سيداتي آنساتي.. من غير سادتي

1246

 

لفترة طويلة نسبيًا قعدت أراقب نفسي، في محاولة لاكتشاف/ إعادة اكتشاف الحاجات اللي بحبها أو اللي بتلفت نظري، بعد تدقيق ومحاولات مستمرة، لقيت إني بحب أتفرج على الأكل وعلى برامج الطبخ، وعلى الصور والموضة، وأسمع أغاني وأتفرج على أفلام، وبنبسط بعمل ده. وساعتها اكتشفت رابط مكانش ظاهرلي بالوضوح ده قبل كده، إن أغلب الحاجات اللي بحبها بتكون للبنات أو بتحكي عنهم أو موجهة ليهم، ممكن أكيد يبقى فيه استثناءات زي صوت علي الحجار وخفة دم محمد فوزي ورشاقة طبخ جيمي أوليفر، لكن بتظل البنات هم البهجة الحقيقية والإلهام اللي بجد واللي ممكن يدفعني ويزقني دايمًا لقدام.

 

من كام يوم كنت في خروجة بنات كتير، بنات أغلبهم أول مرة أشوفهم، وكنت تعبانة ومرهقة جدًا لأن الخروجة دي استنزقتني لحد آخر نقطة، لأنها كمان كانت في يوم أجازتي الوحيد. بس قدرت إني أكمّل أسبوع الشغل اللي بعده، جسمي محتاج يستريح بس روحي ونفسيتي حلوة، لما أعدت التفكير قلت مش كان أحسن إني مخرجش الخروجة دي وأوفّر صحتي وعافيتي عشان أقدر أواصل الشغل! ولقيت نفسي برد عليّ من غير ما أفكر مرتين، لأ أكيد مش هيكون أحسن. الخروج (وبالذات خروجات البنات) بيشحن بطّارية الروح، وده شيء ولا الخروج للسينما ولا النوم في البيت كان هيعمله.

 

بالتعمق في الذاكرة أكتر، افتكرت أيام الحمل، وإني مكنتش قادرة أستوعب يعني إيه هيبقى فيه نونو ومسؤولية وكلام غريب كده الناس بتقوله، وكنت عمّالة أدعي ربنا من قلبي إنها تكون بنّوتة، رغم إني أصلاً مكنتش عايزة يوم الولادة ييجي بسرعة. بدأت أحس إني عايزة أولد بقى، لما نزلت ولفّيت على هدوم البنات، واتفرجت على الفساتين أم كرانيش والبلوزات اللي فيها فيونكة، ساعتها جالي إحساس بالسعادة والتفاؤل وبدأت شوية أتخيل حياتي مع بنّوتة في البيت، لابسة نفس اللبس الحلو ده.

 

بشكل عام لما بفتكر حياتي، بلاقي إن وقت كبير جدًا ضاع في حاجات قد تبدو من غير لازمة، الفُرجة على الأثاث وانبهاري الدائم بالفوتيه اللبني أبو ورد بمبي وأبيض، الستاير الشفافة الملوّنة، اللعب في ألوان المانيكير المختلفة والتقليب في الخواتم وتوّك الشعر. ممكن أقضي ساعات وساعات وأنا بلعب في هدوم البنات واكتشاف شنط الإيد والمايوهات، ومش بزهق ولا بحس إني ضيّعت وقت، لأني بعدها ببقى مبسوطة، لا بتحسر إن الحاجة مش عندي ولا بتضايق إني سايباها وماشية.

 

عجبني الاكتشاف بتاعي، وقررت إني أتعمق أكتر في نفسي اللي مش عارفاها، فلقيت فيه ألبوم عملته في يوم كنت زهقانة فيه لدرجة كبيرة جدًا، قررت أسمّيه “بهججة” وأحط فيه صور الحاجات اللي بتبهجني، وكل الصور اللي حطيتها فيه كانت لازم تتضمن أنثى، سواء كانت مارلين مونرو أو شادية أو درو باريمور وهي صغيرة. اتشديت أكتر وقررت أبص على الحكايات اللي ألهمتني في يوم والأفلام اللي زقتني وخلتني أتحرك من مكاني وآخد خطوة لقدام، طبعًا مش مفاجأة إن أغلب الأفلام دي تكون بتحكي عن واحدة ست خيالية أو حقيقية، عاشت حرب بشكل أو بآخر وانتصرت في الآخر، حتى لو انتصار رمزي، حتى لو انتصار نفسي.. بس انتصرت.

 

لوقت طويل من حياتي كنت بدافع عن المرأة والبنات وحقهم في الحياة وفي الاختيار، بس مكنتش باخد بالي ليه، كنت فاكرة إنه عشان الحق والخير والكلام ده، وساعات كنت أقول أنا فيمينزم محصلتش، بس بعد رحلة اكتشاف الذات دي، لقيت إني كل اللي بعمله هو محاولة رد الجميل لناس ياما بسطوني، وبحكاويهم وإنتاجاتهم خلّوني أتجاوز أوقات صعبة كتيرة في حياتي مكنتش أعتقد إني هقدر أتجاوزها بالشكل ده وتبقى ذكرى مشوّشة.

 

فشكرًا ليكو سيداتي آنساتي.. من غير سادتي.

 

المقالة السابقةمشاكل الستات من ورا الشاشات
المقالة القادمةلسه فيه أمل ف جوازك

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا