بقلم: آن سامي
من فترة قريت مقال مؤثر جدًا على الفيسبوك اسمه “عن عملي الذي دمر حياتي”، كان فيه واحد بيحكي معاناة حبه للشغل، وإن إزاي ده أثَّر على حياته بشكل سلبي جدًا. هو آه بيشتغل الشغل اللي بيحبه، لكن بالمقابل -وللأسف بعد فوات الأوان- اكتشف إنه دمرله حياته.
اللي فكرني بالمقال ده هو دبلومة باخدها عن السلوكيات الإدمانية وطرق الوقاية، وفوجئت إنهم قدموا المقال ده كمثال لنوع من الإدمانات، اسمه “إدمان العمل”، وقالولنا حاجة غريبة جدًا، إن إدمان العمل إدمان شيك.
الموضوع غريب، لأن طلع فيه حاجات ممكن تعمل نفس تأثير المخدرات في الواحد، بتبسط جدًا وبتسلب الحياة في المقابل، وفي نفس الوقت هي حاجة شكلها حلو جدًا، بل ومرغوبة. الكلام ده خلاني أراجع دنيتي حتة حتة، وأسأل نفسي “هل أنا بدمن حاجة خبيثة شكلها حميد؟”.
وهنا نوَّرت اللمبة الحمرا كذا مرة، كمؤشر إن عندي حاجة خطر. ودي خبرتي الشخصية اللي حابة أشاركها معاكم، وعارفة إني هلاقي ناس زيي أو شبهي.
عاوزة أحكيلكم عن الموقع الذي كاد أن يدمر حياتي:
ابتدا الأمر بزيارة موقع الفيسبوك وعمل حساب شخصي لي، ضم سبعة أصدقاء فقط من المقربين جدًا،
بالطبع لم أكتفِ بذلك، صار عدد الأصدقاء أكثر من ألف صديق خلال 6 سنوات.
هذا بالنسبة إلى عدد الأصدقاء، أما بالنسبة لكيفية استخدامه فقد ساعدني هذا الموقع فى العديد من الأمور، منها اكتشافي بأني أمتلك موهبة الكتابة.
كوَّنت العديد من العلاقات، منها القريب والبعيد في العالم الحقيقي، بسبب تواصلنا أولاً من خلال العالم الافتراضي، عاينت اختلاف مستوياتنا الفكرية وتدربت على قبول أننا مختلفون، هذا بالإضافة إلى معرفة الوصفات والخلطات، السرية منها والسحرية، لإزالة البقع و خبز الكيك.
أما بالنسبة للوقت الذي استخدمته في التصفح، فقد كان الكارثة. راقبت نفسي على مدار 3 أيام متتالية فوجدتني لم أترك هاتفي الجوال لحظة، كنت أفعل كل شيء وأنا ممسكة الهاتف بيدي متصفحة الفيسبوك، كنت أعمل وأطبخ وأقوم بأشغال المنزل دون أن يبرح الهاتف من ناظري، وإذا اضطررت لتركه لحظات، كنت أستغل جميع الأوقات المهدرة في التصفح.
ما عدت أنظر لطفلتي أثناء محادثاتنا معًا، كنت أنظر دائمًا للهاتف. أهملت جميع هواياتي، فقدت شهيتي للخبز والإبداع في المطبخ، فقدت الإلهام، لم يعد بذهني طاقة لحب تعلم أي شيء جديد. أهملت الاهتمام ببناتي، سواء نفسيًا أو جسديًا، سيطر الـshare على ذهني، أصبحت أفكر في أن أشارك كل ما يحدث معي دون مبالغة.
كثيرًا ما نفد صبري على أحبائي أو أهملتهم، بسبب اهتمامي الدائم لما يدور في تلك الصفحة ذات الشريط الأزرق. كنت أترك الهاتف قبيل نومي بلحظات، ويتملكني شعور قاتل بالخواء والذنب، ما ذنب بناتي في اختفائي الدائم وراء الشاشة؟ ماذا أنجزت اليوم؟ كيف استخدمت اليوم ما حباه الله لي من مواهب؟
كانت دائمًا الإجابات محبطة، وكانت دائمًا فكرتي عن نفسي بأنني تافهة ضعيفة، أضيع الوقت والإمكانيات من أجل لا شيء.
كل تلك المشاعر والأفكار المحزنة، بالإضافة إلى الطاقة السلبية الرهيبة التي كثيرًا ما صدَّرها لي الفيسبوك، والتي لا أريد أن أستفيض في الحديث عنها.
أحمد الله أني أكتب خبرتي تلك بعد تنفيذي لقرار تحجيم استخدامي للفيسبوك. إنها ليست المرة الأولى التي أتوقف فيها عن متابعة ما يدور به، ولكن الاختلاف في تلك المرة هو الوعي، وعيي بما آلت إليه حالتي، كنت كأني أدفن نفسي حية. وعيي بما أريده تحديدًا من هذا الموقع، فأنا أتصفحه من أجل غرض محدد وليس للتسلية. وعيي بأنني ضعيفة أمام الفيسبوك، وبأني أحب نفسي أكثر كلما سيطرت على استخدامي له.
أدعو الله أن يساعدني كي أعيش حرة، وأن أمشي في خطوات ثابتة نحو حياة ملؤها الحرية، الشبع، النمو، الإثمار والنور.
فيه حاجات ممكن تعمل تأثير المخدرات فينا