كيف يمكن استكمال العلاقة بين الأطفال ووالديهم بعد الطلاق؟

1120

 

بقلم/ داجمار نيوبرونر

ترجمة/ رزان محمود

 

عندما انفصلت عن زوجي، كان أكثر ما يشغلني ويثير إحساسي بالذنب سؤال: ماذا نفعل بأولادنا؟ ولمّا كان الأطفال مخلوقات تتعلق كثيرًا بالأشخاص، فإن هذا التعلق لا يحدث بعد فترة زمنية قصيرة من الولادة، بل يتعمّق أكثر في كل سنة يقضونها مع الوالدين، ويحتاج لتفاعلات كثيرة لتنشيطه. وبعد الآن، لن يصبح أولادي قادرين على الوجود مع كلا والديهم في نفس الوقت على منوال يومي. فما المشكلات التي يمكن أن تنشأ؟

 

تضارب مشاعر التعلّق

لا يستطيع بعض الأطفال دون السادسة (وعادة من هم بأعمار أكبر أيضًا) الاحتفاظ بصورتين من التعلق يرونهما متعارضتين. ولهذا يبدأ الأطفال -خصوصًا الصغار- في رفض أحد الوالدين رفضًا عنيفًا. وذلك لأن الجزء المرتبط بالتعلق في عقل الطفل لم يعد يرى الوالدين متحدين في مكان واحد يوميًا. وعلى هذا، يواجهنا تحدي تقديم أنفسنا للأطفال بوصفنا ما زلنا معًا في أبوّتنا، على الرغم من كل الصعاب ومن انفصالنا كزوجين.

 

لا يعني هذا أنه علينا التظاهر بالوئام عندما لا يكون موجودًا. لكنه قد يعني نقلنا لطفلنا رسالة: “يحبك والدك/ والدتك فعلاً، وبالطبع تحبه/ـها بدورك. وأنا أشعر بالبهجة لأنك تستمتع بصحبته/ـها.”وهذا حقيقي: فبالرغم من تصرف والده/ والدته، فإن طفلك يحب كلا والديه حبًا غير مشروط، ويحتاج لإذنك كي يفعل ذلك. وهذا ليس سهلاً، لكن علينا فعل كل شيء لحماية أطفالنا من فقدان تعلقهم بأحد الوالدين.

 

تطلَّب الأمر مني قوة عظيمة، لكني نجحت في إظهار إشارات واضحة لأولادي تفيد بأنني مستعدة للاستماع إلى قصصهم المتعلقة بأبيهم وإبداء تعليقات ودودة.

 

استعن بالأقارب والأصدقاء

اطلب من أصدقائك وأقاربك لعب دورٍ أكثر فاعلية في التقريب بينك وبين أطفالك، بدلاً من مجرد الهمهمة حول الوالد/ الوالدة الغائب/ـة. من المهم بالنسبة إلينا طبعًا أن يصبح طاقم الدعم الذي استعنّا به في صفنا، لكن من فضلك لا تحاول اجتذابه لصفك في حضور أولادك.

 

من المفيد فعليًا أن تنقل الجدة لطفلك كون كل من أبيه وأمه بخير ويفعلان ما بوسعهما لإبقائه سعيدًا (حتى لو خالف هذا رأيها قليلاً)، إلى جانب التأكيد المستمر بأن المشكلات والشجارات في طريقها للهدوء مجددًا.

 

الدموع ثمينة

في الأحوال المثالية، يبكي طفلنا في نهاية الأمر بين أذرعنا، لأنه يفتقد أباه/ أمه أو كليكما معًا. وحينما تسقط دموع الإخفاق أخيرًا، فإن العقل يعبر عن تقبله لعدم إمكانية تغيير الموقف المحبط، فيسترخي الجسد. وبالنسبة إلينا كوالدين، من الصعب تقبل كوننا نسبب التعاسة لأطفالنا. لكنهم يمكنهم التعامل مع الموقف تعاملاً أفضل إذا سمحنا لهم بالبكاء بين ذراعينا، بدلاً من ابتلاع دموعهم بشجاعة والتظاهر بالسعادة، تجنبًا لأي ردة فعل غاضبة أو حزينة من أبيهم أو أمهم.

 

لا يعبر الكثير من الأطفال عن حزنهم المتعلق بالانفصال، بل عن إحباطاتهم الصغيرة من الحياة اليومية. وعلينا الاستفادة من كل فرصة لطمأنة أي علامات على الحزن في الطفل، وتشجيع التعبير عنها، حتى لو بدا السبب لنا تافهًا. حينئذٍ يستطيع الطفل الشعور بالراحة والإحساس بأننا (إلى جانب الوالد الآخر) يمكننا توفير الطمأنة والأمان له.

 

اسمح بالإحباط

ماذا لو ظلّ الطفل عالقًا في العدوانية المحبَطة؟ هذا مؤلم حقًا ويستنزف الطاقة، لكنه يخبرك أن طفلك محبَط تمامًا. عليك حينها أن تخلق طقوسًا آمنة للتعبير عن ذلك الإحباط. فبدلاً من إيذائك، يمكن للطفل ضرب الوسادة على الكنبة، أو القفز على الترامبولين، أو الصراخ بكل الكلمات السيئة داخل الحمّام ثم شدّ السيفون، ويمكنك أيضًا أن تشارك بنفسك في ذلك أو أن تبدأ الطقس كله. لكل شخص الحق في الشعور بالإحباط والتعبير عنه، والعثور على التقبل لدى الآخر خلال ذلك التعبير.

 

لا تيأس

لا يريد طفلك رؤيتك؟ هل تغلق ابنتك الخط في وجهك عندما تتصل بها؟ لا يردّ ابنك على رسائلك الإلكترونية أو النصية؟ حينها يتبع الكثير من الآباء شِعار “إذا لم تعد تحبني فلن أفرض نفسي عليك”، لكن بدلاً من ذلك واصل محاولاتك، ابقَ ودودًا معهم وابنِ الجسور بينكم، ووصّل لهم إمكانية الاعتماد عليك. إن حاجة أطفالك للاعتناء بهم اعتناءً مسؤولاً متزايدة أكثر مما هو واضح لك الآن.

 

لا توبّخ طفلك ولا تجعله يتحمل مسؤولية مشاعرك. لا تقل “سأشعر بالحزن الشديد إذا لم ترد أن تأتي عندي”، تذكر ما يستمتع طفلك حقًا بفعله أو استكشفه. ومن أفضل ما يدعم التعلّق الحسن بينكما قضاء الوقت المشترك معًا والطقوس الدافئة. ولو أمكنك هذا فامضِ وقتًا جيدًا مع كل طفل من أطفالك كلٍ على حِدة، لتعميق الروابط بينكما.

 

المصدر: اضغط هنا

المقالة السابقةقصة فيلم ولا عزاء للسيدات قصة كل مطلقة مصرية
المقالة القادمةكفاية مذاكرة

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا