انجي ابراهيم

تم نشرة في 07/08/2015

وقت القراءة : 2 دقيقة

المقادير:

ربع كيلو فول تدميس.

كنت بتناقش مع صاحبتي اللي هتتجوز قريب -ادعولها- إن الشيء اللي بيخلي البيت بيت فعلاً هو المطبخ، طول ما الشقة مفيهاش مطبخ هتحسي إنك عايشة في مصيف، الحاجة اللي هتخليكي حاسة إن بقى عندك بيت فعلاَ، هو طقس الطبخ.

طريقة التحضير:

اغسلي الفول كويس وانقعيه ف المية لمدة ليلة كاملة، حوالي 12 ساعة.

من بداية الجواز وأنا بطبخ، أوقات الأكل بيطلع حلو وأوقات بيطلع ميتاكلش، بس بطبخ كويس، فضلت أطبخ حوالي شهر لحد ما حسيت إن نفسي في الفول لأول مرة، فقررت إني أدمس الفول في البيت، لأني مبحبش الفول بتاع الشارع عشان مش بيكون مستوي كويس وبيبقى طعمه مش حلو.

في اليوم ده، وبعد الجواز بحوالي شهر، بقى عندنا بيت.

طريقة التدميس:

صفي الفول من مية النقع وحطيه في الدماسة وعليه مية لحد ما تقريبًا الدماسة تتملي بالمية، سيبيه يغلي وأول ما يغلي وطّي النار وبصي في الساعة، وبعد خمس ساعات اطفي عليه وبالهنا والشفا.

الدفا اللي بيعمله البوتجاز في المطبخ هيحسسك بالطمأنينة جدًا، خاصة لو بتعملي أكلة حميمية زي الفول، أنا بحس إن بيتنا بيت بطعم الفول المدمس، يمكن عشان أنا من الناس اللي الأكل بالنسبة ليهم حاجة مهمة جدًا، والدفا كمان مهم جدًا.

أنا عايشة في بيت بطعم الفول المدمس، بيت فيه بوتجاز بيشتغل لمدة خمس ساعات عشان يعمل أكلة حلوة، وطقوس يوم الخميس بالنسبة ليّ إني بدمس الفول بتاع الأسبوع وأقعد أنا وجوزي سهرانين نتفرج ع التليفزيون أو نتكلم أو حتى نتخانق، وبعدين في نص الليل كده بقوم أعمل عشا مكوّن من الفول وأي حاجة تانية ونقعد نتعشى، يوم الخميس هو اليوم الوحيد اللي بنتعشى فيه، لأن هو اليوم الوحيد اللي بنسهر فيه جنب الفول لحد ما يتدمس.

أنا عايشة في بيت بطعم الفول، بيت فيه الدفا اللي ممكن ميكونش موجود في بيوت كتير من بيوت الجيل بتاعنا، بحب أوي أدخل المطبخ أثناء تدميس الفول وأشم الريحة وأحس بالدفا، الدفا اللي مش جاي من البوتجاز لوحده، جاي من رغبتي في إني أعمل طقوس منزلية خاصة بينا إحنا وبس، وجاية من العشا بتاع يوم الخميس وفطار يوم الجمعة المميز جدًا واللي كل أسبوع بيدي لبيتنا طعم حلو، طعم قديم فيه ريحة العشرة والمحبة والدفا.

قبل ما أبتدي أدمّس الفول في البيت كنا عايشين في شقة جميلة، شيك والشمس بتدخلها من كل حتة، وبسيطة وذوقها عالي، بس بعد ما ابتديت أدمّس الفول في البيت حسيت إننا بقينا عايشين في بيت مش في شقة، بيت جواه حياة كاملة، ارتبطت بالبيت أكتر بكتير بعد ما ابتديت أدمس الفول، وحسيت إن أنا وجوزي بقى عندنا أسرة حتى لو مكوّنة من شخصين بس، بيفضلوا ياكلوا أسبوع في ربع كيلو فول مدمس.

قبل ما أبتدي أدمس الفول في البيت كنت ببص حواليّ للحيطان وأحس إني هفتقدها أوي لما نعزّل، كنت بحزن جدًا لما أحس إني ممكن أمشي من المكان ده واللي ارتبطت بكل ركن فيه وممكن أمشي فيه وأنا مغمضة، كنت بقعد أفكر يا ترى المكتبة هلاقيلها مكان في البيت الجديد ولا لأ؟ طب يا ترى الشمس هتبقى بتدخل بحرية كده من الشبابيك؟ أصل إحنا ساكنين إيجار جديد وهنمشي من البيت ده في يوم من الأيام، كنت حاسة إني مكتوب عليّ أحس بغربة.

بس بعد ما ابتديت أدمس الفول في البيت وأنا بقيت متأكدة إني عمري ما هحس بغربة، والبيت الجديد كمان هيبقى بطعم الفول المدمس، وإني هعرف أخلق الدفا والحميمية في أي مكان هروحه، ومبقتش خايفة من الغربة.

طعم الفول مش بس طعم بيتي، طعم الفول يعني سهرة الخميس، يعني سحور أول رمضان في البيت ده، يعني فطار يوم الجمعة المميز جدًا، طعم الفول هو اللي جاب طعم الدفا للبيت ده، وهو اللي هيفضل يجيب الدفا في أي بيت تاني هنروحه.

أنا بيتي بطعم الفول، وإنتي بيتك طعمه إيه؟