بين الفرح والتعب والخوف.. خواطر نهاية الحمل

675

 

 

بقلم/ دينا خالد

 

بدأ العد التنازلي، فقد بدأت في الشهر التاسع من حملي الأول، مشاعر متضاربة تجتاحني، وأود حكيها، من بين فرحة وتعب شديدين، وقلق وترقب، أعيش هذه الأيام.

 

أريد أن أحكى لأتخفف، حتى إنني بدأت في الكتابة دون تصور لعنوان مناسب لهذه السطور. سأحكي معظم ما أشعر به، لأن البوح بكل ما يكمن في النفس رفاهية لا أملكها، كما أن اللغة العربية على ثرائها والكلام على كثرته لا يفيان أحيانًا بوصف ما نحمله داخل الروح.

 

1) الفرحة كبيرة جدًا منذ أن علمت أن الجنين فتاة، حتى أن الفرحة بها تجاوزت لحظة معرفتي بخبر الحمل أصلاً، والآن وقد اقترب لقاؤنا جدًا، أشعر بقلق حقيقي من قدرتي على الاهتمام بشؤونها، لا أعلم لماذا! هل هو خوف طبيعي تشعر به كل النساء إذا ما اقترب موعد وضعهن، أم أنني شخص له حساسية عالية تجاه الأحداث؟

 

يهون عليَّ الأمر كثيرًا ما اشتريته لها.. ملابس صغيرة بألوان مبهجة لا تتجاوز القطعة الواحدة منها كف اليد إلا بقليل، وما أقوم به من تجهيزات من غسل ملابسها والسؤال عن أفضل المحال لأغراضها، ومعرفة أسعار الأغراض التي لم يكن لي أي علاقة بها، وسؤال من أثق برجاحة عقلهن عن عدد القطع التي من المفترض أن ترتديها حتى لا تشعر بالبرودة، وتوفر لها مع ذلك حرية الحركة، ولا تسبب لها أي ضيق.. مع القراءة والبحث المستمرين في عدة مواقع وكتب، للحصول على معلومات حقيقية وصحيحة، تعينني على إنجاز دوري الجديد بنجاح.

 

مشاعر وتفاصيل حياتية تمر على قلبي للمرة الأولى في عمري، وتُشعِرني ببهجة عظيمة، وتزيد من ترقُّبي الشديد لرؤية الصغيرة.

 

2) عندما أتممت ابنتي بداخلي ثلاثة أشهر، كتبت لها أولى رسائلي على صفحتي الشخصية على فيسبوك، تحت عنوان “إلى أول فرحتي”. جاءتني تعليقات كثيرة بالمباركة، كما أن رسائل أخرى تلومني على نشر هذا الخبر، خوفًا من الحسد، كان لها نصيب أيضًا.

 

أتذكر إحدى تلك الرسائل بشدة، والتي كان جزء منها ينص على “أنا بشوفك دايمًا إنسانة ذكية وطيبة، بس يا ترى لو واحدة متجوزتش هيكون إحساسها إيه؟ يا ترى لو واحدة متجوزة ولسة مخلفتش هيكون إحساسها إيه؟”، ثم اختتمت الرسالة باعتذار إن كان المحتوى الوارد بها تسبب في ضيقي.

 

أول رد فعل مني على هذه الرسالة أنني رددت بصوت عالٍ نسبيًا سمعه من كانوا في جواري وقتها في مكان عملي “وهو المفروض يكون إحساسهم إيه؟”، كنت أتساءل بجدية، وما زال البحث عن إجابة لهذا السؤال يشغلني.

 

لكن الحقيقة الوحيدة المترسبة بداخلي هي خوفي المتزايد من المجتمع الريفي الذي أعيش فيه، أو بالأدق من العادات المتوارثة التي تتناقلها الكثير من البيوت، بداية بمطالبة الأم باتباع ما سلكته الجدات والخالات والعمات من طرق التربية، واعتبار الأم التي ترفض تلك الطرق بأنها امرأة غير جديرة بتربية طفل، إلى الخوف الشديد من الحسد والرغبة الدائمة في المداراة، حتى في أشياء لا يمكن إخفاؤها ولو لفترة قصيرة.

 

3) الوهن في أعظم حالاته في هذه الأيام، حتى أنني أصبحت أحمل همًّا لكل فعل مهما كان بسيطًا.. أجدني ألعن أحيانًا ذلك السائل اللزج الذي يضغط على جدران مثانتي ويتسبب في استيقاظي ليلاً بشكل مستمر، وأحيانًا أخرى أفاضل بين نوعين من الطعام على أساس أيهما ينتج عنها عدد أطباق أقل. أداء الصلوات بحركاتها من قيام وجلوس أصبح رفاهية، والأدوية اليومية والحقن الأسبوعية المتسببة في ازدياد نسبة الحديد في دمي الفقير به أصبح روتينًا حياتيًا أعيش على مواعيده.

 

4) أكثر ما يهوِّن فترة الحمل هو وجود زوج يتقبَّل تلك التغيرات المزاجية والجسدية بود حقيقي، ويقدم الدعم ولو من خلال كلمة طيبة أو حضن صادق، ولله وحده الفضل في أن زوجي رجل بحق، حاول على قدر جهده أن يكون داعمًا وسندًا حقيقيًا في تلك الشهور الفائتة، والتي تذبذب شعوري بها بين الفرحة حد الطيران والإرهاق حد الألم، وكان هو في كل الأحوال رفيقًا جيدًا.

 

البوح بكل ما يكمن في النفس رفاهية لا أملكها

 

المقالة السابقةالسيدات يخطئن أحيانًا
المقالة القادمةحب زمان وحب دلوقتي
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا