حب زمان وحب دلوقتي

1971

 

بقلم/ كاتي عياد

 

كنت كتير أسمع إن الحب هو الحب، مش بيتغير، لكن مع الوقت الحاجات اللي كنت بشوفها حب، بقى صعب قوي أشوفها دلوقتي حب. معرفش الحب اتغير ولا نظرتي اللي اتغيرت.

 

زمان مثلاً كنت ببقى متخيلة مشهد رومانسي يجمعني بحبيبي في الشتا والدنيا تمطر، يقوم مديني الجاكيت بتاعه وأمشي مبسوطة قوي وأنا لابساه، لكن دلوقتي بقيت أحس إن ده مشهد في قمة الأنانية ويمكن الغباء.

 

نظرتي دلوقتي تخليني لو هنزل أقابله في جو زي ده، أقوله طب ما نأجل الميعاد، ولو نفع نأجله يبقى تمام. أو تخليني وأنا نازلة آخذ الجاكيت بتاعي عشان هو ميبقاش مضطر ولا مجبر يديني الجاكيت بتاعه وأبقى بعرَّضه لتعب جسدي معرفش عواقبه إيه، لمجرد إني عاوزة شويتين رومانسية.

 

زمان برضو كنت شايفة الحب انصهار، أو إني أدوب في حبيبي، لكن دلوقتي حاسة ده مش نضج بالمرة، يعني إيه أدوب فيه وكياني يتفتت جواه؟! طيب لما هو يحتاج معين وسند يلاقي مين؟! ما أنا هبقى اختفيت في كيانه، هل كده هبقى بضيفله أي حاجة؟ هل هو مختارني عشان لما أدوب فيه كيانه ينتفخ أكتر، ولا عشان أبقى كائن مستقل رغم شدة حبي، عشان لما يحتاجني يلاقيني واحد صحيح، قادر يسمع ويسند ويحارب عشانه.

 

زمان برضو كنت شايفة الحب نوعين، يا أبقى تابع للي بحبه وأوافق على كل مقترحاته واختياراته، يا أبقى ند له، هو له رأي، يبقى أنا كمان ليَّ رأي، هو بياخذ قرارات، يبقى أنا كمان آخذ قرارات. لحد ما اكتشفت نوع تالت خالص، وهو إن إحنا وجهين لعملة واحدة، بمعنى إن هي علاقة واحدة بتربطنا آه لكن شاملة تركيبتين مختلفتين، كل تركيبة تنفع تتعامل مع مواقف شبهها وتقود المرحلة دي بدون انفصال للآخر. إحنا وحدة واحدة لكن بصورتين مش طبق الأصل.

 

زمان كنت شايفة الحب فيشار وفيلم رومانسي في السينما، دلوقتي بشوفه فيشار بس مع فيلم تراجيدي مثلاً، أصل ليه أستمد مشاعري بحبيبي من قصص أفلام، عارفة إنها مش بتعكس الواقع الحقيقي، وإن الحياة فيها وردي لأن دي رؤية المؤلف. ونشرب مشاعر مش مشاعرنا، لكن الفيلم التراجيدي هنخرج منه بنتناقش في الأفكار والحلول والقصة والأسباب والدوافع، ونخرج بثراء فكري بيضيف لكل حد مننا.

 

زمان كنت شايفة بيتنا مملكتنا أنا وهو بس، عشنا الصغير اللي هنهرب جواه من أي حد ونتقوقع منفردين ببعض فيه، دلوقتي شايفة إن بيتنا هو الدفا لكل اللي بنحبهم ومرحب بيهم أي وقت. إحنا جمعنا حب وعندنا رصيد وافر منه، فطبيعي نقاسمه مع كل اللي بنحبهم لأن الحب بيشفي.

 

زمان كنت بفكر إننا بنحب عشان محتاجين نحب، لكن دلوقتي أدركت إن فيه احتياج أعظم من حاجتي للحب، وهو احتياجي إني أقدم حب، أستمتع بشعوري كوني شخص قادر يطلع مشاعر حلوة من جواه ويديها لحد، لأجل نفس وسعادة الآخر وتلذذ الآخر بإنه محبوب.

 

الحب مش ثابت.. ولا حتى شعور بنشوفه كلنا بنفس الطريقة، الحب بيختلف حسب إنت بتقدمه ليه ولمين وإزاي وهدفك من وراه إيه.. إحنا بنحب بطرق مختلفة ببساطة لأننا أشخاص مختلفين.

 

معرفش الحب اتغير ولا نظرتي اللي اتغيرت

 

المقالة السابقةبين الفرح والتعب والخوف.. خواطر نهاية الحمل
المقالة القادمةلقد تم شحن رصيدكم بنجاح
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا