تحت شعار “مفيش حاجة بتفضل على حالها” يُمكن بمنتهى البساطة والإنصاف أن نُدرج كل مفردات حياتنا، فسُنة الحياة التغيير، وما نحن كبشر إلا جزء من الحياة، لذا لا داعي للشعور بالصدمة أو الاكتئاب حين نجد شُركائنا بعلاقاتنا العاطفية قد تغيروا في أفكارهم، مشاعرهم، أو ردود أفعالهم، تمامًا كما نتغير نحن.
في الوقت نفسه لا يُمكن إنكار أن وجود احتماليات دائمة للتغيير فكرة غير مُريحة ولا تبعث على الاستقرار لكن هذا لا يمنع كذلك كونها واقعية والأكثر منطقية. مع الآخذ بالاعتبار أن التغيير لا يجب أن يكون سلبيًا بالضرورة، إذ أن التغيُّرات التي تحدث لنا أو علينا تأتي غالبًا لا نتيجة لتغيير القناعات وإنما بسبب التجربة والتعلم بالتكرار والخطأ.
من أهم التغيُّرات التي قد تطرأ على أي اثنين مُرتبطين: رد الفِعل عند الخناق، وهو ما يختلف مع الوقت نتيجة عدة أسباب أشهرها:
- اختلاف درجة الحُب.
- التأقلم بفِعل العِشرة.
- تكرار ارتكاب ردود الأفعال الخاطئة.
- تكرار استقبال ردود الفِعل المُسببة للخذلان.
ومع الاستمرار في عدم الشعور بالرضا/الارتياح، واللف في دوائر مُفرغة خاصةً مع استمرار الخلاف على نفس الأسباب وارتكاب/استقبال نفس ردود الفعل المُحبطة، يضطر كل طرف لمُراجعة نفسه ومن هنا يأتي التغيير، لنتحول إما لما هو أفضل نتيجة تعلمنا كيف نتجاوز الموقف، أو لما هو أكثر لا مُبالاةً وبرودًا حين نكتشف أننا أصبحنا داخل معركة خاسرة لا تستحق حتى عناء العتاب.
- قبل الخطوبة
سواء كانت مرحلة الارتباط غير الرسمي أو ارتباط رسمي ولكن مازال الطرفان بمرحلة التعارف/قراية الفاتحة، عادًة ما يغلب على تلك الفترة قلة الخلافات خصوصًا بالبدايات، حين يُحاول كل طرف إظهار أفضل ما لديه من تصرفات لإسعاد الآخر وإشعاره بالاهتمام أو مُحايلات ومُحاولات لا تنتهي للمُصالحة عند الغضب.
المرأة
تلجأ المرأة عند الغضب لأحد الأشياء التالية:
إما الغضب المكتوم، والاكتفاء بإشعار الطرف الآخر “إن فيه حاجة مضايقاها” ليصبح عليه السؤال عنها والإلحاح لمعرفتها لأنها غالبًا ستُجيبه في البداية بالرد الأشهر “مفيش”، أو تطلب منه استنتاج ما أغضبها بما إنه يقول أنه يُحبها ويفهمها.
بينما تلجأ فتيات آخريات للبكاء، كما تُجيد بعضهن العتاب بدلع، ليبق رد الفِعل الأفضل من نصيب صاحبات المواجهة والنقاش البنَّاء لحل المُشكلة.
الرجل
في البدايات يستمع الرجل لما يُغضب المرأة أو على الأقل يتظاهر بذلك لكسب وِدها أو حتى ترييح دماغه، رافضًا أن يتركها تبكي أو تنام غاضبةً، لينتهي به الأمر يُغدق عليها بالكلمات والوعود المعسولة أو يُهاديها بهدية تُسعدها، وتنتهي القصة.
المُشكلة أنه غالبًا ما يعود لفعل ما أغضبها بالمقام الأول لأنه في قرارة نفسه لم يستمع لشكواها قَدر اهتمامه بتجاوز الخلاف دون تقديم أي حلول. وإن كان هذا لا ينفي وجود قِلة من الرجال تستمع بصدق وتعرف كيف تحتوي الموقف، وتضع حلًا فوريًا يضمن عدم الوقوع بنفس الخطأ مرة أخرى.
- أثناء الخطوبة
يشعر الشريكان بشكل ما في هذه المرحلة ببعض الاستقرار، ما يجعل الستار ينزاح قليلًا ليتم التعامل بأريحية وتباسط مع الآخر، خاصةً مع كثرة الزيارات العائلية، ما يؤدي إلى اكتشاف جوانب مُختلفة بالطرف الآخر.
ولأن تلك المرحلة مليئة بالالتزامات المادية، والمشاكل العائلية فيما يخص الاتفاقات الدارجة والخطوط العريضة للمستقبل، تصبح العلاقة أكثر عرضةً لوجود الخلافات، لتصبح الخطوبة على خِفتها والاستمتاع الموجود بها حقلًا خصبًا للمشاكل.
المرأة
في الغالب تظل الفتاة تتعامل بنفس الطريقة السابقة، متوقعةً من خطيبها أنه عرفها أكثر ما يُسهل عليه –نظريًا- حل المشاكل حتى ولو لم يكُن سببًا فيها.
الرجل
في حين أن الشاب يتوقع من خطيبته أن تضع بحساباتها كثرة الضغوط التي يتعرض لها بسبب مُغالاة مجتمعاتنا العربية في كل شيء، مُنتظرًا منها أن تشعُر به وتوفر له مناخًا أكثر هدوءًا لا أكثر عكننة.
لذا ومع كل خلاف جديد يصبح هو أسرع غضبًا، بينما تبدأ الفتاة في مُراجعة اختيارها لأنها تُفسر ما يحدث بأنها أساءت الاختيار من الأساس أو على الأقل أن خطيبها لم يعُد يُحبها كالسابق.
- أول الزواج
يتزوج الحبيبان ثم بووووووم، يكتشفان فجأة أنهم لم يعرفا بعضهما جيدًا، ما يجعل الشعور بالمُفاجأة أحد أكثر المشاعر التي يختبرها الطرفان أول سنة جواز. كذلك تأخذ الخلافات طابعًا مُختلفًا نتيجة الخناق وجهاً لوجه.
المرأة
تظل المرأة لا تتعلم من أخطائها وتتصرف بنفس المُنطق القديم، مُنتظرة من الرجل أن يستنتج ثم يأخذ رد الفِعل السليم من نفسه ولو مرة اعتقادًا منها بأن العِشرة تحِل وتربُط أكثر مما تُفرِّق.
الرجل
يتغير الرجال بعد الزواج، أو رُبما يظهرون على حقيقتهم بشكل أوضح!
الرجال بطبعها تكره النكَد، تمامًا كالنساء، الفرق أن المرأة تكره النَكد فتُحاول أن تُعالج ما يُسببه، بينما الرجل يكره النَكد فيهرب منه لا يواجهه، ما يجعله دائم التحجج.
فلا يجوز الخناق على الريق، كما ستُتهمين بأنك “معندكيش دم” إذا جعلتي وقت الخناق فور رجوعه من العمل، أو على الأكل. أما بعد الأكل سيُطالبك بالانتظار حتى ينام قليلًا، وحين يستيقظ سيقول “استني لما أفوق متسربعة على إيه!”، وحين ينتهي اليوم ويحل موعد النوم سيلومك بالطبع لإصرارك على العراك، ومُحاولاتك الدائمة لتنغيص عيشته في حين أنه لا يُريد منك إلا أن ينام.
وقد يكون معه الحق في مسألة اختيار الوقت المُناسب للنقاش حتى لا يحتد أحد على الآخر، غير أن الوقت المُناسب بالنسبة للرجل لا يأتي أبدًا.! ليصبح بتأجيل الخناقة لا يُزيد الأمر إلا سوءًا، والخلاف الذي كان يُمكن أن ينتهي بكلمتين سيكبر ويبتلع الكثير من الحُب فاردًا مساحة لا تُمحى من الخذلان.
بعد سنوات من الزواج
أخيرًا وبعد سنوات طويلة من وجع الدماغ وخبطها بالحيط يتغير أحد الزوجين (غالبًا المرأة)، أو كلاهما، ليصبح مع الوقت من السهل التغاضي عما كان بالسابق قد يُشعل حربًا، أما عند حدوث نقاشًا حول خلافٍ ما سنجد كلا الطرفين أصبح يُدرك رد الفِعل الأنسب للتعامل مع الآخر، فيأتي العتاب هادئًا وعقلانيًا. عتاب لا لغرض العكننة ولكن من أجل وضع بعض النقاط فوق الحروف ثم استكمال الرحلة، ببساطة.
فمع الوقت أيضًا يتعلم الطرفان أن المشاكل جزء على هامش العلاقة، تفصيلة صغيرة ضمن تفاصيل أخرى لا نهائية، ولا يمكن قياس الحُب المُتبقي والمشاعر بين الزوجين عليها، وهو ما يجعل من الطبيعي والمنطقي أن يغضب طرف من الآخر ثم تجدهما يتناقشان في أمر آخر بشكل عادي جدًا دون زيف أو إدِّعاء، إذ أن الزمن كافيًا ليجعلنا نكبر على الخصام،تكسير الأطباق ورزع الأبواب بوجه بعضنا البعض.
وإن كان هذا لا يمنع حدوث خلافات كبيرة من وقت لآخر لكن على فترات مُتباعدة، تجعل المشاكل تبدو مهما كبرت ستمُر، المهم أن يكون الطرفان راغبان في ذلك.
لتبق كلمة السر:
اختيار الوقت المُناسب للنقاش دون تحفز أو أحكام مُسبقة، والتخلي عن العِند الطفولي، وإلا سنستيقظ يومًا لنجد أننا بدلًا من القضاء على المشاكل قضينا على الحُب.