنت كان قصدك إيه؟ إنت هتعمل إيه في كذا؟”. لما توجهله سؤال بغرض الاستفهام، بيوصله رسائل إيجابية إنه متشاف وله رأي ووجود، والناس بتسأله، وبناء على رده الكبار بيتصرفوا.

وكمان مهم جدًا إن الطفل في السن الصغير يحس إن الأم أو الأب أو الكيان الأكبر منه بيدافع عنه. ده بيسددله احتياج الشعور بالأمان. مينفعش الكبير يهين الطفل قدام الناس، أو يسمح لحد يهينه. ده بيكسر الطفل وبيحسسه بخزي كبير.

 

– يعمل إيه لو كانت الإساءة من شخص صاحب سلطة، زي مدير المدرسة، الأم أو الأب، الجدود؟

ساعتها الطفل محتاج يقول لحد أكبر منه بيثق فيه، ويقدر يعلن عن ده. مش شرط يكون الأم أو الأب، ممكن قريب أو مدرس. طبعًا بتكون مشكلة كبيرة لما الشخص اللي بيثق فيه يكون هو اللي بيسيء له، لأن ده بيلخبطه جدًا، لكن الطفل يقدر يوقف ده لما يحكي لحد تاني في دايرة أمانه، والحد ده يتدخل ويحل الموقف.

 

الطفل محتاج لحد كبير يتعلم منه ويقتدي بيه، لو لقى الأب ضعيف، أو الأم متهاونة في حقها، للأسف هيبقى هو كمان كده، عشان كده محتاجين نتعلم نوكد حقوقنا ونوقف الإساءات ونكون مثال يُحتذى به، مش صورة مشوهة لأطفالنا يتكسفوا منها. ولا نكون إحنا اللي بنسيء إليهم ونستقوى عليهم، لأنهم الحلقة الأضعف اللي هنقدر عليها.

المقالة السابقةمن أنت؟!
المقالة القادمةالشعور بالوحدة في خريف العمر وكيف أحب نفسي؟

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا