بقلم/ مريم ظريف عيد
لي صديقة تمت خطبتها بشاب تحبه منذ سنوات وكانت قصة حب ملحمية، تحدت فيها الجميع ليقبلوه، ساعدته لتحقيق الكثير من الإنجازات، أعطته حبًا يتمناه كل شخص فينا، فقد أحبته حبًا صادقًا، وكان هو أيضًا يحبها وتحمل من أجلها الكثير، وقبل الزفاف بأيام محدودة تفاجأ الجميع بإنهاء الخطوبة من صديقتي، وبدون سابق إنذار، وعندما توجهنا إليها لنعرف السبب في جلسة فضفضة بين الأصدقاء قالت لأنه ببساطة ملوش دور في حياتي، لو شيلته منها هلاقي حياتي ماشية طبيعي، حاولت واديت أكتر من فرصة لكن هو دايمًا مش موجود.
كانت لي صديقة أخرى تزوجت بشخص أحبته أيضًا، ولكن علاقتهما كان يشوبها بعض الخلافات، وذات مرة زاد خلاف بينهما فوصل إلى أنهما خاصما بعضهما لعدة أيام، وحينها كان موعد أول مقابلة عمل لتلك الزوجة، فتحكي وتقول “جالي قبل ما أنام واعتذرلي واداني ورد، وقالي متخافيش أنا واثق فيكي، طِرت م الفرحة لأن أصلاً أنا اللي كنت غلطانة، مش بس كده، أنا لما صحيت من النوم لقيته أخد اليوم أجازة ووصلني لمكان المقابلة، وفضل مستنيني، ومن وقتها وأنا مش بحب أزعله، ولو عمل حاجة ضايقتني بفتكرله الموقف ده، بنسي أي حاجة على طول”.
المشترك بين القصتين هو رصيد بنك المشاعر، فالأولى اعتمد فيها الخطيب على رصيد أودعه منذ زمن، وظل يسحب حتى نفد الرصيد ووصل لمرحلة الإفلاس العاطفي.. أما الثانية كان الزوج حريصًا بزيادة رصيده، خوفًا من أن يصل لمرحلة “عفوًا لقد نفد رصيدكم”.
بنك المشاعر
يعتبر دكتور “ستيفن كوفي” رائد مبدأ بنك المشاعر، حيث تحدث عنه في كتابه “العادات السبع للناس الأكثر فاعلية”، هناك الكثير من العلاقات التي تربط بين الناس، مثل: صداقة، حب، أخوة، أبوة، أمومة، زواج… وما إلى ذلك، والرابط المشترك بينها هو بنك المشاعر.
فبمجرد أن تنشأ العلاقة بمثابة فتح حساب في بنك المشاعر، ولكن عملة هذا البنك تختلف عن العملات النقدية، فهي عملة أكثر قيمة، مثل: احترام وعود، تحمل مسؤولية، صراحة، ابتسامة، اهتمام، تسامح وغيرها.
وكلما زاد رصيدك في الحساب جعل العلاقة أكثر استقرارًا، وزادت الثقة بين الطرفين، ويظهر مثلاً عند ارتكاب أحد الطرفين خطأ، فرصيده يغطي تكاليف الخسائر. ولكن احذر استمرار السحب دون إيداع، حتى لا يصل الأمر معك كما وصل مع صديقتي الأولى.
وتختلف أرصدتنا، فمثلاً رصيد صديق دراستي القديم لا يكون كرصيد صديقتي منذ الطفولة إلى الآن. كل علاقة ولها حجم رصيدها، لذلك كلما زادت العلاقة استقرارًا احتاجت لإيداع رصيد أكبر، لتكون أكثر ثباتًا وقوة، كعلاقة الأب والأم بأبنائهما.. كعلاقة الزوجة بزوجها.
وهنا تكمن الخطورة، ففي بعض الأحيان ينسى الآباء والأمهات زيادة أرصدتهم لدى أبنائهم، فكم من بيوت انقسمت وافترقت بسبب زيادة الرصيد. وينسى بعض الأزواج زيادة أرصدتهم لدى زوجاتهم، والعكس، فكم من زيجات فشلت بسبب نفاد الرصيد. ففي مشاغل الحياة ننسى زيادة الرصيد، ونكتفي بما أودعناه قديمًا، ولكن السحب المستمر يصل بالعلاقة لمرحلة الإفلاس العاطفي.
لذا أنصح كلاً منا في علاقاته باستمرار الإيداع، ولا تجعل هموم الحياة تأخدك، لنعتبر كل شخص من حولك هو فرع لبنك المشاعر، حيث العملة المتداولة، وبالتالي حاول أن تكون أرصدتك مرتفعة باستمرار عند الجميع، حتى تجد من يمد لك يد العون في شدتك، وتغذية كل علاقة تعتمد على حسب فهمك لاحتياجات من حولك.
ومن العوامل المهمة الاعتذار الصادق
قد تنشغل وترتكب أخطاء كما ذكرت سابقًا، ولكن لنعتبر الأخطاء بمثابة قرض واجب السداد في الوقت المناسب. فالاعتذار الصادق عن الأخطاء يزيد من الرصيد مرة أخرى، ولكن إياك وتكرار الخطأ.. فإن انعدمت الثقة انهدمت العلاقة.
ويؤمن أيضًا الدكتور ستيفن أن من المغذيات الضرورية لحسابك في بنك المشاعر هو الحب الغير مشروط
وتأكدي عزيزتي عند زيادة الرصيد أن تكوني توصلتِ لحل لكل الألم الداخلي والحزن والغضب، فهي حل لجميع الخلافات.
وأخيرًا أود اقتراح شيء بسيط
مع نهاية كل يوم قدمي للطرف الآخر ورقة بمثابة شيك منك، اجمعى فيها رصيده، سواء كلمة تشجيع أو ابتسامة أو اهتمام أو هدية أو احترام وعد.. وغيره. وبلغيه “لقد تم شحن رصيدكم بنجاح” بكلمة شكر.
اشحن رصيدك في بنك المشاعر